«المطلوب تسوية حقيقية لمصلحة لبنان والعرب.. والمملكة أول داعمي الاستقرار»
الحريري: راجع بعد يومين أو ثلاثة
غداة مشاركته إلى جانب كبار المسؤولين السعوديين في استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى عودته من المدينة المنوّرة، وبُعيد استكمال مروحة مشاوراته الديبلوماسية في الرياض مع كل من سفراء تركيا وبريطانيا وإيطاليا وروسيا، أطل الرئيس سعد الحريري مساء أمس من دارته في الرياض في حوار مع «تلفزيون المستقبل» تطرق فيه إلى قرار استقالته من رئاسة الحكومة وما تلاه من تطورات ومواقف ليزفّ إلى اللبنانيين قراره العودة إلى لبنان قائلاً: «راجع بعد يومين أو ثلاثة».. لتشتعل على الفور مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف المناطق اللبنانية، من بيروت إلى طرابلس والشمال والبقاع والجنوب، بعبارات وتغريدات ومفرقعات التأييد والابتهاج بعودته المرتقبة. في حين برز على شريط المواقف الدولية أمس تأكيد بريطاني على ضرورة عودة الحريري إلى بيروت «من دون مزيد من التأجيل من أجل الاستقرار السياسي اللبناني» كما عبّر وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون مشدداً على وجوب احترام استقلال لبنان «وعدم استخدامه كأداة لصراعات بالوكالة».
وبالعودة إلى المقابلة التي تمحورت حول هدف أساس عنوانه مصلحة لبنان العليا، فقد استهلها الحريري بالإشارة إلى كونه «فخوراً» بالتسوية التي قام بها وليس متراجعاً عنها إنما يريد لها أن تنجح، رابطاً نجاحها بضرورة «التزام الجميع بالنأي بالنفس»، مبدّداً في مضمون كلامه اللغط الذي حصل حول شكل إعلان استقالته من خلال تأكيده أنه أراد من وراء ذلك إحداث «صدمة إيجابية» وقال: «أعرف أنه دستورياً يجب أن أذهب وأقدم استقالتي إلى رئيس الجمهورية (…) أنتم تذكرون أنني جئت أول مرة (إلى الرياض) وثاني مرة، لكن هناك معطيات اكتشفتها في آخر زيارة وقد اكتشفت أننا متجهون إلى مكان أريد
أن أنقذ البلد منه (…) هناك اغتيال للبلد وتهديد أمني لي شخصياً لكن فعلياً هناك مسألة حماية لبنان وأنا أريد أن أحميه».
وإذ أكد أنه هو من كتب بيان الاستقالة، لفت إلى أن مضامينه أتت «من أجل أن يعرف اللبناني كم نحن في خطر لأننا لا نستطيع أن نكمل بطريقة نقول فيها إننا نريد أن ننأى بأنفسنا، وفي الوقت نفسه نرى فريقاً في لبنان متواجداً في اليمن أو في أماكن أخرى أو ننجر إلى علاقات مع النظام السوري»، نافياً في المقابل الكلام عن الإقامة الجبرية في المملكة فقال: «أنا في المملكة حر وإذا أردت أن أسافر غداً أسافر لكن لدي عائلة ويحق لي أن أحافظ عليها فأنا رأيت ما جرى لي عندما استشهد والدي ولا أريد أن يعيش أولادي الأمر نفسه (…) أعمل على زيادة العديد الأمني لدينا، ونتكلم مع شعبة المعلومات في هذا الخصوص وستعقد اجتماعات مع الأمن الخاص والجيش حتى أعود إلى لبنان خلال أيام».
وفي معرض تجديده الاستعداد للتضحية من أجل اللبنانيين، قال: «سأضحي بشروط فليس من المعقول أنّ سعد الحريري وحده يقوم بتسويات والآخرين يكملون كما يريدون، عندما أقوم بتسوية أريد المحافظة عليها (…) النأي بالنفس يعني النأي بالنفس ونقطة على السطر»، مشيراً إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون محق في تشديده على ضرورة «أن أعود إلى لبنان وأقدم الاستقالة له»، وأردف: «علاقتي معه أعتبرها دائماً ممتازة، وعندما أعود إلى لبنان سيحصل حوار طويل عريض مع فخامة الرئيس في أمور عدة وفي كيفية إكمال التسوية بيننا (…) علينا تصويب الأمور من أجل أن نصل إلى النأي بالنفس الذي أقريناه في البيان الوزاري»، مضيفاً: «سأعود إلى بيروت وأقوم بكل الخطوات الدستورية في ما يخص استقالتي وبعدها ندخل بمفاوضات مع كل الأفرقاء السياسيين، وإذا أردنا التراجع عن الاستقالة يجب أن نحترم النأي بالنفس ونخرج من التدخلات التي تحصل في المنطقة (…) أريد تسوية حقيقية وحواراً إيجابياً لمصلحة اللبنانيين ومصلحة العرب».
وعن الحوار، أوضح أنه «يجب أن يحصل بشأن سلاح «حزب الله» وأن يشمل الموضوع الإقليمي في ما يخص التدخلات الإقليمية للحزب (…) ومصلحتنا هي بمسألة النأي بالنفس وأؤكد أنها تكفي»، وتساءل: «أليست إيران من تريد الحوار مع المملكة؟ على أي أساس؟ (…) أقول لـ«حزب الله» مصلحتكم أنتم ومصلحتنا إذا أردنا المحافظة على لبنان أن يكون لنا دور لنبني ونتحاور ونتساعد في هذا الحوار، مصلحتنا أن يكون هناك تخل عن بعض المواقع التي تتدخلون فيها»، معرباً رداً على سؤال عن إيمانه بإمكانية الوصول إلى مكان ما في موضوع السلاح «إقليمياً ربما (…) النأي بالنفس يعني النأي بالنفس، لا يمكننا تحمل أي غموض في هذا الأمر بل يجب أن تكون تسوية نهائية حقيقية مع «حزب الله» بالموضوع الإقليمي».
العلاقة مع السعودية «ممتازة»
الحريري الذي أكد استمرار علاقاته الإيجابية مع المملكة العربية السعودية تاريخياً مع الملوك الراحلين وصولاً إلى «الملك سلمان خاصة»، قال: «يعتبرني كابن له، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يكن لي كل احترام وأنا أكن له كل احترام العلاقة بيننا ممتازة وكل اللقاءات كانت أكثر من ودية، أنا فعلاً أعتبره كأخ وهو يعتبرني كأخ، وفي مراحل كان يقول أنّ سعد هو محمد بن سلمان ومحمد بن سلمان هو سعد، لذلك فإن العلاقة مميزة وممتازة ولا يحاول أحد أن يدخل عليها». وأضاف: «منذ أصبحت رئيساً للوزراء وحتى اليوم لم تتدخل السعودية معي (…) أول دولة تريد للبنان الاستقرار هي المملكة العربية السعودية وكذلك بريطانيا وفرنسا وأميركا». لكنه لفت الانتباه في ما يتعلق بسياسة المملكة الراهنة إلى أنها «تحب بيروت لكنها لن تحبها أكثر من الرياض» حيث باتت هناك صواريخ تتساقط من اليمن وسعوديون يموتون.
تدخلات إيران «مرفوضة»
وبينما حذر من محاولة إدخال لبنان في محاور، ذكّر الحريري في هذا المجال بكلام الرئيس الإيراني حسن روحاني عن استحواذ طهران على القرار بلبنان والعراق واليمن وسوريا، وكشف في ما يتعلق بلقائه الأخير مع مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي أنّه أسمعه عندما استقبله في السراي «كلاماً واضحاً بأنّ التدخلات الإيرانية في البلاد العربية غير مقبولة ونقطة على السطر».
«تفاهم كبير» مع الإمارات
وعن زيارته الأخيرة إلى الإمارات، نوّه الحريري باللقاء «الأخوي» مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقال: «دار بيننا حوار صريح وواضح وكان هناك توافق حول الموقف الذي اتخذته وتفاهم كبير جداً حياله»، مضيفاً: «أتت الزيارة لأبحث مصلحة لبنان وكل ما أقوم به هو من أجل ذلك».
الانتخابات في أيار
أما عن ملف الانتخابات النيابية المقبلة، فأكد الحريري أنها ستُجرى في موعدها. وعما إذا كان سيعيد ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة أجاب: «لدينا انتخابات في أيار ونرى عندها (…) في الأيام القليلة المقبلة سترونني في بيروت ونستكمل مسيرة رفيق الحريري».
دريان.. والراعي
وإذ وجّه رسالة شكر وتقدير إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان «الذي كانت حكمته كبيرة جداً في هذه المرحلة وهو يقول دائماً كلمة الحق»، وضع الحريري زيارة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى السعودية اليوم في إطار «الانفتاح الذي تقوم به المملكة تجاه لبنان والاعتدال وهذا دليل على أنها سائرة بهذا الاتجاه».
الناس.. و«المستقبل»
وعن إعلان «المستقبل» انتظار عودته بفارغ الصبر، أجاب: «بالتأكيد لأنني رئيس الكتلة ورئيس التيار ورئيس الوزراء»، وأردف: «تيار المستقبل هو تياري، هو التيار الأزرق، تيار الاستقلال، تيار لبنان أولاً، وأقول لكل شاب وشابة ولكل كبير وصغير في تيار المستقبل سأعود إن شاء الله قريباً «لا تشيلوا همّ» سنكمل هذا المشوار مع بعضنا جميعاً».
كما توجّه إلى الناس الذين يشكّلون «نقطة ضعف» لديه بالقول: «أشكر كل لبناني ولبنانية من كل الأطراف السياسية الذين يريدون عودة سعد الحريري، وسعد الحريري سيعود وسيتحدى ولن يترك البلد (…) قلبي كبر فعلاً حين شاهدت أننا كلبنانيين لدينا أمل في أن نكون جميعاً مع بعضنا البعض ليس من أجل سعد الحريري لكن البلد هو المهم».