مجلس الوزراء يحاذر «الملفات الساخنة».. و«النصرة» تعكّر أجواء «الوعود الجدّية»
الحكومة تثق بسلام: فاوٍض بكل الوسائل
لأنّ «المصيبة تجمع»، إجتمع مجلس الوزراء بكافة مكوناته أمس على كلمة سواء أهمدت فتائل الانقسام السياسي ومنعت تفجّر أي من صواعقه المربوطة بجملة «ملفات ساخنة» تفرض الأخطار والمحن الوطنية إبقاءها راهناً على «نار تسووية هادئة». وتحت وطأة أولوية قضية العسكريين المخطوفين المتربّعة على رأس هذه المحن، اعتمد المجلس «تكتيك» الالتزام بجدول الأعمال ولجْم كل ما هو خارج عنه وعن السياق التهدوي فنجح في تعبيد الطريق أمام تأمين أرضية إجماع حكومي خلص إلى محض الرئيس تمام سلام «ثقة مجلس الوزراء وتفويضه بمواصلة التفاوض بكل الوسائل والقنوات المتاحة توصّلاً إلى تحرير العسكريين».
وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ جلسة الحكومة أمس خاضت في مناقشة جدول أعمالها على مدى نحو أربع ساعات أقرت خلالها بعض بنوده وأرجأت البعض الآخر، ثم جرى طرح قضية العسكريين المخطوفين بحيث أطلع سلام أعضاء الحكومة على أجواء المسار الذي تسلكه هذه القضية مؤكداً أنّ «الأمور تسير بإيجابية» وأنه تلقى «وعوداً جدية» آثر عدم «الركون بشكل مطلق إليها حتى تلقى ترجماتها العملية»، وأضاف: «هناك معطى جدي نعمل على بلورته مع الوسيط القطري الذي يقوم بمهمته في هذا المجال، كما نأمل أن يتجاوب الطرف التركي مع مطالبتنا إياه بلعب دور مساعد في حل هذه القضية».
وإذ نقلت عن سلام أنه لفت انتباه الوزراء إلى كونه لا يستطيع البوح بما يملك من معطيات ووعود إيماناً منه بأنّ «الصمت في مقاربة هذه المحنة الوطنية مفيد أكثر من الكلام»، أشارت المصادر في المقابل إلى أنّ «معظم الوزراء تعاقبوا على تقديم المداخلات المتصلة بقضية العسكريين فأدلى كل منهم بدلوه وسط تقاطع جميع أعضاء الحكومة عند تأكيد الثقة بحكمة رئيس الحكومة وتفويضه تالياً الإكمال بالمفاوضات مستخدماً كافة الوسائل والقنوات التي يراها مناسبة ومتاحة في سبيل تحرير العسكريين، مع التوافق على وجوب أن يكون الصمت سيّد الموقف طالما أنّ ذلك يساهم ويساعد في سير هذا الموضوع بخطوات جدية نحو خواتيمه المرجوة».
وفي سياق استعراض مواقف الكتل الوزارية من هذا الملف، أوضحت المصادر أنّ «وزيري «حزب الله» أكدا حقّ الدولة في اعتماد كافة القنوات الممكنة لتحرير عسكرييها لكن على أن يكون ذلك مستنداً إلى عناصر القوة التي تملكها في مواجهة الخاطفين، مشددين في هذا الإطار على وجود العديد من هذه العناصر كعامل الطبيعة الذي يعمل في فصل الشتاء لغير صالح المجموعات المسلحة المتمركزة في المنطقة الجردية الحدودية نظراً لكونها ستكون بحاجة يومية ماسة إلى المواد الأولية من وقود وغذاء لمواجهة الصقيع القادم على الجرود، الأمر الذي يجب التعامل معه بوصفه عنصر قوة يفتح المجال واسعاً أمام الدولة لكي تشدد من ضغطها وتعزّز موقعها في المفاوضات الجارية لتحرير العسكريين».
كذلك أعرب وزراء «التغيير والإصلاح»، كما نقلت المصادر، عن ثقتهم بإدارة رئيس الحكومة لهذا الملف مع تأكيدهم «ضرورة العودة إلى مجلس الوزراء في حال استجد أي معطى مفصلي لاتخاذ القرار المناسب حياله»، بينما عبّر وزراء «اللقاء الديمقراطي» عن موقفهم المعروف من هذه القضية مجددين الثقة بالرئيس سلام ومؤكدين «أولوية ضمان سلامة العسكريين في هذه المرحلة مع إبداء الأمل في تفهّم الجميع لحجم غضب أهاليهم استناداً إلى كون الجمر لا يحرق إلا مكانه».
وختمت المصادر الوزارية بالإشادة بالسقف التهدوي الذي ظلّل جلسة الأمس، مؤكدةً انعدام السجالات السياسية خلال الجلسة ربطاً بقرار سحب كل المسائل الخلافية عن الطاولة. في حين تطرقت إلى «سجال عرضي استحضر بالصدفة مسألة اجتماع وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم من دون تكليف من الحكومة، وذلك حين بادر باسيل إلى التعليق أثناء مناقشة الوزير نبيل دوفريج أحد بنود جدول الأعمال بالقول له: «إسم الله عليك شو ذكي»، ما اضطر دوفريج إلى الرد قائلاً لباسيل: «بس إن شاء الله ما تكون جايب شهادة ذكاك من وليد المعلم».
«النصرة» تصعّد
ومساءً، عكّرت «جبهة النصرة» الأجواء الإيجابية المحيطة بعملية المفاوضات الجارية في سبيل تحرير العسكريين من خلال إعلانها عبر موقع «تويتر» أنّ «ما ورد في وسائل الإعلام عن تعهد الجبهة بعدم قتل أي جندي محتجز لديها هو عار عن الصحة»، وأشارت في ما يتصل بوساطة الموفد القطري أنها كانت قد حمّلته شروطها لتحرير العسكريين لكنها لم تتلق بعد أي رد منه، مجددةً في المقابل انتهاج سياسة التصعيد والتحريض والوعيد في مواجهة الحكومة اللبنانية والمؤسسة العسكرية.
.. والمشنوق يرد
وتعقيباً على هذا البيان، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ الوسيط القطري كان بالفعل قد ركّز مفاوضاته خلال الأيام الأخيرة مع تنظيم «داعش» ريثما يأتي دور التفاوض مع «النصرة» في وقت لاحق.
ونفى المشنوق خلال مقابلة مع برنامج «كلام الناس» عبر «المؤسسة اللبنانية للإرسال» صحة ما نُقل إعلامياً عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لجهة تأكيد «الحصول على تعهّد خطي من الخاطفين بوقف مسلسل تصفية العسكريين»، مؤكداً في الوقت عينه أنّ المفاوضات تسلك مسارات إيجابية، مع إعرابه عن استغراب المضامين المتضاربة للبيان الصادر أمس عن «النصرة».