بعدما كلّلت البلد بأبيضها، وضربت برياحها الأخضر واليابس، وكفّنت بصقيعها 4 نازحين، وخلّفت بصواعقها وأمطارها السيول والكوارث والعتمة.. تبدأ «زينا» انحسارها التدريجي اليوم وسط استنفار رسمي أمني وإغاثي لمواجهة الأضرار الناتجة عن العاصفة «على صعيد المواطنين والممتلكات والأعطال التي لحقت بشبكات المياه والكهرباء والهاتف» بحسب ما جاء في بيان اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث والأزمات إثر اجتماعها الطارئ في السرايا الحكومية حيث أعطى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام التوجيهات اللازمة لضمان سير العمل في المرافق الحيوية والاهتمام بأوضاع مخيمات النازحين وتأمين المساعدات المطلوبة للمتضررين، في حين مدّد وزير التربية الياس بو صعب قرار إقفال المدارس والمعاهد بعد التشاور مع سلام في ضوء المعطيات والتقارير الواردة إلى هيئة الكوارث.
وعلى مستوى الضحايا والأضرار، حصدت العاصفة أرواح 3 سوريين بينهم طفل (8 سنوات) كانوا يشقون طريق النزوح عبر الجرود إلى شبعا، بينما في البقاع (شتورة «المستقبل») تسبّب تدني درجات الحرارة إلى 10 تحت الصفر بوفاة طفل في العاشرة من عمره في مخيم بر الياس للنازحين، في وقت اجتاحت سيول الأمطار خيم النازحين في عدد من المناطق حيث عملت وحدات الصليب الأحمر على تقديم مساعدات غذائية وعينية عاجلة للمخيمات المتضررة بقاعاً وشمالاً وجنوباً، بينما قامت القوى الأمنية والعسكرية وأفواج الدفاع المدني بمساعدة المواطنين المحاصرين بالثلوج، وإغاثة القرى التي عزلتها العاصفة عن محيطها.
في الغضون تسببت العاصفة بأعطال جسيمة على الشبكة العامة للكهرباء ما أوقع العديد من المناطق بعتمة قسرية شملت العاصمة، وأوضحت مؤسسة كهرباء لبنان في بيانات متلاحقة أنّ الأعطال ضربت خطوط التوتر العالي والمتوسط والمنخفض ما أدى إلى انفصال معظم مجموعات الانتاج عن الشبكة كما أدى اشتداد الرياح وارتفاع الأمواج لأكثر من ثمانية أمتار إلى توقف الباخرتين التركيتين «فاطمة غول» و«أورهان بيه» عن انتاج الطاقة. وبعدما أعادت الصواعق عصراً فصل بعض مجموعات الانتاج عن الشبكة الأمر الذي أدى إلى تقنين قاس في بيروت الإدارية، أعلنت المؤسسة ليلاً أنّ الفرق الفنية بذلت أقصى الجهود لإعادة المجموعات إلى الخدمة، مؤكدةً في ضوء ذلك العمل على رفع التغذية في العاصمة تدريجياً لتعود فتنتظم بعد منتصف الليل تزامناً مع إعادة ربط مجموعات الانتاج بحيث بلغت طاقتها التشغيلية 60% من طبيعتها.
حوار عين التينة
سياسياً، وإذ أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلى الثامن والعشرين من الجاري إثر استمرار مسلسل عدم اكتمال النصاب خلال جلسة الأمس، جدد بري الإعراب عن ارتياحه إلى مسار الحوار الجاري في عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، وشدد خلال لقاء الأربعاء النيابي على أنّ «ما تحقق في الجلسة الثانية للحوار أكثر من إيجابي ويتجاوز الاجتماعات الثنائية إلى توفير الغطاء للأمن الوطني والاستقرار العام».
جعجع: الجمهورية أولاً
توازياً، وعلى وقع تحذير المطارنة الموارنة إثر اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك بشارة بطرس الراعي من أنّ إطالة أمد الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى «تُعرّض لبنان للانكشاف أكثر داخلياً وخارجياً» مطالبين المسؤولين عن الشأن العام بتحمّل مسؤولياتهم الوطنية، جدد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع دعوة الكتل النيابية المقاطعة لجلسات انتخاب الرئيس إلى المشاركة في الجلسة المقبلة «باعتبار ذلك أقصر وأسهل حلّ للخروج من الأزمة».
وتطرق جعجع في مؤتمر صحفي عقده على هامش الجلسة الرئاسية أمس إلى ملف الحوار مع «التيار الوطني الحر» قائلاً: نحن جدّيون حتى النهاية في هذا الحوار (…) ليس هناك عداوة شخصية بيني وبين العماد ميشال عون بل المسألة هي اختلاف وتباين في المقاربات». وإذ لفت إلى أنّ الحوار مع عون بلغ «مرحلة تبادل أوّل ورقتي عمل بين «القوات» والتيار» نهار أمس» الأول، أكد جعجع أنّ اللقاء بينهما «ممكن أن يحصل في أي لحظة (…) ولا خلاف على مكانه»، مضيفاً: «الجنرال قال إنه يريد «الجمهورية قبل الرئاسة» وأنا أؤيده تماماً (…) النيّات موجودة بين الفريقين ولا بد من الوصول إلى تصوّر واحد للجمهورية. وأقول مع الجنرال عون نريد الجمهورية أولاً وفي ما بعد يأتي موضوع الرئاسة».