لاهاي – قاسم خليفة
يتكشّف يوماً بعد يوم، هول الجريمة «الشنيعة» التي ارتكبت بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ولبنان بأسره، والجهة الحاقدة العالية الاحتراف و«واسعة الحيلة»، على خلفية المرافعات الختامية العلنية لمكتب الإدعاء في قاعة المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي. فقد انتقل ممثلو الإدعاء في إثبات الأدلة الظرفية المتمثلة بموضوع الإتصالات إلى مرحلة المصداقية والقوة القانونية، ونجحوا بربط الوضع السياسي والأمني السائد ما قبل لحظة 14 شباط، بالتحضير الجنائي لعملية الاغتيال، التي انطلقت فعلياً في 21 تشرين الأول 2004، أي بعد يومين على تقديم الرئيس رفيق الحريري استقالته، التي قال في بيان إعلانها مقولته الشهيرة التي لسوء الحظ تحققت بعد أشهر قليلة: «أستودع الله هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيّب».
الإدعاء رسم خارطة سياسية زمنية مطّردة ومباشرة ساق خلالها أدلة تربط «حزب الله» بالاغتيال، بحسب ما قال ممثلوه أمس، بعد ثبوت انتماء المشتبه بهم إلى «حزب الله» وتحديداً من خلال مصطفى بدرالدين الذي وصفه الادعاء بـ«المتآمر الرئيسي»، على خلفية معلومات استخباراتية حصلوا عليها إثر لقاء الرئيس الحريري بالسيد حسن نصرالله، تحدد التحرك والرصد الجنائي لمجموعة المراقبة المرتبطة بهرم يقوده «رئيس فريق الاغتيال» بدر الدين، كما أسماه الإدعاء أيضاً، يعاونه منسّق مجموعة وحدة الاغتيال سليم عياش ورئيس وحدة التضليل حسن مرعي وتضم المشتبه بهما حسين عنيسي وأسد صبرا التي كلفت بخطف أحمد أبو عدس (الانتحاري المزعوم).
وكشف الإدعاء أن أول عملية مراقبة رصدها الادعاء في 22 تشرين أول 2004 ثم نشطت الاتصالات بشكل كبير من 21 كانون الأول تاريخ اللقاء بين الحريري ونصرالله حيث كشف الادعاء تتبّعه من قريطم حتى الضاحية الجنوبية وبيّنت داتا الاتصالات أنها نشطت في محيط مكان الاجتماع في الضاحية وقد حصل تداخل بين شبكة هواتف الاغتيال وهواتف الاجتماع الذي علم به حصراً مصطفى ناصر وعدد ضئيل من الأشخاص وحضره حسين خليل (المعاون السياسي لنصرالله) الذي رصدت الأبراج الخلوية اتصالاً له شغّل مواقع خلوية خلال الاجتماع بالإضافة إلى عياش، ما يعني حصول المتهمين على معلومات استخباراتية تشير إلى انعقاد الاجتماع.
وأبرز الإدعاء العام عمل وحدة عياش منذ استقالة الحريري وحتى تنفيذ الجريمة، وأوضح أن عمليات المراقبة نشطت منذ كانون الأول 2004، حيث توزعت الأدوار القيادية ضمن هرمية منظّمة ومدروسة على بدر الدين وعياش ومرعي الذين استخدموا هواتف أطلق عليها الإدعاء تسمية (الشبكة الخضراء)، أما المراقبة والاغتيال فكانا على عاتق الشبكتين الحمراء والزرقاء، كما يُعنى أفراد الشبكة البنفسجية بالتضليل والتوجيه الخاطئ للرأي العام والتحريض على جهات سياسية ومناطقية.
وكان بارزاً أمس تفوّق الإدعاء في إعادة شريط يوم 14 شباط معززاً بتقنيات توضيحية ورسوم بيانية دقيقة، نوّهت بها المحكمة، تروي بدقة معززة بالشهادات والأدلة لمسار شاحنة الميتسوبيشي والإحداثيات التي تلقتها لمسيرها من شبكات المراقبة الخلوية لمجموعة الاغتيال والتي كانت تنتشر في مواقع تتيح لها المشاهدة بالعين المجردة لموكب الحريري وشاحنة التفجير للتحكّم بتحركها وصولاً إلى لحظة تنفيذ الجريمة، وكذلك استخدام تقنيات بصرية لتحرّك مجموعات الرصد عبر الاتصالات بينها في إطار شبكات الهاتف الخاصة بها.
(خاص “المستقبل”)