طرابلس تودّع «الأفندي»
في مأتم رسمي وشعبي يليق برجل الدولة الذي طوى برحيله «صفحة من كتاب وطني في حياة لبنان صاغته عائلة كريمة قدّمت عظيم التجارب والرجال» وفق تعبير الرئيس سعد الحريري في نعي الفقيد، نكّست طرابلس أمس راياتها في وداع «أفنديها» الرئيس عمر كرامي، وسط حضور حاشد تقدّمه رئيس الحكومة تمام سلام والرئيسان فؤاد السنيورة، بصفته الشخصية وممثلاً الرئيس الحريري، ونجيب ميقاتي، فيما تولّى إمامة مراسم التشييع والصلاة على الجثمان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
وكانت مراسم التشييع (ص 4 5) قد انطلقت صباحاً من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت بموكب رسمي وصولاً إلى قصر آل كرامي في كرم القلة في طرابلس ومنه إلى الجامع المنصوري الكبير حيث أمّ المفتي دريان الصلاة على الجثمان بمشاركة سياسية وعسكرية وأمنية وروحية وشعبية، فأعرب في خطبته عن كونه «يوماً حزيناً فقدنا فيه ركناً وطنياً من كبار هذا الوطن وهذه المدينة المناضلة (…) التي عانت طويلاً ولا تزال تدفع غالياً ثمن التحريض على الفتن المصطنعة وتشويه السمعة الحسنة»، مشدداً في المقابل على عدم إمكانية التقاء «العلم مع التطرف ولا الفكر مع الإلغاء ولا السماحة مع الإرهاب ولا العيش المشترك مع رفض الآخر». ثم توجهت مسيرة الجنازة سيراً على الأقدام عبر شوارع المدينة وأسواقها القديمة إلى مدافن العائلة في باب الرمل حيث ووري جثمان الراحل في الثرى.
رسالة المولد
وكان مفتي الجمهورية قد وجّه في ذكرى المولد النبوي الشريف رسالة عكست معاني السماحة والتسامح للدين وتعاليم «محمد نبي الرحمة (…) الذي تحلّ بشراه هذا العام مقترنةً بذكرى ميلاد المسيح عيسى رسول المحبة»، داعياً في المناسبة إلى وجوب اجتثاث «داء القتل باسم الدين والمذهب».
وإذ حذر في الرسالة (ص 3) من أنّ «وطننا مهدد ونظامنا السياسي مهدد»، أكد دريان أنّ اللبنانيين وحدهم «بعيشهم المشترك قادرون على تنظيم أمور الخروج من المأزق»، معدداً في سياق المخاطر المحدقة بالوطن «الصراع في الجوار الملتهب وتأخر انتخاب رئيس للجمهورية وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، كما تضرع في المناسبة بأن «يوفقنا الله جميعاً للعمل الخالص والمخلص من أجل سلام وسلامة إنساننا ووطننا ودولتنا وأن يطمئننا وأهالي العسكريين المحتجزين إلى سلامهم وسلامتهم وخلاصهم».