مشاورات بعبدا تضع «النأي» على سكة التطبيق.. و«النقاط الأساسية إلى المؤسسات الدستورية»
الحريري: المنطقة بين حرب وسلم وأولويتي لبنان
بصفته رئيساً لمجلس الوزراء يُمارس صلاحياته ويتمسك بواجباته تجاه لبنان واللبنانيين، وفي أول مقابلة متلفزة يجريها منذ عودته إلى بيروت، أطل الرئيس سعد الحريري عبر محطة «سي نيوز» الفرنسية أمس راسماً معالم المرحلة الراهنة والداهمة على البلد والمنطقة، ليحدد بوصلة توجهاته الوطنية والحكومية والسياسية تحت عنوان مركزي عريض: الاستقرار. سيما وأنه شدد على وجوب توخي أقصى درجات الحيطة والحذر والحزم للنأي جدياً بلبنان في هذه المرحلة الدقيقة حيث يقف العالم والإقليم عند لحظة مفصلية بين «الحرب والسلم» ولا بدّ من حياد لبنان وتدعيم استقراره باعتبارها «أولوية» مطلقة تتربع على رأس أولويات أجندة الحريري السياسية.
وإذ لفت إلى كونه ينتهج سياسة «جمع اللبنانيين» ويعمل على قاعدة أنّ «تعزيز قدرة المؤسسات الرسمية» من شأنه أن يقوي دور الدولة المركزي مقابل إضعاف دور الأحزاب السياسية المستفيدة من ضعف المؤسسات، أكد الحريري أنه يريد «لبنان مستقراً» وأنّ المجتمع الدولي برمته أثبت أنه داعم للاستقرار اللبناني، خاصاً بالشكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي «حمى لبنان وحرص على دعم استقراره»، وأردف مشدداً على كون الاستقرار «هو أمر في مصلحة لبنان والعالم بأسره خصوصاً أن لدينا 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان إضافة إلى 300 ألف فلسطيني»، وسأل محاوره: «أتتصور ماذا قد يحدث لو حصل اضطراب كبير؟».
أما عن المشاورات اللبنانية الجارية لتكريس مبدأ النأي بالنفس قولاً وفعلاً، فأشار إلى أنه ينتظر من «حزب الله» اتباع مفهوم «الحياد الذي اتفقنا عليه في الحكومة وأن يطبق البيان الوزاري الذي أقررناه في البرلمان (…) فإن أردنا ممارسة سياسة الحياد لا يمكننا القبول بحزب سياسي يتدخل في اليمن ضد المملكة العربية السعودية، ولا أريد أن يقوم حزب سياسي في حكومتي بالتدخل في شؤون دول عربية ضد الدول العربية الأخرى»، مبدياً نيته بالبقاء في سدة المسؤولية في رئاسة الحكومة بالتوازي مع الإعراب عن استعداده للتخلي عنها في حال لم يتجاوب «حزب الله» وإيران مع مطلب النأي بلبنان، بينما لفت الحريري الانتباه في ما يتعلق بمسألة سلاح الحزب إلى كونها «مسألة إقليمية لأنه موجود في كل مكان بسبب إيران» وهذه المسألة تحتاج إلى «حل سياسي إقليمي عليه أن يحصل».
مشاورات بعبدا«بناءة»
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد عقد أمس سلسلة مشاورات مكوكية مع ممثلي مختلف مكونات الحكومة بالإضافة إلى حزب «الكتائب اللبنانية»، للوقوف عند توجهاتهم إزاء النقاط الثلاث التي أعلنها الحريري في بيان التريث الذي تلاه صبيحة عيد الاستقلال، قبل أن يعود فيستعرض خلاصة مشاوراته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء اللذين خرجا سوياً بعد الخلوة الرئاسية من قصر بعبدا على قاعدة «تفاءلوا بالخير تجدوه» حسبما أكد بري للصحافيين بينما لم يُخفِ الحريري ارتياحه لمجريات المشاورات وحرص على التقاط صورة سيلفي مع الإعلاميين في بهو القصر الجمهوري.
ولاحقاً، أصدر المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية بياناً وصف فيه نتائج المشاورات التي أجراها عون نهار أمس بأنها «إيجابية وبناءة»، مؤكداً التوافق على «النقاط الأساسية التي تم البحث فيها والتي ستُعرض على المؤسسات الدستورية بعد استكمال التشاور بشأنها إثر عودة رئيس الجمهورية من زيارته الرسمية إلى إيطاليا» حيث يغادر إلى روما غداً ويعود منها الجمعة.
وأوضحت مصادر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ المقصود بالمؤسسات الدستورية كما ورد في البيان الرئاسي هو «مجلس الوزراء»، مشيرةً إلى أنّ رئيسي مجلسي النواب والحكومة سيستكملان كل من ناحيته اتصالاتهما بشأن بلورة التفاهم بشأن النقاط الأساسية المتمحورة حول الطائف والنأي بالنفس والعلاقات العربية ريثما يكون رئيس الجمهورية قد عاد إلى بيروت ليُبنى على الشيء مقتضاه والشروع تالياً في بلورة الصيغة التطبيقية لهذا التفاهم.