IMLebanon

القمة السعودية ـــ الروسية: اتفاقات اقتصادية وتفاهمات سياسية

الملك سلمان وبوتين ركزا على سوريا والعراق وليبيا واليمن والأزمة الخليجية والتسوية الفلسطينية
القمة السعودية ـــ الروسية: اتفاقات اقتصادية وتفاهمات سياسية

 

أرست قمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما شهدته من اتفاقات اقتصادية واستثمارية وتفاهمات سياسية حول معظم القضايا الساخنة إقليمياً ودولياً، أساساً صلباً لـ«تحول تاريخي» في العلاقات بين البلدين، مع تأكيد العاهل السعودي على أن تطوير هذه العلاقات من شأنه أن يخدم الاستقرار العالمي.

واستقبلت القيادة الروسية ضيفها بحفاوة كبيرة، مع إشارة بوتين إلى أن أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا هي حدث رمزي في حد ذاته.

وجرت مراسم الاستقبال في قاعة «أندرييفسكي» في الكرملين، حيث التقى الزعيمان وتصافحا، واستمعا إلى النشيدين الوطنيين للبلدين، ومن ثم بدأت المحادثات بينهما بحضور وفدين من الجانبين.

وأعرب الرئيس الروسي للملك سلمان عن اقتناعه بأن هذه الزيارة ستعطي زخماً إيجابياً للعلاقات الثنائية بين البلدين، مشيراً إلى أن أول زيارة لعاهل سعودي إلى روسيا حدث رمزي بحد ذاته.

وأعاد بوتين إلى الأذهان تاريخ العلاقات الثنائية بين موسكو والرياض، مذكراً بأن الاتحاد السوفياتي كان أول دولة اعترفت بالمملكة العربية السعودية في العام 1926.

الملك سلمان أكد تطلع الرياض إلى تطوير العلاقات مع روسيا لخدمة الاستقرار العالمي.

وحضر اجتماع القمة بين الزعيمين وفدان ضما كبار المسؤولين، حيث مثل الطرف الروسي كل من وزراء الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو والاقتصاد ألكسندر نوفاك، ومساعد

الرئيس يوري أوشاكوف، ورئيس جمهورية الشيشان رمضان قادروف، بينما حضر عن الطرف السعودي كل من وزير الخارجية عادل الجبير ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين.

وفي أعقاب اجتماع مغلق، وصف بوتين مفاوضاته مع الملك سلمان بأنها كانت غنية المضمون ومفصلة ومتسمة بالثقة، وتناولت الملفات الثنائية والإقليمية والدولية العديدة.

وأشاد الملك السعودي بالمشاعر الودية من قبل روسيا، معرباً عن سعادته لزيارة هذه الدولة الصديقة من أجل تعزيز العلاقات بين الشعبين في مختلف المجالات.

وأكد العاهل السعودي تطابق مواقف الرياض وموسكو إزاء العديد من القضايا الدولية، مشيراً إلى أن السعودية سوف تواصل التعاون الإيجابي مع الجانب الروسي في مختلف المجالات، ولا سيما من أجل تحقيق استقرار أسعار النفط.

وشدد الملك على تمسك السعودية بمكافحة الإرهاب والتطرف، وتجفيف منابع تمويلهما، مذكراً بأن الرياض طرحت مبادرة بإنشاء مركز عالمي لمحاربة هذه الظاهرة تحت مظلة الأمم المتحدة وخصصت 110 ملايين دولار لتحقيق ذلك.

ودعا الملك سلمان إلى وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني وتحقيق سلام عادل وشامل على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الأمن الدولي، مؤكداً دعم الرياض لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

وأشار العاهل السعودي إلى أهمية الحل السياسي في اليمن، مطالباً إيران بالتخلي عن التدخلات في شؤون دول المنطقة والأنشطة المقوّضة للاستقرار الإقليمي.

وتطرق الملك سلمان إلى الملف السوري، حيث أكد ضرورة العمل على تطبيق بيان جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 من أجل حل سياسي يضع حداً للعنف ويضمن الأمن والاستقرار ووحدة أراضي البلاد.

وحض العاهل السعودي المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته إزاء قضية مسلمي الروهينغا في ميانمار، والبحث عن حل يحميهم من العنف والمخالفات ويضع حداً لمعاناتهم.

وأشار كذلك إلى أهمية الحفاظ على وحدة أراضي العراق وتوحيد الجهود الداخلية في سبيل محاربة الإرهاب في هذا البلد.

وفي ختام كلمته، دعا الملك السعودي الرئيس الروسي إلى زيارة المملكة، وقبل بوتين هذه الدعوة.

واستقبل خادم الحرمين في مقر إقامته في موسكو مساء أمس وزير الدفاع الروسي حيث جرى استعراض مجالات التعاون العسكري بين البلدين.

وكانت السعودية أعلنت موافقتها على شراء أنظمة صواريخ روسية من نوع S400 الروسية للدفاع الجوي. كما وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية مذكرة تفاهم مع شركة حكومية روسية مختصة في تصدير المنتجات العسكرية، يتم التركيز بموجبها على توطين الصناعة المتطورة للنظم العسكرية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.

لافروف

وبعد المحادثات بين الملك سلمان وبوتين، عقد وزيرا خارجية البلدين لافروف والجبير مؤتمراً صحافياً مشتركاً، أعلن في مستهله الوزير الروسي أن الزعيمين ركزا خلال لقائهما على كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن والأزمة الخليجية بالإضافة إلى التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.

ووصف لافروف المحادثات بين بوتين والملك سلمان بـ«الحوار الودي والمفصّل الذي يقوم على الرغبة المشتركة لموسكو والرياض في تعزيز تعاون متبادل المنفعة في جميع المجالات بشكل ممنهج».

وأشار إلى أن بوتين والملك سلمان «أجريا تبادلاً صريحاً ومعمقاً للآراء حول القضايا الأكثر أهمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، مشددين على «ضرورة تجاوز حالات الأزمة في أسرع وقت ممكن عبر سبل سلمية وسياسية على أساس حوار وطني واسع وبالاعتماد على ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي».

وأضاف أن الزعيمين اعتبرا من جديد خلال تطرقهما إلى جميع قضايا المنطقة، أن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب بشكل حازم، الأمر الذي تهدف إليه المبادرات التي تطرحها روسيا والسعودية في الأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية.

ولفت إلى أن الملك سلمان قوّم ايجابياً خلال محادثاته مع بوتين، الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية في إطار منصة الآستانة، فيما شدد بوتين على أن روسيا ترحب بجهود الرياض لتوحيد المعارضة السورية للمشاركة في المفاوضات.

الجبير

وأكد وزير الخارجية السعودي أن المحادثات بين بوتين والملك سلمان كانت «إيجابية وودية وبناءة جداً»، موضحاً أن الجانبين بحثا قضايا اقتصادية وثقافية وسياسية والتحديات التي تواجهها المنطقة.

وشدد على أن اللقاء شهد «تطابقاً للآراء» حول المسائل التي تم التطرق إليها، لافتاً إلى أن العلاقات السعودية – الروسية «تطورت إلى أفق أفضل مما كانت عليه وأصبحت مميزة». ورأى أن هذه العلاقات تشهد تحولاً تاريخياً.

واعتبر أن «هذا بسبب توجيهات قيادة البلدين وعمل الزملاء في كلا البلدين»: مضيفاً: «هناك حرص على رفع التبادل التجاري بين البلدين وتكثيف التشاور السياسي، وهناك حرص على تكثيف التعاون الأمني لمواجهة الإرهاب والتطرف».

وأكد أن الدولتين ملتزمتان بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، قائلاً: «نتمسك باحترام سيادة الدول والقانون الدولي ومبدأ عدم التدخل».

كما أكد أن بلاده تعمل بشكل مكثف مع روسيا لتحقيق التسوية في سوريا وتبذل جهوداً لتوحيد المعارضة السورية. وقال: «نعمل مع روسيا عن قرب لتوحيد المعارضة السورية المعتدلة وتوسيع نطاقها لتستطيع دخول العملية السياسية في جنيف». أضاف: «نؤيد محادثات الآستانة وأهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والمؤسسات السورية».

كما جدد موقف بلاده المؤيد لوحدة أراضي العراق وأهمية محاربة الإرهاب.

وعن اليمن قال: «ندعم جهود المبعوث الدولي والبحث عن تسوية على أساس المبادرة الخليجية والقرارات الدولية».

اتفاقات

وشهد خادم الحرمين والرئيس الروسي في الكرملين مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج التعاون الموقعة بين حكومتي البلدين.

وفي ما يلي قائمة بالوثائق الموقعة:

– مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.

– مذكرة تفاهم بين وزارة التجارة والصناعة الروسية ووزارة التجارة والاستثمار السعودية.

– خارطة طريق سعودية – روسية للتعاون الاقتصادي والتجاري.

– مذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل والتنمية والحماية الاجتماعية.

– برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين روسيا والمملكة.

– برنامج تعاون في المجالات الزراعية.

– مذكرة برنامج تنفيذي للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.

– مذكرة تفاهم لإنشاء منصة روسية – سعودية للاستثمار في مجال الطاقة.

– مذكرة تفاهم لإنشاء منصة للاستثمار في مجال التكنولوجيا.

– مذكرة تفاهم خاصة للاستثمار في مشاريع للطرق والقطارات الخفيفة.

وتزامنت القمة مع انطلاق منتدى الاستثمار الروسي – السعودي بمشاركة نحو 200 شركة من روسيا والسعودية، حيث ناقش المشاركون آفاق وسبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. كما تم الاتفاق على تأسيس مجموعة عمل معنية بمتابعة المشاريع الاستثمارية المشتركة بهدف تجاوز العراقيل البيروقراطية.(واس، روسيا اليوم، العربية.نت)