Site icon IMLebanon

إسرائيل بين تحذيرات «الأنفاق» وتقديرات «عدم التصعيد»

الرهان على استمرار النأي اللبناني عن الأتون الإقليمي.. وحوار عين التينة يُستأنف الإثنين

إسرائيل بين تحذيرات «الأنفاق» وتقديرات «عدم التصعيد»

 

بينما تمر الساحة الداخلية بلحظات ترقّب مشوب بالحذر خشية أي «دعسة ناقصة» في حقل الألغام الإقليمي تشعل فتائل النيران السورية والإيرانية على الجبهة الجنوبية، تتواصل الدعوات والجهود الوطنية في سبيل قطع الطريق على أي منزلق يتهدد المركب اللبناني من خلال اعتماد الحوار العازل للخلافات الاستراتيجية على مستوى المنطقة عن التحديات الراهنة والداهمة على المستوى الداخلي وفي مقدمة رهاناته وأهدافه تبريد الاحتقان المذهبي وتحصين الأمن الوطني. وفي هذا السياق، علمت «المستقبل» أنّ حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» سيستأنف اجتماعاته الاثنين المقبل وعلى جدول أعمال جولته الرابعة استكمال ما سبق بحثه ومناقشته خلال الجولة السابقة من بنود مندرجة في إطار عملية تعزيز أواصر الاستقرار الأمني في البلد. أما على الجبهة المقابلة، فيسود الاستنفار الإسرائيلي على الحدود الشمالية مع لبنان تحسّباً لأيّ ردّ مباغت من «حزب الله» انتقاماً لقيادييه والقياديين الإيرانيين الذين سقطوا في غارة القنيطرة في الجولان، على أنّ الإعلام الإسرائيلي توزّع الأدوار في هذا المجال بين نقل تحذيرات عسكرية من إمكانية تنفيذ الحزب «عملية مفاجئة عبر الأنفاق في الجليل الأعلى أو الغربي»، وبين إشاعة معلومات تفيد أنّ «تقديرات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تشير إلى أنّ «حزب الله» غير معني بالتصعيد» راهناً.

وفي حصيلة جوجلته للتحليلات والتحذيرات والتقديرات المتداولة في الصحف العبرية، كتب مراسل «المستقبل» في رام الله الزميل أحمد رمضان أنّ المحلّل العسكري في صحيفة «هآرتس«، عاموس هارئيل، رأى أن ثمة سؤالين مطروحين حول هجوم القنيطرة: الأول، ماذا كانت الاستخبارات تعرف قبل الهجوم؟ بينما يتعلق السؤال الثاني بتوقيت العملية قبل الانتخابات. وأشار إلى أن العنوان الذي صدر في عدد أمس الأول من صحيفة «يسرائيل هيوم» شبه الرسمية، لا يترك مجالاً للشك بأن إسرائيل نفذت الهجوم: «قواتنا هاجمت خلية مخرّبين كبار في الجولان السوري». وبذلك فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لا يعقّب على الهجوم، وفي الوقت نفسه يوحي للجمهور الإسرائيلي بأنه يهاجم «الإرهاب».

وألمح هارئيل إلى أن الهجوم في القنيطرة السورية لا يعدو كونه مثل غيره من العمليات العسكرية الإسرائيلية المشابهة، لناحية اتخاذ القرار بشنّه رغم وجود معارضة من جانب ضباط داخل هيئة الأركان وتحذيرهم من عواقب الهجوم. وأضاف أن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، يؤيد بقوة شنّ هجمات عدوانية كالتي جرت في القنيطرة، وأنه يستند بذلك إلى تجربته «الغنية» في مثل هذه العمليات وأبرزها قيادته لوحدة كوماندوس النخبة «سرية هيئة الأركان العامة» لدى اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس في العام 1988.

وكتب هارئيل أن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بأنّ «حزب الله» ليس معنياً بتصعيد «ما زالت على حالها» راهناً، لكنه لفت الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ تقديرات مشابهة كانت موجودة عشية حرب لبنان الثانية، لكن قرارات اتخذها كل من الحزب (مهاجمة دورية وأسر جنديين إسرائيليين)، وإسرائيل (قصف بيوت نشطاء في «حزب الله» بادعاء إخفاء صواريخ فيها) لم تمنع نشوب الحرب في تموز من العام 2006.

«أنفاق الجليل»

تزامناً، ذكرت مصادر عسكرية لموقع «تيك ديبكا الإسرائيلي» أن جيش الاحتلال يتخوّف من قيام «حزب الله» بعملية مفاجئة انتقاماً لمقتل عناصره والضابط الإيراني في غارة القنيطرة. ووفقاً لهذه المصادر فإنّ المتوقع ليس قيام الحزب بإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، بل تنفيذ عملية مفاجئة عبر نفق في الجليل الأعلى، أو الجليل الغربي لذلك أعطت قيادة الجيش الإسرائيلي «وحدات حماية القرى التعاونية» و»الكيبوتسات» القريبة من الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا تعليمات بفتح الملاجئ وتحضير السلاح وعدم ترك قراهم. وبحسب الموقع، فقد قام قائد عصبة الجليل في جيش الاحتلال العميد أمير برعام باجتماع لرؤساء القرى التعاونية، قدّم لهم خلاله الإرشادات والتعليمات خشية وقوع رد محتمل من قبل «حزب الله» وتأثيرات هذا الرد على ربع مليون إسرائيلي.

ووفقاً للمصادر، فإن «أحد الأسئلة التي تراود سكان شمال إسرائيل هي ليست مرتبطة بفرضية إطلاق «حزب الله» صواريخ، بل بعملية محتملة عبر أنفاق هجومية لا أحد في قيادة الجيش يعرف مكانها»، إذ وبعد أن برزت بشكل قوي أنفاق غزة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة والتي كانت تتجه نحو العمق الإسرائيلي، باتت الآن هناك خشية كبيرة في صفوف سكان الشمال من وجود أنفاق مماثلة لـ«حزب الله» في الجليل.

تساؤلات حول دادي

وفي سياق متصل، طرح محللون إسرائيليون عدة تساؤلات حول غارة القنيطرة، وأبرزها ما إذا كانت الاستخبارات الإسرائيلية قد علمت، قبل التنفيذ، بوجود ضابط إيراني كبير، أو أكثر، في قافلة السيارات المستهدفة. وفي هذا الإطار، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، أنه بهذه الغارة «اصطادت إسرائيل ثلاثة عصافير بحجر واحد: انتهاك السيادة السورية، قتل أحد رموز «حزب الله» (جهاد عماد مغنية)، وتصفية جنرال إيراني (في الحرس الثوري محمد علي الله دادي). وبذلك يكون محور الشر إيران، سوريا و«حزب الله» – قد تلقى ضربة مرة واحدة وتعرض لإهانة معلنة وكاوية».

وأضاف فيشمان أنه «بالإمكان الاعتقاد أن منفذي الهجوم لم يعرفوا تماماً هوية المتواجدين في القافلة المستهدفة، وأن الهدف كان مغنية الابن، لكن ليس مؤكدا أبداً أنهم كانوا يعرفون بصورة أكيدة أنّ ضابطاً إيرانياً كبيراً من الحرس الثوري كان موجوداً بينهم».

وأردف فيشمان: في الواقع، مسموح لنا أن نأمل بأنهم (الإسرائيليون) لم يعرفوا، وإلا فإنه توجد هنا مشكلة في التفكير الاستراتيجي»، معرباً عن اعتقاده بأنّ إعلان إيران عن مقتل العميد دادي يعني أنها سترد على هذا الهجوم.

وهل كان الهجوم في القنيطرة السورية رداً إسرائيلياً على التهديدات التي وجّهها إليها أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، عبر قناة «الميادين« قبل أيام؟ هذا ليس مؤكداً بحسب فيشمان، لاعتباره أنّ الرد على أقوال نصر الله كان قد اقتصر على إصدار جهاز الأمن الإسرائيلي تعليمات لـ«فرق التأهب» في البلدات عند الشريط الحدودي مع لبنان بالتأهب وعدم مغادرة بلداتهم تحسّباً من «خطط «حزب الله» لاحتلال بلدات في الجليل».

تهديد إيراني

في غضون ذلك، هدد القائد العام للحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري إسرائيل بـ«عواصف مدمرة»، وذلك في بيان بمناسبة مقتل العميد في الحرس الثوري محمد علي الله دادي في الغارة الإسرائيلية الأخيرة على القنيطرة السورية.

وقال جعفري ان «الحرس الثوري برهن وكما في كل الحروب السابقة في لبنان وفلسطين انه سيواصل صموده حتى انهيار الكيان الصهيوني». 

وقال اللواء جعفري في بيانه، ان «استشهاد ابناء الامة الاسلامية في القنيطرة يشكل مؤشرا اخر على قرب انهيار الكيان الصهيوني الظالم والارهابي«. 

واضاف ان «تركيبة كوكبة شهداء هذه الحادثة اثبتوا ان الثورة الاسلامية قد تجاوزت الحدود الجغرافية وقد تشكلت جبهة اسلامية يعمل مجاهدوها على مد نفوذ الثورة الى داخل اراضيهم في اطار مبادئ واهداف الثورة الاسلامية. ومن هنا فان الاعداء الحاقدين على الاسلام الاصيل يظنون ان بامكانهم منع تحقيق الوعود الالهية عبر الاساءة لنبي الاسلام والمقدسات الاسلامية من جهة ومن خلال اغتيال مجاهدي الثورة الاسلامية، من جهة اخرى».

واضاف ان «جميع الشباب في العالم الاسلامي اليوم هم جهاد مغنية وجميع حراس الثورة الاسلامية هم الله دادي«. وأن «على الكيان الاسرائيلي أن ينتظر عواصف مدمرة وقد جرب غضبنا في الماضي» .

وتابع ان «الحرس الثوري برهن وكما في كل الحروب السابقة في لبنان وفلسطين انه سيواصل صموده حتى انهيار الكيان الصهيوني« وان «الحرس الثوري سيواصل بلا هوادة دعمه للمجاهدين والمقاتلين المسلمين في المنطقة حتى القضاء على جرثومة الفساد وازالتها عن الجغرافيا السياسية للمنطقة».

واوضح اللواء جعفري في بيانه ان «هذه الدماء الزكية التي اريقت من دون حق لهذه الكوكبة من نخبة ابناء الامة الاسلامية، ستسهم يقينا في تعجيل تحقق وعد الامام الخميني في تحرير القدس الشريف».