تشريع مشاريع “سيدر”.. والحريري يصدّ محاولات “الابتزاز” وشائعات “الإفلاس”
100 مليار لإسكان “الدخل المحدود”
وطنية – كتبت صحيفة “المستقبل” تقول: لأنّ عجلة الدولة والاقتصاد لا تملك ترف المراوحة عند رصيف تسويف “التأليف” وتناتش الحصص الحكومية، وبما أنّ قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” تنطبق أكثر ما تنطبق في مضامينها الحافظة لمصالح البلد على ضرورة تشريع المشاريع المتعلقة بمقررات مؤتمر “سيدر” التزاماً بالسقف الزمني الذي يحكم الدولة اللبنانية إن هي أرادت الاستفادة من “الفرصة الفريدة” التي أتاحها هذا المؤتمر لإنعاش الاقتصاد الوطني واستنهاض بناه التحتية، أتمّ مجلس النواب جلساته التشريعية أمس تحت سقف التفاهم على “تشريع الضرورة” المتمحورة بشكل أساس حول تشريع مشاريع “سيدر” والتي لولاها لما كان جائزاً التشريع في ظل غياب حكومة أصيلة تكون في صلب معادلة التعاون والتناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعيد الانتظام العام إلى هيكلية المؤسسات الدستورية. ولأنّ تأمين مصلحة الناس تبقى متربعة على رأس الأولويات والضرورات الوطنية، نجح التكامل النيابي والحكومي في إقرار اقتراح رصد مئة مليار ليرة لدعم قروض الإسكان لذوي الدخل المحدود على أن تضع الحكومة المقبلة خطة إسكانية متكاملة خلال 6 أشهر.
إذاً، وبينما تصدرت البشرى “الإسكانية” (مع ما تعنيه من إعادة إطلاق عجلة القروض المدعومة للمواطنين محدودي الدخل وإعادة تنشيط حركة القطاعات المشلولة المتصلة بمجال الإنشاء والإعمار والتمويل) جدول تشريع اليوم الثاني من جلسات الهيئة العامة، أقر المجلس النيابي في باكورة أعماله التشريعية منذ بداية ولايته الجديدة، 25 قانوناً على مدى اليومين الماضيين، على أن يستكمل نقاش وإقرار البنود المتبقية المُدرجة على جدول الأعمال في أول جلسة تشريعية يعقدها المجلس حسبما وعد رئيسه نبيه بري قبيل رفعه الجلسة المسائية إثر ما تبين له من اتجاه لفقدان النصاب القانوني اللازم لاستمرار انعقادها على خلفية اعتراضات واعتراضات مضادة على جدولة المشاريع الواجب عرضها تباعاً على الهيئة العامة.
وفي خضمّ المناقشات النيابية التي دارت خلال درس مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بمشاريع “سيدر”، برزت مداخلات لرئيس حكومة تصريف الأعمال المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة سعد الحريري تصدى خلالها لمحاولات “الابتزاز” المكشوفة في ملف النازحين لا سيما من قبل النائب جميل السيّد الذي أمعن في الادعاء بأنّ القروض الميسّرة الممنوحة بموجب “سيدر” هي من أجل النازحين السوريين، فردّ الحريري وأيّده في ذلك رئيس المجلس النيابي ومعظم ممثلي الكتل النيابية الوازنة، فقال الحريري: “هذه القروض هي لمشاريع ستنفذ في لبنان وإذا غادر النازحون ستبقى هذه المشاريع”، وأضاف: “هناك مشاريع سنقوم بها وبدلاً من الاستدانة بفواتير عالية نستدين بفواتير منخفضة، ولا يجوز أن نرمي كل الأمور على النازحين، فما نقوم بتعزيزه من مؤسسات سيبقى بعد مغادرة النازح، وأين المشكلة إذا استفاد النازح؟ هل نجعل الناس تموت عندنا؟ نحن نتمنى أن يعود النازح أمس قبل اليوم، ولا يجوز المزايدة في موضوع النازحين، هناك مبادرة روسية (لإعادة النازحين) لم يعارضها أحد، وكان يتوقع البعض أن أعارضها، وأنا معها”. وأردف متهكّماً: “إذا كانت الطرقات والكهرباء وغيرها سيستفيد منها النازحون، فلنوقف كل المشاريع! (…) نحن هنا من أجل مشاريع “سيدر” ولولا هذه المشاريع لما كنت هنا”.
وبعدما توالت سلسلة الردود النيابية المؤيدة للحريري، وفي مقدمها قول رئيس المجلس: “حسماً للأمر إذا أقر أو لم يقر القرض، فواجبنا يجب أن نقوم به تجاه السوري أو الفلسطيني، وفي 2006 ذهب أكثر من مئة ألف لبناني إلى سوريا وقامت بواجبها تجاههم”، كما أيّد نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي موقف رئيس الحكومة باعتبارها “قروضاً بفوائد متدنية ومفيدة للبنان تساعده في الحصول على مردود من الغاز وغيره”، وشدد أيضاً رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على ضرورة إقرار مشاريع “سيدر”، لافتاً إلى أنّ المجلس إذا لم يقرّ المشاريع المقررة في مؤتمر باريس “كأننا لم نفعل شيئاً، فهذه القروض هي محور جلستنا”. وفي النهاية طُرح المشروع على التصويت فأقر.
توازياً، حرص الحريري كذلك على دحض شائعات “الإفلاس”، قائلاً: “البعض يهوى أن يقول إننا بلد مفلس، لا لسنا بلداً مفلساً ولدينا فرصة ذهبية بعد مؤتمر “سيدر”، ولكن يُصار أحياناً إلى مهاجمة حاكم المصرف المركزي وأحياناً آخرين”، وأردف: “اقتصادنا يحتاج إلى إصلاح. هذا صحيح، لكن لا يجوز أن ندمّر أنفسنا. نعم لدينا مشاكل تحتاج إلى المعالجة وعلينا أن نقوم بذلك”.
أما في ملف آخر استغرق حيزاً واسعاً من النقاش والجدل، فقد برز إقرار المجلس النيابي مشروع قانون الموافقة على إبرام لبنان “معاهدة تجارة الأسلحة” التي تُمكّن من ضبط السلاح المتفلت في البلد، الأمر الذي اعترض عليه نواب كتلة “حزب الله” وفي مقدمهم رئيس الكتلة الذي أبدى معارضتها لهذا المشروع باعتباره “يدخل ضمن المنظومة الدولية” بينما رأى النائب نواف الموسوي الذي عاد فانسحب من الجلسة أنّ “توقيع هذا الاتفاق يكبل أيدينا ولا يناسبنا في وقت توقّع إسرائيل ما يناسبها” من معاهدات دولية.
إزاء ذلك، وبعدما لفت الحريري إلى أنّ “إسرائيل لا تأبه للأمم المتحدة وفي شأننا الداخلي نحن نعرف كيف نعالج الأمور وكيف نتعامل مع موضوع المقاومة وكيف نتحدث مع المجتمع الدولي” آملاً السير بهذا المشروع، توالت المواقف النيابية الداعمة لدخول لبنان في هذه المعاهدة إذ “لا يجوز أن نظهر أمام المجتمع الدولي أننا مع تفلّت السلاح” في البلد، فجرى عرض المشروع على التصويت بالمناداة وتمت الموافقة عليه بأكثرية نيابية مقابل معارضة نواب “الوفاء للمقاومة” و”الحزب السوري القومي الاجتماعي” وعدد من نواب تكتل “لبنان القوي” (التيار الوطني الحر) مع انضمام عدد آخر من هذا التكتل إلى الامتناع عن التصويت أسوةً بامتناع كتلة “التنمية والتحرير” و”التكتل الوطني”.