تأكيدات متقاطعة بين بعبدا وعين التينة أنّ الأمور «مش مسكرة».. والحريري مطمئن إلى «حل قريب»
قانون الانتخاب.. بين «تفاؤم» و«تشاؤل»
بين مهلة وأخرى يتنقّل القطار الانتخابي على سكة الأمل بقرب التقاء النوايا الوطنية عند محطة توافقية جامعة قبل فوات المهل والدخول في نفق الفراغ المحظور. بالأمس طويت مهلة 15 أيار «على زغل» توافقي لتصبح الأنظار متجهة اليوم نحو محطة 29 الجاري تاريخ الجلسة العامة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعداً لانعقاد المجلس عشية انتهاء دورته العادية، على أن تبقى نافذة الرجاء مفتوحة إلى ما بعد هذه المحطة إذا ما لاقت مصير سابقاتها في ضوء التوجه إلى فتح دورة استثنائية تكون بمثابة صمام أمان حتى 19 حزيران آخر المهل الدستورية المتاحة لتفكيك صاعق الفراغ التشريعي قبل انفجاره في وجه الجميع بحلول العشرين منه. وبالانتظار تراوح بورصة المباحثات الانتخابية صعوداً وهبوطاً بين «تفاؤم» و«تشاؤل».. تفاؤل مشوب بالخوف من «شياطين التفاصيل»، وتشاؤم مقرون بالرهان على حُسن النوايا وحسّ المسؤولية بضرورة إعلاء المصلحة الوطنية على ما عداها
من مصالح سياسية وحزبية وطائفية إنقاذاً للبلد ومنعاً لانزلاقه نحو مجهول لا تُحمد عقباه ولا ينفع معه الندم.
وإذا كان النصف الفارغ من كأس التوافق لا يزال يضجّ بالتراشق الإعلامي والتقاذف السياسي لمسؤولية إجهاض الحلول بشكل يُهدد باستمرار المراوحة والدوران في حلقات الفراغ المفرغة، غير أنّ نظرة معمقة في النصف الممتلئ منه تُظهر أنّ الأمور «مش مسكرة» نهائياً كما تقاطعت التأكيدات الرئاسية أمس لـ«المستقبل» على ضفتي قصر بعبدا وعين التينة، رغم استمرار التباعد بين الضفتين حيال مقاربة ملفي «مجلس الشيوخ» والدوائر النسبية، سيما وأنّ بري آثر خلال الساعات الأخيرة سحب مبادرة «الشيوخ» من التداول باعتبار صلاحيتها انتهت بانتهاء مهلة 15 أيار، في حين لا يزال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متمسكاً بإنشاء هذا المجلس أو إقرار ما يعادله من الضوابط المنشودة للنسبية. أما في مسألة الدوائر الانتخابية فالجهود تبذل على مدار الساعة لتدوير زواياها الحادة بين تمسك رئيس المجلس النيابي بطرحه النسبي الذي يحصرها بست دوائر وبين إصرار عوني وقواتي على مضاعفتها.
وإلى الدوائر، يبرز كذلك الاختلاف في وجهات النظر حول تفاصيل أخرى في القانون النسبي المنشود أبرزها كيفية احتساب الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة أو القضاء، فضلاً عن رفض بري أي طرح لمسألة نقل مقاعد مسيحية من مناطق مختلطة إلى مناطق أخرى باعتباره طرحاً «يكرّس الكانتونات الطائفية والمذهبية في البلد» كما نقل زواره أمس لـ«المستقبل» مع إشارته في المقابل إلى أنه كما سبق ووعد قبل 15 أيار فإنه بعد انقضاء هذا التاريخ «أطفأ محركاته وينتظر من الآخرين المبادرة».
وكان رئيس الجمهورية قد كرر أمس أمام زواره التأكيد على كون «المجال لا يزال مفتوحاً حتى 19 حزيران المقبل للاتفاق على قانون انتخابي جديد وإقراره»، مجدداً التشديد على ضرورة «اعتماد النسبية مع بعض الضوابط» كشرط لتأمين صحة التمثيل، وسط الإشارة في معرض نفيه أي صبغة طائفية للمشروع التأهيلي على أنّ «انتشار الناخبين المسيحيين السكاني في غالبية الأقضية اللبنانية يُنتج خللاً بالنسبة إليهم حتى وفق القانون النسبي أما بموجب المشروع التأهيلي فهم سيتمتعون بقدرة تمثيلية أكبر داخل طائفتهم، لا سيما وأنّ الانتخاب في لبنان يتم اليوم على أساس طائفي».
ومن قصر بعبدا، حرص رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس على ضخ الإيجابية في عروق الاستحقاق الانتخابي، قائلاً بعد لقائه رئيس الجمهورية: «برأيي، باتت الأمور قريبة جداً إلى الحل وهذا الأمر يتطلب من كل الكتل السياسية أن تدرك أنّ مصلحة البلد أهم من مصلحتها»، لافتاً إلى أنّ عون «حريص على تقدم الأمور بشكل سريع» ومؤكداً العمل في الوقت عينه مع بري ومختلف الأطراف بروح إيجابية للوصول إلى حل توافقي يتيح إنجاز قانون جديد للانتخابات.