بزغ «فجر.. الدولة»
هو النصر المبين لا يخبو نجمه مهما حاولوا طمس وجهه الشرعي وتخاطفوا وهجه الوطني لحسابات حزبية وإقليمية وفئوية. نصر ليس كمثله نصر، تحرير عزّ له مثيل، بثلاثية «الشرف والتضحية والوفاء» فقط تحقق لا فضل فيه إلا للجيش اللبناني ولو كره الكارهون. من «أمر اليوم» المجيد أمس بزغ «فجر الجرود» ومن القائد الأعلى للقوات المسلحة جاء إعلان «الانتصار على الإرهاب» بالسلاح الشرعي، وبحمى الشرعية وحدها يبزغ «فجر.. الدولة» القوية القادرة حيث لا دويلات مصطنعة ولا معادلات مبتدعة «مثنى وثلاث ورباع» تستطيع أن تحل محلها في الذود عن سيادة الوطن وتحرير أراضيه.. وما مشهد الورد والأرز المتناثر من قاع البقاع إلى بحنين الشمال وزغاريد النسوة وأهازيج الكبار والصغار تهليلاً بقوافل آليات الجيش اللبناني وجنوده العائدين منتصرين من أرض المعركة، سوى عبرة لمن يعتبر.
ولمناسبة انتهاء عملية «فجر الجرود» وانتصار الجيش الحاسم على الإرهاب، وجّه قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس «أمر اليوم» إلى العسكريين ليؤكد عودة «هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة»، وليقول لهم: «إنّ هذا الإنجاز الباهر في مسيرة
الجيش الذي صنعتموه بكفاءتكم القتالية وبروح البطولة والشجاعة التي رافقت خطواتكم في الميدان، قد طوى مرحلة أليمة من حياتنا الوطنية».. وبانتصارهم هذا «أصبحت الثقة بالوطن أكثر جلاءً وبات الأمل بالانفراج الواسع أكثر وضوحاً».
ومن اليرزة إلى بعبدا، انتقلت فاعليات النصر ليتوّجها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإطلالة على اللبنانيين ليزف إليهم «انتصار لبنان على الإرهاب» داعياً إياهم إلى «أن يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية»، متوجهاً بالتهنئة إلى قيادة الجيش والعسكريين «صانعي هذا النصر». وأضاف مخاطباً «اللبنانيين والعالم» بفخر واعتزاز القائد الأعلى للقوات المسلحة: «لبنان انتصر على الإرهاب وكان نصره كبيراً ومشرفاً، هذه البقعة (الحدودية) التي كانت بؤرة للإرهاب ومنطلقاً للعمليات الانتحارية عادت إلى حضن الوطن بفضل الجيش اللبناني الذي أثبت في هذه المعركة النظيفة أنه الجيش القوي، الجيش الوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من أرضنا، وتميّز بمستوى قتال مهني لفت أنظار العالم»، داعياً المواطنين إلى ألا يسمحوا لأجواء «التشنجات السياسية والتجاذبات التي سادت في الأيام الأخيرة» أن تنسيهم إنجاز الانتصار الذي حققه جيشهم.
ثم ألقى قائد الجيش من منبر القصر الجمهوري كلمة استعرض فيها مسار العملية العسكرية ومراحلها منذ فجر 19 الجاري وحتى انتهاء «فجر الجرود» أمس، مشيراً إلى أنّ المعركة بدأت بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلحين قبل أن تنطلق «الساعة صفر» بمراحلها الثلاث ميدانياً «فكان الإرهابيون في وجهنا إما أن يُقتلوا وإما أن يفروا باتجاه الأراضي السورية»، ليحين موعد بدء المرحلة الرابعة والأخيرة من المعركة التي كان مخططاً لانطلاقها عند الساعة السابعة من صباح يوم الأحد الفائت من خربة داوود إلى وادي مرطبيا، غير أنّ اتصال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بقائد الجيش لإعلامه بموافقة الإرهابيين على شرط كشف مصير العسكريين المخطوفين دفع بالمؤسسة العسكرية إلى وقف العمليات حرصاً على جلاء الحقيقة في هذه القضية وانطلاقاً من تفضيل «ربح المعركة من دون خوضها». وإذ أكد تحقيق هدف تحرير الأرض من الإرهابيين بانتظار نتائج فحوص الحمض النووي لإعلان تحقيق الهدف الثاني من المعركة، ختم عون قائلاً: «أعلن انتهاء العمليات العسكرية (…) حقق الجيش الانتصار وبزغ فجر الجرود».
في الغضون، وبينما لفتت الانتباه أمس الأنباء الصحافية التي تحدثت عن اتجاه الولايات المتحدة الأميركية إلى قطع علاقاتها العسكرية بلبنان، جاء خبر اتصال قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل مساءً بقائد الجيش اللبناني لتهنئته على نجاح عملية «فجر الجرود» ليقطع الشك باليقين دحضاً لهذه الأنباء المغلوطة، سيما وأنّ فوتيل نوّه بأداء الوحدات العسكرية اللبنانية في هذه العملية مؤكداً للعماد عون «استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد لتطوير قدراته وتعزيز مهماته».
وتزامناً، كانت مصادر عسكرية قد كشفت لـ«المستقبل» أنّ المسؤولين في اليرزة تلقوا صباح أمس مع بدء شيوع الأنباء عن قطع العلاقات العسكرية الأميركية بلبنان اتصالاً من السفارة الأميركية في بيروت نفى خلاله المعنيون في السفارة هذه الأنباء نفياً قاطعاً، مؤكدين استمرار الدعم العسكري للجيش اللبناني. لتعود قناة «الحرة» الأميركية ليلاً إلى نقل تصريح رسمي عن مسؤول في الخارجية الأميركية ينفي فيه جملة وتفصيلاً التقارير التي تحدثت عن أن الولايات المتحدة اتخذت قراراً بوقف الدعم العسكري للبنان واسترجاع خمسين دبابة حديثة سلمت للقوات المسلحة اللبنانية مؤخراً، قائلاً: «اطلعنا على هذه التقارير وهي ليست صحيحة على الإطلاق»، وأردف: «الجيش اللبناني يدافع بنجاح عن حدود لبنان ويقاتل «داعش» ومتطرفين آخرين على الجبهات وهو المدافع الشرعي الوحيد عن سيادة لبنان وأمنه واستقراره»، مضيفاً: «الجيش اللبناني شريك قيّم في القتال ضد «داعش» ونؤكد استمرار تلتزام الولايات المتحدة بتعزيز قدراته عبر تقديم التدريب والمعدات التي يحتاجها لتعزيز قدرته على حماية لبنان والحفاظ على استقراره»، وختم المسؤول الأميركي: «نصفق لعزم الجيش اللبناني على مواجهة المتطرفين وسنستمر بدعم جهوده في محاربة هذا التهديد المشترك وحماية الشعب اللبناني».