IMLebanon

الراعي يؤكد عودة الحريري «بأسرع ما يمكن»

باسيل في جولة أوروبية مكرّساً سياسة «النأي» بلبنان: لا تصدير ولا استيراد للمشاكل
الراعي يؤكد عودة الحريري «بأسرع ما يمكن»

 

على رغم قصر المدة التي استمهل اللبنانيين انتظارها ريثما تكتمل الترتيبات الأمنية اللبنانية اللازمة لعودته إلى البلد، غير أنّ مهلة الأيام الثلاثة التي أعلنها الرئيس سعد الحريري تكاد لا تنقضي ساعاتها الـ72 بالسرعة المبتغاة وفق التوقيت المحلي والتلهف الوطني العريض لعودته. وعلى وقع الترقب اللبناني والدولي المتصاعد للحظة رجوعه إلى بيروت، أتت الزيارة التاريخية للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى أرض الحرمين الشريفين لتشكّل في إحدى محطاتها في الرياض أمس مناسبةً صحافية لتقصي آخر أخبار عودة الحريري الوشيكة إلى لبنان في ضوء اللقاء الذي جمعهما في قصر الضيافة في الديوان الملكي، فكان جواب الراعي جازماً مطمئناً إلى أنّ الحريري عائد «أكيد أكيد وبأسرع ما يمكن». في حين واصلت كتلة «المستقبل» النيابية أمس مشاوراتها في «بيت الوسط» مواكبةً للمستجدات وسط تشديدها على كون «الأولوية في مناقشاتها واجتماعاتها هي لعودة الرئيس الحريري إلى لبنان من أجل الإسهام في انتظام الأمور واستعادة التوازن على الصعيدين الداخلي والخارجي».

وإذ أكد البطريرك الماروني رداً على استفسارات الصحافيين اقتناعه التام بأسباب استقالة رئيس الحكومة، وصف لقاءه مع الحريري بـ«الحلو كتير» لافتاً إلى أنّه أبدى استعداده «لمتابعة العمل ومواصلة خدمته للوطن على أن يكون هناك كلام مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والقيادات اللبنانية في الأمور التي قدم استقالته من أجلها». في حين كان الراعي قد شدد إثر اجتماعه بكل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أنّ ما سمعه منهما هو بمثابة «نشيد محبة السعودية للبنان التعددية والتلاقي المنفتح على كل الشعوب والحيادي»، وأضاف: «لا شيء يؤثر على العلاقة بين المملكة العربية السعودية ولبنان حتى ولو مرت ظروف صعبة»، ناقلاً في هذا السياق عن الملك سلمان أنه «أفاض في الحديث عن لبنان وعن رغبته الكبيرة في الدعم الكامل لهذا البلد وتقديره للجالية اللبنانية في المملكة». (ص 2)

«النأي بالنفس»

في الغضون، انطلق وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس في جولة أوروبية تهدف إلى استعراض المستجدات عقب

استقالة رئيس الحكومة وإلى تكريس سياسة لبنان الخارجية في النأي به عن المشاكل «استيراداً وتصديراً». وقال باسيل عقب لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس: «لبنان لا يريد إلا أن يعيش بسلام مع جواره في منطقته ومع جيرانه الأوروبيين، فلبنان يُصدّر السلام والثقافة والحوار ولا يُصدّر إرهاباً ولا عنفاً، هو لا يرسل مشاكل إلى الدول الأخرى ولا يود التدخل بشؤونها، فقط يسعى إلى العيش بسلام مع نفسه ومحيطه ولا يرغب بأن يتدخل أحد في شؤونه ولا يعتدي على أحد، هذه هي السياسة الخارجية للبنان التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية (…) استطعنا منع المشاكل عن لبنان ولا نريده أن يُصدّر أي مشاكل لأحد، يكفيه كم احتوى من مشاكل وتحديداً المليون ونصف المليون نازح سوري».

وأضاف باسيل: «لبنان لا يزال مُصراً في هذه المرحلة على العلاقات الطيبة الموجودة مع المملكة العربية السعودية وعلى الإطار الثنائي الذي يسمح لنا بايجاد حل للمشكلة ويكون ذلك بعودة الرئيس الحريري (…) واليوم نحن وفرنسا ننتظر عودته للخروج من هذا الوضع غير الطبيعي فنفتح مرحلة جديدة من البحث عن الحلول للمشاكل التي تعترضنا»، مؤكداً رداً على أسئلة الصحافيين أنّ لبنان لا يريد «الأذى» للسعودية وأردف: «لا يمكن أن يُتّهم لبنان بإطلاق صاروخ من بلد ما إلى بلد آخر، ولا علاقة لنا به، وإن كان هناك مشاكل مع إيران فلتتم معالجتها مع إيران».

وكان وزير الخارجية الذي انتقل بعد باريس إلى لندن، قد استهل جولته الأوروبية من بروكسيل حيث التقى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي توقعت عودة الرئيس الحريري إلى بيروت «في غضون أيام»، مبديةً التزام الاتحاد «الكامل بدعم استقرار لبنان ووحدة وسيادة أراضيه وعدم تدخل أي دولة في شؤونه الداخلية».

توازياً، تواصلت المواقف الأوروبية المتابعة لمستجدات الأزمة اللبنانية والمؤكدة على ضرورة عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، بحيث شدد رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب خلال جلسة مساءلة لحكومته أمام البرلمان: «المطلوب هو أن يتمكن الحريري من العودة بحرية إلى بلده لتوضيح وضعه طبقاً للدستور اللبناني»، موضحاً أنّ استقالته فتحت الباب أمام «مرحلة من الشكوك لا بد من إنهائها سريعاً»، وتابع: «فرنسا تولي دائماً اهتماماً خاصاً بلبنان الذي يظل مثالاً للتنوع ويجب الحفاظ عليه بأي ثمن في منطقة نزاعات (…) وبإزاء هذا الوضع، تتدخل فرنسا حتى يلتزم الأطراف اللبنانيون وكل الذين لديهم نفوذ في لبنان من أجل عودة الوضع إلى طبيعته في أسرع ما يمكن». في وقت، لفت موقف للمتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغريك أمس قال فيه رداً على استفسارات الصحافيين في نيويورك حول استقالة الحريري: «نحن قلقون بشأن موقفه ولا نملك أي معلومات مستقلة حول وضعه الحالي»، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة تترقب «مزيداً من الإيضاح في أسرع وقت ممكن بشأن غيابه» عن لبنان.

وفي بيروت، تلقى رئيس الجمهورية ميشال عون أمس اتصالاً هاتفياً من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أكدت له خلاله متابعتها «للتطورات في لبنان بعد إعلان الرئيس الحريري استقالته»، منوهةً بالدور الذي يلعبه عون لايجاد حل لهذا الوضع ومشددةً على وقوف بلادها إلى جانب الدولة اللبنانية وعلى كونها تجري اتصالات مع الدول الأوروبية «لمعالجة هذه الأزمة انطلاقاً من الحرص على سيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل في شؤونه الداخلية».

كما تلقى عون على المستوى العربي، دعماً من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح «للجهود التي يبذلها كي يتجاوز لبنان الظرف الدقيق الذي نتج عن إعلان رئيس مجلس الوزراء استقالته» مجدداً وفق ما نقل السفير الكويتي عبد العال سليمان القناعي خلال زيارته قصر بعبدا أمس «وقوف الكويت إلى جانب سيادة لبنان واستقلاله وحريته».