بيان القاهرة يصنّف «حزب الله» إرهابياً ولبنان يلتزم «النأي بالنفس»
«رسالة حزم» عربية لإيران
وجه الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، أمس في القاهرة، «رسالة حزم» إزاء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول، مشدداً على أن إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع تجاه مدينة الرياض «بمثابة عدوان من قبل إيران وتهديد للأمن والسلم القومي العربي والدولي»، واصفاً «حزب الله» بأنه «إرهابي (…) يدعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية»، وهو ما تحفظ عليه لبنان مؤكداً في الوقت نفسه التزامه «النأي بالنفس».
جاء ذلك في قرار أصدره المجلس الوزاري العربي برئاسة جيبوتي (الرئيس الحالي) للمجلس تحت عنوان: «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية».
وشرح المجلس في هذا السياق ما ينطوي عليه تطوير برنامج الصواريخ الباليستية «من طبيعة هجومية تقوض الادعاءات الإيرانية حول طبيعته الدفاعية، وما يمثله من تهديد داهم للأمن القومي العربي».
كما كلف المجلس المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح ما قامت به إيران من انتهاكات لقرار مجلس الأمن (2216)، بتزويد الميليشيات «الإرهابية» في اليمن بالأسلحة.
واعتبر «إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية باتجاه مدينة الرياض بمثابة عدوان من قبل إيران، وتهديد للأمن القومي العربي والدولي، وإبلاغ مجلس الأمن بضرورة القيام بمسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين».
وقرر المجلس استمرار إدراج «بند التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية» على أجندة منتديات التعاون العربي مع الدول والتجمعات الدولية والإقليمية، مطالباً الأمين العام لجامعة الدول العربية بمتابعة تنفيذ القرار وتقديم تقرير حول الإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الشأن إلى الدورة المقبلة للمجلس.
ودان «بشدة» عملية إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية من قبل الميليشيات الموالية لإيران (الحوثي- صالح) والذي استهدف مدينة الرياض، واعتبار ذلك عدواناً صارخاً ضد المملكة العربية السعودية وتهديداً للأمن القومي العربي.
وأكد «حق المملكة العربية السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، ومساندتها في الإجراءات التي تقرر اتخاذها ضد تلك الانتهاكات الايرانية» في إطار الشرعية الدولية.
كما دان «جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في مملكة البحرين وآخرها تفجير خط أنابيب النفط البحريني واعتباره عملاً إرهابيا قامت به مجموعة مدعومة من إيران والحرس الثوري الإيراني».
واستنكر المجلس «التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين من خلال مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية».
كما دان كذلك «مواصلة التصريحات على مختلف المستويات الإيرانية لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار، وتأسيسها جماعات إرهابية بالمملكة ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي».
وأوضح أن ذلك «يتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي» مؤكداً «دعم مملكة البحرين في جميع ما تتخذه من إجراءات وخطوات لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية للحفاظ على أمنها واستقرارها».
وأشاد المجلس «بجهود الأجهزة الأمنية بالمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين التي تمكنت منإاحباط العديد من المخططات الإرهابية وإلقاء القبض على أعضاء المنظمات الإرهابية الموكل اليها تنفيذ تلك المخططات والمدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي».
ودان كذلك استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة طبقاً للقانون الدولي.
وطالب إيران «بايقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلحة في الدول العربية وبخاصة تدخلاتها في الشأن اليمني والتوقف عن دعمها للميليشيات الموالية لها والمناهضة لحكومة اليمن الشرعية ومدها بالأسلحة وتحويلها إلى منصة لإطلاق الصواريخ على جيران اليمن وتهديد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر».
وأوضح المجلس أن هذا الأمر «ينعكس سلباً على أمن واستقرار اليمن ودول الجوار والمنطقة بشكل عام ويُعتبر خرقاً واضحاً لقرار مجلس الأمن 2216».
من جانب آخر حمّل «حزب الله اللبناني الإرهابي الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية».
وأكد ضرورة توقف حزب الله «عن نشر التطرف والطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم تقديم أي دعم للإرهاب والإرهابيين في محيطه الإقليمي».
وقرر المجلس «حظر القنوات الفضائية الممولة من إيران والتي تبث على الأقمار الصناعية العربية باعتبارها تشكل تهديداً للأمن القومي العربي من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية».
الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط قال في ختام الاجتماع الذي عُقد بطلب من السعودية: «لن نعلن الحرب على إيران في المرحلة الراهنة».
وأعرب أبو الغيط، عن أمله في أن «يتغير النهج الإيراني وأن تصل الرسالة إلى الإخوة في إيران والتي مفادها أن هناك غضباً وضيقاً عربياً».
وقال أبو الغيط: «بصفة عامة كان هناك تأييد من كافة الدول المُشاركة في الاجتماع للقرار.. كان هناك تحفظات من الوفد اللبناني تحديداً في ما يتعلق بدور حزب الله»، مضيفاً أن «الجانب العراقي وعد بأن يوافي الأمانة العامة غداً بكتاب يتضمن رؤيته للتحفظات».
وغاب وزير الخارجية جبران باسيل عن الاجتماع وتمثل لبنان بمندوبه الدائم لدى الجامعة العربية انطوان عزام.
واعترض الوفد اللبناني على ثلاث فقرات في القرار العربي يوصف فيها «حزب الله» بالإرهابي وعلى الإشارة إلى مشاركته في الحكومة.
وكان عزام ألقى كلمة شدد فيها على أن لبنان «سعى جاهداً إلى تحصين ساحته الداخلية من خلال إطلاق مسار حكومي هادف كضمانة لتماسك الكيان ضمن مؤسسات الدولة وبما يحفظ السلم الأهلي، توازياً مع القيام بكل ما يمكن لتقوية علاقات لبنان مع أشقائه العرب واتخاذ الموقف الواضح من كافة القضايا التي تحظى بالإجماع العربي من دون المس بوحدتنا الداخلية. أما القضايا الخلافية، فقد آثر لبنان الرسمي، وبالاستناد إلى موقفه المبدئي القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بالابتعاد عن كل ما يمكن أن ينقل التوتر الى ساحته الداخلية، ملتزماً النأي بنفسه لعدم قدرته على التأثير ايجاباً في الصراعات الدائرة من حوله، مكتفياً بتحمل الأعباء الإنسانية الناجمة عن تحوله إلى بلد نزوح بامتياز».
وقال عزام: «الجمهورية اللبنانية لن تبخل، ضمن الحدود الضاغطة لإمكاناتها وللهوامش المتاحة لقدرتها على التأثير، في توفير شتى أنواع التضامن والدعم لأي دولة عربية تحدق بها الأخطار والتهديدات، معولين على استمرار دعم الأشقاء العرب للبنان الذي لا ضمانة له وللعرب معاً خارج سيادة وكرامة واستقلال مؤسساته».
أضاف: «يبقى لنا أن نقول حول مسألة كيفية التصدي للتدخلات الخارجية في الدول العربية من أي جهة غير عربية كانت، بأن المسؤول عن نفاذ شتى أنواع التدخل الخارجي في شؤون دولنا العربية، هو التراجع في منظومة الأمن القومي العربي جراء التباعد والانقسام، هو الفراغ الذي لا تتردد أي من القوى الإقليمية والعالمية في العمل على استغلاله وملئه وفقاً لمصالحها، هي الانقسامات الداخلية ضمن البلد الواحد وصولاً إلى الحروب الأهلية الدامية، هو ضعف مؤسسات الدولة وتراجع سلطتها وهيبتها واضمحلال قدرتها على الدفاع عن سيادتها في وجه التدخلات الخارجية والاحتلالات. وبالتالي فإن آخر ما يجب أن تكون عليه كيفية التصدي لتلك التدخلات هو المزيد من التباعد والانقسام بين الأشقاء العرب والمزيد من الإضعاف لمؤسسات الدولة والمزيد من الإزكاء للتوترات الداخلية وتعريض السلم الأهلي للخطر، حيث لا يستفيد عندها سوى الاستباحات الخارجية لوطننا العربي».
واعتبر أبو الغيط، في كلمته خلال الاجتماع، أن إيران تسعى لتكون خنجراً في خاصرة المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وقال إن الصاروخ الذي أطلقه الحوثي واستهدف الرياض في الرابع من الشهر الجاري، هو «الحلقة الأخطر في سلسلة من التجاوزات والتخريب ونشر الفتنة التي تقوم بها إيران في المنطقة، وليس أمامنا إزاء ذلك سوى أن نسمي الأشياء بمسمياتها ونقول إن الصاروخ هو رسالة واضحة من إيران أنها تسعى لنشر التخريب والفتنة والكراهية ورسالة عدائية للمملكة والدول العربية بأسرها، وحان الوقت لتخليص المنطقة من العنف والطائفية التي تقوم إيران بنشرها في المنطقة».
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد، في تصريح صحافي على هامش الاجتماع، أن إيران هي الراعي الأول للإرهاب في العالم، موضحاً أن هذا ليس تصنيف المملكة فحسب بل المجتمع الدولي الذي وضع إيران تحت نظام عقوبات صارمة من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى.
وقال: «إن المملكة العربية السعودية ممتنة للدول العربية التي استجابت لطلبها عقد الاجتماع الاستثنائي للنظر في تداخلات إيران العدوانية ضد الدول العربية».
أضاف «أن المملكة عانت كثيراً كما عانت الدول العربية من التدخلات الإيرانية منذ ثورة الخميني عام 1979»، مشيراً إلى أن إيران اقتحمت وحرقت السفارات واختطفت الديبلوماسيين وزرعت خلايا إرهابية والآن خلقت ميليشيات إرهابية كالحوثي و«حزب الله».
ولفت الجبير إلى أن إيران أطلقت صاروخاً باليستياً عن طريق عملائها في اليمن باتجاه مدينة الرياض الذي تم اعتراضه، واصفاً ذلك بأنه عمل إرهابي وعدواني على المملكة. وشدد على أن للمملكة حق الرد في الوقت المناسب، مؤكداً أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الإيرانية في شؤونها وفي مملكة البحرين ودعمها للإرهاب.
ورأى أن هناك تدخلات إيرانية في عدة دول في المنطقة منها لبنان والكويت والبحرين واليمن ومصر، مطالباً إيران بوقف تدخلاتها في شؤون دول المنطقة.
وكان الجبير قال في كلمته في الاجتماع إن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام «العدوان الإيراني السافر» ولن تتوانى في الدفاع عن نفسها والحفاظ على أمن وسلامة شعبها.
وأشار إلى أن الإيرانيين والحوثيين لم يراعوا حتى «قبلة المسلمين ومهبط الوحي (مكة المكرمة) التي استهدفها الحوثيون بثلاثة صواريخ في اعتداء سافر على المقدسات الإسلامية واستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم».
وأكد أن «السكوت عن هذه الاعتداءات الغاشمة لايران عبر عملائها في المنطقة لن يجعل أي عاصمة عربية في أمان من هذه الصواريخ الباليستية».
وأشار الجبيرالى انتهاكات إيران المستمرة للقوانين الدولية وسيادات الدول وزرع «الخلايا الإرهابية» وتهريب الأسلحة والاعتداء على البعثات الديبلوماسية وحرمتها واغتيال الديبلوماسيين وخلق عملاء في المنطقة العربية «مثل الحوثيين وحزب الله واحتضانها للمنظمات الإرهابية داخل وخارج إيران مثل تنظيم القاعدة».
وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة دعا في كلمته لبنان إلى ضرورة تحمل المسؤولية الكاملة عن أعمال «حزب الله الإرهابي وما يقوم به من اعتداءات في الدول المجاورة في العراق وسوريا واليمن والبحرين».
وقال الشيخ خالد: «لبنان يتحمل مسؤولية ما يقوم به حزب الله باعتباره شريكاً في الحكومة» متسائلاً «هل يستمر لبنان في هذا الوضع». وأضاف «اننا لا نتحدث عن خلافات عربية بل تهديدات إيرانية للأمن القومي العربي» مؤكداً أن ايران لها أذرع كثيرة في المنطقة ومنها «حزب الله» الموجود في سوريا والعراق.
وجدد وزير خارجية جيبوتي محمود يوسف (رئيس الاجتماع) دعوة إيران للكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، مطالباً مجلس وزراء الخارجية العرب أن يضطلع بمسؤولياته وأن يتخذ موقفاً عربياً جماعياً للتصدي بكل حزم لحماية الأمن القومي العربي.
وقال يوسف في كلمته إن التهديدات والمخاطر التي تواجهها المنطقة «تتطلب حلولاً عاجلة ومعالجات ناجعة للتدخلات الإيرانية التي أخذت تستفحل في الآونة الأخيرة».
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في كلمته خلال الاجتماع، أن على إيران مسؤولية لا شك فيها، لاحترام سيادة الدول العربية والامتناع عن التدخل في شؤونها، والسعي لإقامة علاقات جوار أساسها احترام سيادة الدول العربية، ومبدأ المواطنة، وتجنب إذكاء النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية.
وقال شكري إن المساس بأمن دول الخليج خط أحمر، والتزام مصر بدعم أمن واستقرار دول الخليج، هو تطبيق عملي لمبدأ راسخ من مبادئ الأمن القومي المصري، وهو الرفض القاطع لأي محاولة من أي طرف إقليمي لزعزعة استقرار الدول العربية والتدخل في شؤونها.
ورأى أن «أي تقويم دقيق وصريح للوضع العربي الحالي، يظهر بجلاء أن هناك محاولات مستمرة للتدخل في الشؤون الداخلية لعدد كبير من الدول العربية، فمن الخليج إلى ليبيا، ومن العراق وسوريا إلى اليمن والصومال، تتعدد المحاولات المرفوضة، من أطراف مختلفة، لزعزعة استقرار الدول العربية، سواء من خلال محاولة تحريك أطراف داخلية محسوبة على قوى إقليمية معينة، أو من خلال التواجد غير الشرعي لقوات عسكرية غير عربية على أراضي الدول العربية. وعلينا جميعاً مسؤولية واضحة للتصدي لجميع هذه التدخلات بدون استثناء».
وأكد شكري أن «على دول الجوار العربي، وفي مقدمتها إيران، أن تتخذ موقفاً واضحاً وحاسماً لتأكيد التزامها باحترام سيادة الدول العربية، والتزامها بعلاقات جوار قائمة على أساس الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية، وعن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، والتوقف فوراً ونهائياً عن تقديم أي دعم للميليشيات أو الجماعات المسلحة أو الكيانات الإرهابية في جميع الدول العربية».
(واس، رويترز، أ ف ب، روسيا اليوم، العربية.نت)