الحريري في القلمون ومعراب.. وفرنجية يؤكد لـ «المستقبل» تأييده «الخصخصة بشروط الدولة»
«وثيقة بعبدا» تستنهض الدولة.. والتنفيذ على عاتق المؤسسات
بكل ما أوتيت من قوة دفع عازمة على استنهاض الدولة وتفعيل محركاتها الانتاجية، التأمت القوى الحكومية أمس في قصر بعبدا على مدى أكثر من ساعتين للبحث في سبل تدعيم ركائز الكيان دستورياً وتنشيط دورته الوطنية بمختلف شرايينها الميثاقية والاقتصادية والتنموية والحيوية، لتصدر في نهاية النقاش الذي اتسم بأجواء «ودية ومسؤولة» حسبما وصفتها مصادر اللقاء لـ«المستقبل»، وثيقةً أطلق عليها «وثيقة بعبدا 2017» ورسمت في مضامينها خارطة طريق بنيوية نحو قيام دولة عصرية مدنية تحاكي طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم التطويرية، على أن يبقى «تنفيذ الخطط النهضوية منوطاً بمؤسسات الدولة التي سيكون على عاتقها ترجمة هذه الخطط عملياً على أرض الواقع سواءً تشريعياً في مجلس النواب أو تنفيذياً في مجلس الوزراء» وفق ما لفتت المصادر في معرض تشديدها على كون لقاء بعبدا إنما هو لقاء تشاوري لا يحلّ بأي شكل من الأشكال محل مؤسسات الدولة.
اللقاء الذي عُقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحضور رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري إلى جانب رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة ومن ناب عن بعضهم، خلص إلى الاتفاق، وفق ما أوردت «وثيقة بعبدا» في نصها الذي تم تفنيد بنوده بثلاثة محاور «ميثاقي واقتصادي وإصلاحي» (ص 2)، على استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وإطلاق ورشة اقتصادية وطنية شاملة تطال تأمين البنى التحتية وتطوير قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات والمواصلات، بالإضافة إلى حزمة إصلاحات سياسية ومؤسساتية وقضائية وإعلامية وتربوية، فضلاً عن سبل المحافظة على الثروة البترولية البحرية.
وعن مجريات اللقاء، أوضحت مصادره لـ«المستقبل» أن رئيس الجمهورية طرح في مستهله ورقة للنقاش على المجتمعين فشكلت الركيزة الأساس للبيان الختامي الذي صدر بعد إدخال بعض التعديلات والإضافات والملاحظات عليها، مشيرةً إلى أنّ الصيغة النهائية لوثيقة بعبدا تم إقرارها بالإجماع في ما خلا البند الأول المتعلق بمسألة إلغاء الطائفية السياسية التي تحفّظ عليها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعحع معتبراً أنها مسألة سابقة لأوانها في الوقت الحاضر، بينما أصرّ عون على الشروع أقلّه في الوقت الحاضر بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وفق ما ينصّ اتفاق الطائف.
وإذ أشارت إلى أنّ موضوع مجلس الشيوخ تم تعليق البحث به راهناً ريثما تتهيأ الظروف المناسبة لاستحداثه، نقلت المصادر في هذا الإطار أنّ نقاشاً حصل حول هذا الموضوع بين رئيس مجلس النواب ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل حين أثار الأخير مسألة الميثاقية من زواية الإشارة إلى أنّ تطبيق الطائف يعني حكماً إنشاء مجلس للشيوخ، فردّ بري بالقول: «نحن أول المطالبين بتطبيق الطائف لكنه يقول بأن استحداث مجلس الشيوخ يكون بعد انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وأنا عندما طرحت هذا الموضوع في ملف قانون الانتخاب لم تأخذوا منه سوى الشق المتعلق بمجلس الشيوخ دون سواه من مبادرتي الانتخابية».
وفي خلاصة مناقشات اللقاء، كان تشديد من عون على ضرورة تفعيل عمل الحكومة وتطوير القطاعات الحيوية للبلد كالكهرباء التي دعا إلى تأمينها 24/24 ساعة والمياه والاتصالات والنفط. في حين طالب الحريري بعدم الخوف من مبدأ الخصخصة، مشدداً في هذا الإطار على وجوب وضع وتنفيذ خطة اقتصادية متكاملة بغض النظر عن تكلفتها المادية لأن أي خطة منهجية مدروسة جدياً من هذا القبيل لا شك في أنها ستعود بالفائدة على البلد والناس.
وإثر مشاركته في لقاء بعبدا، عبّر رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية عن تأييده اعتماد مبدأ الخصخصة في سبيل النهوض بالدولة، وقال لـ«المستقبل»: «أنا مع الخصخصة بشروط الدولة»، مضيفاً في ما يتصل بمسألة إلغاء الطائفية السياسية: «بطبيعة الحال نحن نؤيد تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية لكن سيكون من المستغرب أن يُصار إلى اعتماد «كوتا طائفية» في عضوية اللجنة وتوكل إلى أعضائها مهمة إلغاء الطائفية السياسية».
الحريري في القلمون.. ومعراب
ومساءً، برزت الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس مجلس الوزراء إلى بلدة القلمون في الشمال حيث أدى صلاة التراويح في الجامع البحري وسط استقبال شعبي عفوي من أبناء المنطقة الذي تجمهروا رجالاً ونساءً وأطفالاً عند مدخل المسجد لدى سماعهم بخبر وصوله للترحيب بقدومه. وأثناء قيامه بجولة في بعض شوارع البلدة احتشد المواطنون مرحّبين به بحرارة ورشّوا عليه ماء الورد والزهور ونثروا الأرز مردّدين هتافات التأييد لنهجه وسياسته.
وليلاً زار الحريري معراب ملبياً دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» إلى مائدة السحور، وكانت كلمة له أمام المراسلين الصحافيين شدد فيها على أهمية اللقاء التشاوري الذي عقد أمس في قصر بعبدا، مؤكداً أنّ التشاور بين الأفرقاء المشاركين في الحكومة أمر طبيعي ومطلوب لا سيما وأنّ الحكومة مسؤولة عن إجراء الانتخابات وعن النهوض بالدولة وتطوير القطاعات الحيوية كالكهرباء والنفط والغاز، لافتاً الانتباه إلى أنّ هذه الإنجازات لا بد وأن تحصل من ضمن أطر التشاور والتنسيق بين أطراف الحكومة، مع إشارته رداً على بعض الانتقادات التي صوّبت على «لقاء بعبدا» بذريعة اتهامه بأنه يختزل العمل الحكومي إلى أنه على «علاقة ممتازة مع رئيس الجمهورية» مؤكداً عزمهما وحرصهما المشترك على «تحقيق مصلحة المواطن» من دون التوقف عند أي مهاترات يحاول البعض استخدامها بغية عرقلة المسيرة النهضوية في البلد.
وعن الانتخابات والعمل الجاري في سبيل اعتماد البطاقة الممغنطة في الاستحقاق النيابي المقبل، أكد الحريري أنّ الانتخابات ستحصل في موعدها من دون أي تأخير، لافتاً إلى أنه يواكب ليل نهار العمل في سبيل إنجاز البطاقة الممغنطة، مع إشارته في هذا المجال إلى أنّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يعمل على إنجاز هذه البطاقة التي ستكون مهمتها الأساس تسهيل عملية الاقتراع على المواطنين في أماكن تواجدهم.
أما جعجع، فأجاب رداً على استفسارات الصحافيين حول مسار العلاقة بين «القوات اللبنانية» و«تيار المردة» خصوصاً في ظل الأجواء الإيجابية التي غلّفت لقاءه بفرنجية في بعبدا أمس، مشيراً إلى أنّ العلاقة هي «طبيعية بين الجانبين ويتم العمل على جعلها أكثر من طبيعية» في المرحلة المقبلة.
الاتصالات: 200 ألف خط جديد
في الغضون، برز أمس إطلاق وزير الاتصالات جمال الجراح مشروع السنترالات في لبنان بإعلانه فوز شركة «هواوي» في مناقصة لتحديث وتطوير وتوسعة الاتصالات السلكية واللاسكية عبر تقنية LTE – A وIMS. ومن شأن هذا المشروع إضافة 200 ألف خط ثابت جديد، في وقت لدى الوزارة اليوم 100 ألف طلب تعجز عن تلبيتها بسبب قِدم السنترالات التي لا تزال من دون تطوير وتحديث منذ أن أنشأها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وبلغ العرض الذي قدمته «هواوي» 12 مليون دولار، علماً أنّ سعر المناقصة يشمل الصيانة، التدريب، التركيب والدعم لمدة ٥ سنوات، على أن تبدأ عملية الانتقال إلى السنترالات الجديدة اعتباراً من الشهر المقبل بحيث سيشعر المواطن مع انطلاق هذه العملية بتحسن تدريجي في الخدمة لا سيما على صعيد خدمة الـDSL والصوت.