IMLebanon

صيدا تستنفر لنزع سلاح «سرايا المولّدات»

بعدما اجتازت قطوع جريمة «حي البرّاد» وتفاعلاتها
صيدا تستنفر لنزع سلاح «سرايا المولّدات»

 

رأفت نعيم

تقدمت إلى الواجهة من جديد قضية السلاح المتفلت والخارج عن الشرعية لكن هذه المرة من عاصمة الجنوب صيدا وتحت مسمى جديد لـ«سرايا المقاومة» هو «سرايا المولّدات» كما بات يسميها بعض أبناء المدينة، كون هذا السلاح أطل هذه المرة في المدينة متستراً بغطاء تنازع بعض أصحاب المولدات على احتكار سوق اشتراكاتها في بعض أحياء في المدينة ومستبيحاً أمنها واستقرارها ومزهقاً المزيد من الأرواح ومتسبباً بالمزيد من الفوضى والاعتداء على الممتلكات.

فما تواجهه صيدا اليوم بحسب كثير من فاعلياتها ليس مجرد تفاعلات جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد بحسب المصطلح الجنائي للجريمة التي أودت بحياة سراج أسود وابراهيم الجنزوري واستناداً إلى الصور الحية التي التقطتها إحدى كاميرات المراقبة المثبّتة في محيط مكان الجريمة في حي البراد، وإنما ما تواجهه المدينة هو خلفية السلاح المُستخدم ومن استخدمه وتوقيت استخدامه وظهوره بهذا الشكل السافر أولاً في تنفيذ الجريمة نفسها، ثم لاحقاً في الظهور المسلح الذي رافق وتخلل أعمال الشغب، وفي السيارات المُدججة بمسلحي

«سرايا المقاومة» التي جابت شوارع المدينة، وفي الانتشار المسلح في محيط وداخل مستشفى حمود الجامعي الذي نقل إليه الضحايا، وفي ظهور مسلحين مقنعين في بعض أحياء المدينة القديمة.. وما قابل ذلك من استنفار لمناصرين لـ«التنظيم الشعبي الناصري» في أكثر من مكان في المدينة حتى كاد الشارع أن يفلت وكاد الوضع أن يخرج عن السيطرة وأن تتجرع المدينة، إلى مرارة فقدان الأمن وانتشار الفوضى، كأساً آخر أكثر مرارة كتلك التي تجرعتها في أحداث نزلة صيدون التي اندلعت بين «سرايا المقاومة» و«الناصري» في كانون الثاني من العام 2013.

وعلمت «المستقبل» في هذا السياق أن «حزب الله» اضطر وأمام وصول الأمور إلى حافة الانفجار في صيدا لأن يتدخل للجم عناصر «سرايا المقاومة» قبل أن تخرج الأمور مع «الناصري» عن قدرة الحزب على السيطرة عليها، وأن مسؤول «وحدة الارتباط والتنسيق» في الحزب وفيق صفا أجرى بتكليف من قيادة الحزب اتصالات عاجلة مع كل من الشيخ ماهر حمود وأمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور اسامة سعد، وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين على صعيد الجنوب.

اذاً، عاشت صيدا ليلة عصيبة وأمضى أبناؤها والقاطنون فيها ساعات على أعصابهم وهم يشاهدون شوارع المدينة وقد تحولت مسرحاً للفوضى وللاستعراضات المسلحة، قبل أن ينجح الجيش اللبناني والقوى الأمنية في السيطرة على الوضع وملاحقة المسلحين وإعادة الهدوء الى أحيائها وشوارعها.

وغداة أحداث ليل الإثنين، استمر الحذر والترقب مخيمين على المدينة حتى مرور قطوع تشييع ضحيتي تلك الأحداث ظهراً، رغم ما سبقه من أعمال شغب في بعض أحياء المدينة القديمة وما رافقه من إطلاق نار في الهواء، في وقت كانت كل فاعليات المدينة ومسؤوليها الرسميين والأمنيين والعسكريين والقضائيين مستنفرين من أجل لملمة الوضع وتطويق أية تفاعلات أو ردات فعل قبل وخلال التشييع، ومن أجل اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بمنع تكرار ما جرى، فكان اجتماع طارئ لمجلس الأمن الفرعي انتهى إلى قرارات حاسمة استبقتها مخابرات الجيش فجراً بتوقيف نحو سبعة أشخاص من المتورطين في جريمة قتل أسود والجنزوري، فقرر المجلس العمل أيضاً على توقيف مفتعلي أعمال الشغب التي وصفها المجتمعون بـ«غير المبررة» والتي حصلت بعد ارتكاب الجريمة والطلب من المواطنين عدم الانجرار إلى ردات فعل وترك الأمور للأجهزة الأمنية المختصة والطلب من بلدية صيدا إعادة النظر بآلية عمل المولدات الخاصة وفقاً لقواعد تمنع مستقبلاً حدوث أي نزاع بهذا الشأن.

في وقت بقيت النائب بهية الحريري على تواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري ومع عدد من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لمتابعة آخر التطورات في صيدا، وقامت بجولة على بعض فاعليات المدينة لا سيما مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان وقيادة «الجماعة الإسلامية» وشاركت في اجتماع أمني عُقد في مقر قيادة منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي ضم إليها محافظ الجنوب منصور ضو وقائد المنطقة العميد سمير شحادة ورئيس البلدية المهندس محمد السعودي وبعض القادة الأمنيين، حيث نقلت الحريري إلى المجتمعين ما أحدثه مشهد ليل الإثنين بكل تفاصيله لدى أبناء المدينة وقاطنيها من هواجس ومخاوف من تفاقم ظاهرة السلاح المتفلت تحت عناوين مختلفة، مطالبة بوضع حد له، لحفظ أمن واستقرار المدينة وسلامة الناس فيها. وعُلم في هذا السياق أن القوى الأمنية والعسكرية تبلغت من معظم فاعليات المدينة موقفاً جامعاً وحاسماً برفض سلاح «سرايا المقاومة» أو أي سلاح آخر تحت أي مسمى كان طالما أنه خارج عن الشرعية ويُشكل مصدر خطر وقلق أمني دائم للمدينة، والمطالبة بفرض هيبة الدولة وسلطتها وحدها في صيدا من الآن فصاعداً.