بغداد ــــــ علي البغدادي
وأخيراً.. الموصل حرة وإن مدمرة ولا سيما المدينة القديمة منها، حيث تنتشر أشلاء انتحاريي وانتحاريات «داعش» الذي انهزم وفرّ القليل الباقي من مقاتليه سباحة عبر نهر دجلة حيث لقوا حتفهم.
وبعد 9 أشهر من المعارك التي خاضتها القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، نفضت المدينة المنكوبة عن كاهلها «نكبة» التنظيم الارهابي بعد 3 سنوات من فرض رؤيته المتطرفة على السكان عقب اجتياح المدينة في 10 حزيران 2014.
فعلى وقع دويّ الانفجارات وسحب الدخان التي تغطي سماء المدينة مجّد رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي اثناء زيارته للموصل، «انتصارات القوات الأمنية باستعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش».
ونقل بيان المكتب الإعلامي للعبادي أن«القائد العام للقوات المسلحة وصل مدينة الموصل المستعادة ليبارك للمقاتلين الأبطال والشعب العراقي بتحقيق النصر الكبير».
وبحسب البيان، فإن العبادي اصدر خلال اجتماع موسع عقده مع القادة العسكريين في الموصل «توجيهات بصدد
ادامة الانتصارات والقضاء على عناصر داعش المنهزمة وضرورة بسط الامن والاستقرار في المدينة المحررة وتطهيرها من الالغام والمتفجرات التي خلّفها العدو وحماية المدنيين والنازحين».
وألقى عناصر داعش بأنفسهم في نهر دجلة امس في محاولة للفرار من معركة الموصل بعد تعرضهم للهزيمة على أيدي القوات العراقية.
ونجح رئيس الحكومة العراقية في امتحان استعادة مدينة الموصل التي خسرها سلفه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أمام «داعش» بسبب سياساته المذهبية واسلوب اقصاء وتهميش العرب السنة الذين دفعوا كما اغلب مدنهم ثمنا باهظا دماء ودمارا وتشردا، وهو مسار سيبقى مفتوحا مع وجود مدن اخرى ما زالت تنتظر طرد المتشددين منها في شمال البلاد وغربها.
ويبدو العراق في مرحلة ما بعد داعش بالموصل امام مفترق طرق مابين خارطة طريق لحل مشاكله المتراكمة منذ اكثر من عقد من الزمن، او استمرار الفوضى والخلافات بين الافرقاء السياسيين التي تسهم بتعميق الانقسام المذهبي والعرقي مع وجود ملفات تحتاج الى حل.
وتطفو على واجهة المشهد العراقي تحديات مهمة من بينها قدرة الحكومة العراقية على اعادة دمج العرب السنة في المجتمع المدني مجددا وتأهيل سكان المدن التي خضعت لسيطرة داعش لسنوات نفسيا فضلا عن امكانية تأهيل المدن السنية المدمرة التي سيستغرق وقتا طويلا لإعادتها الى ما كانت في ظل عدم توافر الاموال.
وعانت مدينة الموصل وسكانها التنكيل والقمع على يد تنظيم داعش بعد ان سادت تعاليم قاسية وحملات الاعدام الجماعي والاحكام المتشددة ضد المدنيين، فيما ازال التنظيم المتطرف وحطم ونهب آثارا نفيسة كانت شاخصة منذ قرون طويلة آخرها تفجير المنارة الحدباء التي ارتبط اسم المدينة بها ومسجد النوري الكبير الذي اعلن منه زعيم داعش الفار ابو بكر البغدادي خلافته المزعومة المنهارة على يد القوات العراقية.
ولم تعد هناك اي شواهد على حضارة وتاريخ مدينة الموصل العريقة حيث تحولت المدينة القديمة الى كومة من الركام خصوصا ان تطويق مسلحي تنظيم داعش في المدينة القديمة يبدو انه خطأ جعل غالبية القادة العسكريين العراقيين «ندموا عليه»، كونهم لم يتوقعوا ان يقاوم التنظيم لهذه الدرجة من الشراسة التي جعلت مدينة مثل الموصل نسخة طبق الاصل من المدن السورية كحلب او شبيهة بمدن ليبية مثل سرت.
ووصلت القوات العراقية إلى ضفة نهر دجلة لتكتمل عملية استعادة الساحل الأيمن، اذ قال المتحدث باسم العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، في تصريح صحافي امس إن «30 عنصرا من داعش قتلوا وهم يحاولون الفرار سباحةً في نهر دجلة».
وقبيل استعادة كامل المدينة القديمة من تنظيم داعش اعلن قائد حملة الموصل العسكرية الفريق الركن عبد الامير رشيد يار الله في بيان صحافي امس ان «قوات مكافحة الارهاب استعادت منطقة الميدان ووصلت الى حافة نهر دجلة» منوها الى ان «تلك القوات تتقدم باتجاه منطقة القليعات اخر الأهداف لقوات مكافحة الارهاب ولازال التقدم مستمرا».
وأعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت مقتل أكثر من ألف عنصر من تنظيم داعش في قاطع قواته خلال عملية استعادة المدينة القديمة في أيمن الموصل.
وبدأت القوات العراقية بحملة استعادة الموصل في 17 تشرين الأول الماضي بدعم من التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة نحو 100 ألف من القوات العراقية التي استعادت كل الساحل الأيسر من المدينة في 24 كانون الثاني الماضي ومن ثم بدأت في 19 شباط حملة استعادة الساحل الأيمن.