زفّ للبنانيين قرار سداد «السلسلة».. ورفض التعامل مع النظام السوري «لا من قريب ولا من بعيد»
الحريري: التوافق التوافق التوافق
وفق المعادلة السحرية نفسها التي انتشلت البلد من براثن الانقسام والتعطيل وأعادت ضخّ الحياة المؤسساتية في عروق الدولة من رأس الجمهورية إلى مختلف أذرعها التنفيذية والتشريعية والإدارية، نجح مجلس الوزراء مجدداً أمس في اعتماد التوافق سبيلاً وحيداً وأكيداً لتأمين مصالح الوطن وبنيه عبر إيجاد حل تسووي دستوري لملف سلسلة الرتب والرواتب حرص رئيس الحكومة سعد الحريري على أن يزفّه شخصياً للبنانيين معلناً بموجبه قرار سداد الرواتب نهاية الشهر وفق جداول «السلسلة» الجديدة بعدما تأمنت «ثلاثية المعايير الأساسية» لمعالجة الموضوع والمتمثلة بتصميم مجلس الوزراء على «تنفيذ قانون السلسلة واحترام قرار المجلس الدستوري والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي»، مشدداً في هذا المجال على
مركزية «التوافق فالتوافق ثم التوافق» في إطار السعي الحكومي إلى بلورة الحلول لأي مشكلة تعترض سبيل «استعادة الثقة» بالدولة واستنهاض تقديماتها الاقتصادية والاجتماعية والحيوية.
فإثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي أمس، وبعدما كان قد شدد في مستهلها على أنّ «التجاذب والخصام هما أعداء البلد ولا يصبّان في مصلحة إدارة الدولة وتسيير أمور المواطنين»، تحدث الحريري للصحافيين قائلاً: «الحمد لله بعد 4 جلسات خصصتها الحكومة لموضوع تمويل السلسلة، توصلنا إلى مشروع قانون معجّل مكرّر يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة، سنرسله إلى المجلس النيابي لإقراره بأسرع وقت ممكن»، لافتاً الانتباه إلى أنّ المشكلة التي واجهت الحكومة في هذا الموضوع إنما «كانت من ضمن لعبة المؤسسات الدستورية وليست تعبيراً عن مشكلة سياسية أساسية أو مشكلة في التوافق السياسي» الذي أكد أنه هو الذي أنتج الحل «ولو لم يكن التوافق قائماً لكان البلد في مرحلة معقدة وصعبة»، وأردف موضحاً: «بالأمس فتح رئيس الجمهورية ميشال عون باب الحل بشكل كبير وأنا على اتصال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي الأسبوع المقبل نذهب إلى المجلس النيابي للتصويت على كل القوانين» التي أنجزها مجلس الوزراء. ورداً على استفسارات الصحافيين، أكد الحريري أنّ الحل ينصّ، إضافة إلى سداد السلسلة، على إقرار الموازنة العامة في المجلس النيابي وخلال ستة أشهر أو ثمانية يُصار إلى إنجاز كل ما يلزم في ما يخصّ الموازنة وقطع الحساب.
وعن الخلافات السياسية القائمة، جدد رئيس مجلس الوزراء رفضه «التعامل مع النظام السوري لا من قريب ولا من بعيد»، وقال: «هذا الأمر واضح وهذه الحكومة واضحة وبيانها الوزاري واضح فلا يأخذني أحد إلى مكان آخر.. نعم أؤكد أنّ هناك خلافاً سياسياً في هذا الموضوع وأنا غير موافق على أن يجتمع الوزير جبران باسيل مع وليد المعلم ونقطة على السطر».
وإذ أكدت مصادر وزارية إيجابية الأجواء التي خيمت على مجلس الوزراء، أفادت «المستقبل» أنّ الحل الذي أنجز خلال جلسة الأمس تم بتضامن كافة المكونات الحكومية مع تحفظ وحيد سجله وزراء «القوات اللبنانية» تماشياً مع موقفهم المشترك مع «التيار الوطني الحر» الداعي إلى تعليق المادة 87 من الدستور لمرة واحدة استثنائية بغية إقرار الموازنة ونشرها من دون قطع حساب إلى حين إنجاز وزارة المالية «حساب المهمة» من العام 1993.
وعن أبرز تعديلات القانون الضريبي رقم 45 بعد إبطاله من المجلس الدستوري، أشارت المصادر إلى أنّ مجلس الوزراء أقرّ في إطار «قانون معجّل مكرّر» سيرفعه إلى المجلس النيابي بعد غد الاثنين تعديل المادة 11 التي تتناول معالجة الإشغال غير القانوني للأملاك العامة البحرية بحيث أدخلت عليها توضيحات تؤكد أنّ هذه المعالجة لا تُعتبر تسوية للمخالفة أو للتعدي الحاصل على الأملاك البحرية. كما عدّل القانون الجديد المادة 17 منه والمتعلقة بالازدواج الضريبي فجرى شطب عبارة «المهن الحرة» فضلاً عن تعديل عنوان القانون نفسه ليصبح «واردات ضريبية» من دون الإشارة إلى مكامن إنفاقها تماشياً مع قرار المجلس الدستوري عدم جواز تخصيص إيرادات وضرائب لغايات محددة.
وفي حين تم التوافق على أن يتم التصويت على القانون المعجل في المجلس النيابي بطريقة المناداة عبر رفع الأيدي للحؤول دون الطعن مجدداً في شكل إقراره، سيتقدم مجلس الوزراء بمشروع قانون لإقرار موازنة العام 2017 من دون قطع حساب مقرونة بتعهد يؤكد إنجاز الحسابات المالية منذ العام 1993 خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر.