Site icon IMLebanon

عون يتريّث بانتظار استيضاح الحريري  

«الفتوى» تتفهّم استقالة رئيس الحكومة وتؤيده.. و«المستقبل» تُراهن على «وحدة وصلابة» اللبنانيين
عون يتريّث بانتظار استيضاح الحريري
 

على قاعدة «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين»، وبعدما لمس «ما يُحاك في الخفاء» لاستهداف حياته وسط أجواء باتت «شبيهة بالأجواء التي سادت قبيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري».. جاءت استقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لتُشكل زلزالاً سيادياً وسياسياً مدوّياً على امتداد المشهد الوطني دقّ من خلاله ناقوس الشرّ المتربص بالبلد وأبنائه علّ عنصر الصدمة الذي غلّف الاستقالة، بشكلها ومضمونها، يعيد انتظام الأمور إلى سكة الصواب والرشد بعيداً عن منزلقات الاستقواء على الدولة والاستيلاء على قرارها السيّد الحرّ المستقلّ. وفي الأثناء، يواصل رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالاته ومشاوراته في محاولة للملمة الوضع الداخلي وامتصاص الصدمة الوطنية جراء استقالة رئيس الحكومة، علماً أنّ مصادر قصر بعبدا أكدت أمس أنّ عون يتريّث في قبولها ولم يتخذ قراره بالبت بها «لا سلباً ولا إيجاباً» قبل عودة الحريري إلى بيروت واستيضاحه حول الأسباب التي دفعته إلى الاستقالة.

وكان رئيس الحكومة قد توجّه إلى المواطنين في خطاب الاستقالة المتلفز بالقول: «لقد عاهدتكم عندما قبلت بتحمّل المسؤولية أن أسعى لوحدة اللبنانيين وإنهاء الانقسام السياسي واستعادة سيادته وترسيخ مبدأ النأي بالنفس، ولقيت في سبيل ذلك أذىً كثيراً وترفعت عن الرد تغليباً لمصلحة لبنان والشعب اللبناني (…) وانطلاقاً مما أؤمن به من مبادئ ورثتها من المرحوم الشهيد رفيق الحريري ومن مبادئ ثورة الأرز العظيمة، ولأنني لا أرضى أن أخذل اللبنانيين أو أقبل بما يخالف تلك المبادئ، فإني أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة مع يقيني بأن إرادة اللبنانيين أقوى وعزيمتهم أصلب وسيكونون قادرين برجالهم ونسائهم على التغلب على الوصاية عليهم من الداخل أو الخارج»، وختم واعداً إياهم «بجولة وجولات مليئة بالتفاؤل والأمل بأن يكون لبنان أقوى مستقلاً حراً، لا سلطان عليه إلا لشعبه العظيم، يحكمه القانون ويحميه جيش واحد وسلاح واحد».

وبخلاف ما تشتهي أقلام الترويج والفبركة لشائعات وأنباء مختلقة من نسج الخيال، أطلّ الحريري مساء أمس عبر صفحته على موقع «تويتر» بتغريدة أرفقها بصورة تجمعه بالسفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب، مبدياً سروره بلقائه عقب أداء اليعقوب القسم أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مكتبه في قصر اليمامة في الرياض.

«الفتوى».. و«المستقبل»

وفي بيروت، استرعت الانتباه زيارة القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى دار الفتوى حيث أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد اللقاء أنّ «استقالة الرئيس الحريري شكلت صدمة ولم تأتِ من فراغ»، مضيفاً: «نحن نؤيده وندعمه ونتفهم هذه الاستقالة وينبغي أن نعالجها بالروية والحوار»، مع تشديده

على كون «السعودية حريصة على أمن واستقرار لبنان وتريد له الخير كما تريده لسائر البلدان العربية التي تربطها علاقات أخوية مع لبنان واللبنانيين».

أما في «بيت الوسط»، فبرز انعقاد كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماع استثنائي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أعربت في ختامه عن دعم وتأييد موقف الاستقالة الذي اتخذه الرئيس الحريري، داعيةً جميع الفرقاء اللبنانيين إلى «التبصّر في المخاطر التي يتعرّض لها لبنان نتيجة الاختلال في التوازن الداخلي والمخاطر الخارجية»، وشددت في الوقت عينه على أنّ «الشعب اللبناني لن يتراجع ويقبل بمحاولات السيطرة والإخضاع، وهو بإذن الله سينتصر بوحدته وصلابته وتضامن شعبه وإجماعه على المصالح الوطنية اللبنانية العليا».

دعم عربي.. وقلق أممي

توازياً، كانت التطورات اللبنانية محطّ تداول عربي مع رئيس الجمهورية خلال الساعات الأخيرة، بحيث تباحث هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المستجدات الراهنة وسمع منه تأكيداً على وقوف مصر إلى جانب لبنان «دعماً لسيادته وسلامة أراضيه ووحدة شعبه»، كما أجرى عون اتصالاً آخر بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي جدد دعم بلاده «لوحدة اللبنانيين ووفاقهم الوطني ولكل ما يحفظ استقرار لبنان».

في حين، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قلقه جراء خبر استقالة الحريري، آملاً في بيان أن «تركز الأطراف كافة جهودها على دعم استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية من خلال التمسك بالدستور والمحافظة على استقرار البلد وأمنه»، وسط تأكيد «التزام الأمم المتحدة دعم أمن لبنان وسيادته وسلامة أراضيه».