بري والحريري يصدّان المزايدة على الفقراء.. وخليل يؤكد اعتماد «إصلاحات تعيد التوازن المالي»
إقرار موارد «السلسلة»: تحصيل الحقوق وتحصين البلد
بين التصويت المسؤول عن الدولة والناس وبين «التصوير» الموثّق للنهج الشعبوي المقامر بمصير الدولة والناس، ضفتان تباعدتا بالأمس تحت قبة البرلمان في مقاربة قانون الضرائب المؤمّن للتوازن بين كفتي تمويل سلسلة الرتب والرواتب وتأمين الاستقرار الوطني عداًّ ونقداً. ففي سياق نجح خلاله كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في صدّ محاولات التلاعب بمشاعر الفقراء والمزايدة عليهم والمتاجرة بمعاناتهم لمطامع انتخابية مكشوفة، أعاد المجلس تصويب المسار الدستوري والقانوني لملف موارد السلسلة امتثالاً لملاحظات المجلس الدستوري، فأقرّ «بالصراخ وليس فقط بالمناداة» على حد تعبير بري، السلة الضرائبية القائمة على ركيزتي تحصيل الحقوق وتحصين البلد بما يحول دون تأمين مستحقات 270 ألف موظف و«خراب بيت» 4 ملايين لبناني حسبما نوّه الحريري خلال مناقشات الهيئة العامة.
وبنتيجة تصويت حاز 71 نائباً مؤيداً و5 معارضين و9 ممتنعين، صادق المجلس النيابي في جلستين صباحية ومسائية على مواد الضرائب الـ17 مع إضافة فقرة على القانون تجيز للحكومة الجباية موقتاً في غياب الموازنة، علماً أنّ بري وبعد ترؤسه أمس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس حدد جلسات متتالية لانتخاب اللجان النيابية الدائمة ومناقشة وإقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2017 أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل.
وفي مجريات جلستي الهيئة العامة أمس (ص 2)، برزت مداخلات لكل من رئيسي مجلسي النواب والوزراء أعادت تصويب النقاش ضمن إطاره التشريعي البعيد عن النزعة الشعبوية، بحيث ورداً على إثارة النائب سامي الجميل مسألة الزيادة الضرائبية من زاوية الضرب على وتر الحرص على الطبقات الفقيرة، لفت بري
إلى «الخطر المالي» المُحدق بلبنان قائلاً: «لا يزايدنّ أحد في موضوع الفقراء كلنا نتحدث عنهم ولكن البلد أيضاً فقير ومعلوماتي أنه من دون ضرائب سينخفض تصنيفه»، وجدّد عزم المجلس النيابي على إقرار الموازنة العامة قبل نهاية هذا الشهر. كذلك استغرب الحريري «المزايدة في موضوع الفقراء» فقال: «كلنا مع الفقراء والضرائب التي تطالهم محددة أما المزايدة فهي مزايدة على البلد» الذي لفت إلى أنه تحمّل أعباء إضافية جراء تكلفة السلسلة «وإذا لم نفرض الضرائب سنلجأ إلى الاستدانة بنسبة 6 أو 7 بالمئة ونزيد الأعباء»، مذكّراً في الوقت عينه بأنّ من يعارض اليوم هذا الموضوع سبق أن وافق عليه.
وإثر انتهاء الجلسة التشريعية المسائية، تحدث رئيس مجلس الوزراء للصحافيين في مجلس النواب وإلى جانبه وزير المالية علي حسن خليل، فأضاء على «مجموعة الأكاذيب والمعلومات المغلوطة» التي رافقت عملية إقرار السلسلة وإيراداتها، وسأل: «من درس السلسلة ومن أقر الضرائب في اللجان والبرلمان أليسوا هم أنفسهم الذي يرفضونها اليوم ويزايدون علينا وعلى الحكومة والناس؟»، مضيفاً: «بصراحة أنا والرئيس بري ورئيس الجمهورية لسنا مغرمين بفرض الضرائب ولكننا مسؤولون ولدينا أمانة لأننا نريد سلسلة ولا نريد فرط البلد». وأردف: «يمكن ألا تكون قراراتنا شعبية، إن كان على مستوى «تيار المستقبل» أو الحكومة أو البلد، وهناك من يزايد عليّ شمالاً ويميناً، إن كان في الحكومة أو في «تيار المستقبل» أو لكوني مسلماً سنياً، دائماً هناك مزايدات على سعد الحريري، ولكن هذه المزايدات لا تهمني، فما يهمني هو أن أكون صادقاً مع الناس، فإذا قدّمنا السلسلة من دون إصلاحات وإيرادات هناك مصيبة في البلد. نعم نريد محاربة الفساد، ولكن كل من يطالبون بمحاربة الفساد كانوا في حكومات سابقة فماذا فعلوا؟ هل حاربوا الفساد؟ نحن في الحكومة أقررنا منذ 10 أشهر قانون انتخاب وسنقر الموازنة في مجلس النواب وسنقوم بقطع الحساب وعملنا وأنجزنا.. غيرنا ماذا فعل؟».
بدوره، أكد خليل أنّ المجلس النيابي من خلال إقرار قانون الضرائب حمى السلسلة وحفظ الوضع المالي في البلد، مشيراً إلى الاتجاه نحو اعتماد «إصلاحات تعيد التوازن للوضع المالي»، ولفت الانتباه إلى أنّ «87% من الإجراءات الضرائبية لا تؤثر على الطبقات الفقيرة»، مضيفاً في سياق إشارته إلى عقد جلسة برئاسة الحريري للتحضير لموازنة العام المقبل: «سترون إجراءات حقيقية باتجاه ضبط الإنفاق ومحاولة زيارة الإنفاق الاستثماري في البلد»، وختم: «واجبنا أن نحرّك الوضع الاقتصادي وتكبيره بطريقة تحمي الاستقرار».