«فارس» الإيرانية تفضح ما ورائيات «انقلاب» نصرالله: موقفه مرتبط بالمنطقة
جنبلاط يترحّم على الطائف.. والراعي يرفض حكم «الميليشيات»
كل الأنظار شاخصة اليوم إلى «بيت الوسط» ترقباً لمضامين المؤتمر الصحافي الذي يعقده رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وتلقفاً لما سيختزنه من مواقف حازمة في إعادة تصويب بوصلة التأليف منعاً لانحرافها عن المؤشر الدستوري باتجاه منزلقات تسلطية على السلطة تستهدف الاستيلاء على الصلاحيات والاستقواء على الدستور بحكم أمر واقع لطالما استلّ سيف التعطيل فوق رؤوس اللبنانيين طمعاً بتخضيعهم وترهيبهم وأخذ استحقاقاتهم الدستورية والاقتصادية والحياتية رهينة مصالح وحسابات عابرة للحدود. وبانتظار كلام الفصل اليوم إزاء «السلبطة» على السلطة التنفيذية والصلاحيات الدستورية، برز في آخر ردود الفعل على تردي الواقع السياسي في البلد، ترحّم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على «أيام الديموقراطية والدستور والقانون ورجال الدولة»، متسائلاً عن معنى حكومة الوحدة الوطنية بعد دخول عنصر «الاغتيال السياسي وانتهاء الطائف بالأمس»، بينما كان للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي موقف معبّر حازم في إعلاء صوت «دولة القانون والعدالة» في مقابل خطر «الانحراف عن المبادئ الدستورية والديموقراطية وهذا ما نختبره اليوم» حسبما حذر الراعي في معرض إبدائه رفض «القبول بأن يُحكم لبنان بذهنية ميليشيات سياسية».
وغداة «فرمان حارة حريك» الذي سطّره الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله من باب «الحارة» المتعالي على اللبنانيين، جاء دحض كلامه عن عدم وجود خلفيات خارجية للتعطيل الحكومي من وكالة «فارس» الإيرانية التي فضحت ما ورائيات «الانقلاب» على الدستور وإجهاض ولادة الحكومة بمقال نشرته أمس على صفحتها الرئيسية وأكدت فيه الأبعاد الإقليمية الإيرانية لموقف نصرالله: «موقف سماحة السيد ليس مرتبطاً بقضية تشكيل الحكومة، ولا هو صادر عن لحظة انفعال أو غضب من عدم توزير سنّي من قوى الثامن من آذار، بل صادر عن استشرافه للمرحلة المقبلة للمنطقة وما يُخطط لها».. هذا غيض من فيض حرفية ما جاء في مقال «فارس» المذيّل بتوقيع «حكم أمهز» الذي أمعن في تهديد اللبنانيين وقادتهم مستخدماً عبارات من قبيل «زمن تدليع الساسة اللبنانيين ولّى لأنّ الآدمية لا تنفع معهم» و«ما فيك تعطيهم وجه، إذ لم يعد بالإمكان التعامل مع الوضع الداخلي اللبناني بالتراخي في ظل الهجمة الأميركية الإسرائيلية السعودية على المنطقة»، وأردف المقال التهديدي الإيراني مضيفاً في سياق ترجمة خطاب نصرالله تحت عنوان «ما بعد الخطاب حتماً ليس كما قبله»: «بالنسبة لحزب الله المرحلة حساسة جداً ومفصلية تتطلب الحسم على المستويين الداخلي والخارجي».
وفي الغضون، استرعت الانتباه الإعلامي خلال الساعات الأخيرة الحركة المكوكية التي قام بها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والتي استهلها على هامش انعقاد الجلسات التشريعية في ساحة النجمة، بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقلت أوساطه تمنيه خلال اللقاء أن يلعب رئيس الجمهورية ميشال عون دوراً إيجابياً حاسماً في حل عقدة تمثيل «سنّة 8 آذار»، في حين أوضح باسيل بعد اللقاء أنّ العقدة التي تعترض تأليف الحكومة «تعني كل اللبنانيين والكل مسؤول عن حلها»، رافضاً في الوقت عينه المس بصلاحيات رئيس الحكومة المكلّف وقال: «الإشكالية أنّ الأقلية في الطائفة السنية ليست مُجسدة بنائب أو بفريق أو بكتلة واحدة (…) والمشكلة تكمن في أن الكتلة المُعلن عنها لم يتم التكلم عنها قبل الانتخابات أو بعدها ولا قبل الاستشارات أو بعدها، وهذا اعتلال بالشكل وليس بالمضمون، وعلى هذا الأساس وهذا المبدأ نستطيع أن نتصور الحل وكيف نعمل عليه، وعلى الأقل هذا تصورنا الذي نقدمه ونأمل في أن يحصل قبول لهذه الفكرة».
وإذ رفض «أي حل يقوم على اعتذار رئيس الحكومة المكلّف لأننا نريد دولة الرئيس الحريري أن يقوم بهذه المهمة، ونريده أن يكون قوياً بمهمته لأنّ رئيس الحكومة إذا كان ضعيفاً فمعنى ذلك أن الحكومة ستكون ضعيفة والعهد سيكون ضعيفاً وكذلك البلد كله»، وانتقل باسيل من «ساحة النجمة» إلى «بيت الوسط» حيث اجتمع مع الرئيس المكلّف على مدى ساعتين واستعرض معه التطورات السياسية لا سيما المتعلقة بملف تشكيل الحكومة، وكان لافتاً للصحافيين والمراقبين خروج باسيل من «بيت الوسط» من دون الإدلاء بأي تصريح. في حين عاد من «ساحة النجمة» ليطمئن في دردشة مع صحافيي مجلس النواب إلى تفاؤله بإمكانية حل عقدة التأليف وولادة الحكومة قريباً، كاشفاً أنه يعتزم استكمال لقاءاته لتشمل زيارة رئيس «الاشتراكي» في الساعات المقبلة.