IMLebanon

الحريري لا يدفع «الفاتورة مرتين»: أنا بيّ السنّة

شكّك بجدوى نظرية «أم الصبي» وكشف الحقيقة بلا «قفازات»: «حزب الله» يُعطلّ والحكومة جاهزة
الحريري لا يدفع «الفاتورة مرتين»: أنا بيّ السنّة
 

بكلام صريح بلا صريخ، وموقف حازم بلا إصبع مرفوع يُهدّد ويتوعد بالثبور وعظائم الأمور، تنفّس اللبنانيون الصعداء أمس من نافذة «بيت الوسط» بعدما نجح خطاب رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بالشكل والمضمون في فتح كوة هدوء وتعقّل في «جدار» التوتير والتوتر الذي نصبه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله السبت الفائت وحاصر من خلاله آمال التأليف والتآلف بين المكونات الوطنية جاعلاً من «طروادة» سنّة 8 آذار حاجزاً مفتعلاً قاطعاً للطريق المعبّد أمام ولادة الحكومة الجاهزة منذ نهاية تشرين الأول. ولأنّ «السنّة طائفة أساسية في البلد ولا يمكن أن تكون في أي ظرف ملحقة بحزب أو بمحور» ولأنه لا يقبل «بطغيان أي طائفة على السنّة وعلى مصلحة البلد» وقبل هذا وبعده «لأنّ أحداً لا يستطيع أن يحتكر طائفة ويتحدث عن احتكار عند طوائف أخرى»، قالها الحريري بالفم الملآن: «أنا بيّ السنّة وأعرف أين مصلحة أهل السنّة وكيف أحمي السنّة وأدافع عن قضاياهم»، مذكراً في الوقت عينه بأنه هو وليس غيره من أفسح في المجال أمام وصول سنّة 8 آذار الستّة إلى الندوة البرلمانية من خلال إقرار قانون الانتخاب النسبي.. «لكنّ المرء لا يدفع الفاتورة مرتين».

الحريري الذي آثر مصارحة اللبنانيين والعالم بالحقيقة كما هي بلا تدوير زوايا ولا «قفازات»، أكد في ضوء المستجدات الأخيرة أن «حزب الله» هو من يُعطل تأليف الحكومة، مشككاً في جدوى الاستمرار في نظرية «أم الصبي» لأنه لم يعد قادراً حتى على إقناع نفسه بجدواها في ظل استمرار ذهنية التعطيل وإضاعة فرص النهوض بالبلد، سيّما بعدما افتعل الحزب أخيراً مشكلة عرقلة الحكومة «في وجه فخامة الرئيس أولاً قبل سعد الحريري وكل اللبنانيين». وفي مقابل محاولة فرض «دساتير الأحزاب والطوائف» على دستور الدولة، رفع رئيس الحكومة المكلّف «الكتاب» في معرض الدفاع الحازم عن صلاحيات رئاسة الحكومة والنص الدستوري في كيفية تأليف الحكومات و«ليس سعد الحريري الذي يمكن أن يقبل بخربطة اتفاق الطائف وخلق أعراف جديدة لإدارة الحكم في البلد والتعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.. الدستور يكلّف الرئيس المكلّف بتأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وليس معهما شخص ثالث ونقطة على السطر».

وللحقيقة تتمة دحضاً لادعاء نصرالله بحصول «استلشاق» من قبل الرئيس المكلّف في مقاربة مطلب توزير «سنة 8 آذار»، فالحريري رفض هذا الأمر «نهائياً منذ بداية الطريق بكل وضوح وصراحة ولم يحصل الرفض في الربع الساعة الأخير»، لكن وبما أنّ الأمور جرت على ما يبدو بغير ما كان «حزب الله» يمنّي نفسه من خلال مراهنته على أن تعطّل «القوات اللبنانية» ولادة الحكومة بادر الحزب إلى أن يأخذ مهمة التعطيل على عاتقه حين سارت «القوات» في التشكيلة المرتقبة.

أما عن الزعم بأنّ الحريري يريد احتكار التمثيل السنّي في الحكومة فالرد كان مُحكماً كاشفاً لزيف هذا الزعم وهشاشته: «الدليل أن هناك سنّياً يسميه رئيس الجمهورية وسني اتفقت عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي الوحيد الذي أتى إلى الاستشارات على رأس كتلة (…) أنا أصرّيت على أن يكون هناك تمثيل من خارج «تيار المستقبل» لم يطلب أحد مني ذلك، بل أنا أصرّيت عليه لكن الفرق هو في تجميع مجموعة من الأشخاص وليس «حزب الله» أو غيره من يقول من عليّ أن أمثل أو لا أمثل»، مذكراً في هذا المجال بأنّ هؤلاء النواب الستة الذين يُطالب الحزب بتوزير أحدهم كان قد شارك بعضهم منفرداً في الاستشارات غير المُلزمة التي أجراها في المجلس النيابي والبعض الآخر ضمن كتل «حزب الله» أو كتلة «حركة أمل» أو كتلة رئيس «المردة» سليمان فرنجية، ولفت الانتباه في هذا السياق إلى أنّ من كان يفاوض باسم هؤلاء هو «حزب الله» ومنذ اللحظة الأولى كان الرئيس المكلّف رافضاً لهذا الأمر باعتباره بدعة استيزارية «مفتعلة»، وأردف: «كنت لأتفهم الأمر لو لم يكن مفتعلاً، ولو ترشحوا (الستّة) سوياً منذ بداية الانتخابات وقالوا إنهم في حال فازوا فإنهم سيشكلون كتلة واحدة لكنت عندها مجبراً على تمثيلهم».

وإذ جدد التأكيد رداً على سؤال أحد الصحافيين الأجانب أنّ من يعطل تأليف الحكومة هو «حزب الله ونقطة على السطر والعواقب التي ستأتي على البلد تقع على عاتق الحزب»، ختم الحريري على قاعدة «قلتُ موقفي اليوم»: «الحكومة حاجة وطنية اقتصادية وأمنية واجتماعية وتأليفها ليس هناك أسهل منه إذا عدنا للأصول، هذه مهمة لديّ ولدى فخامة الرئيس، هكذا يقول الدستور وهكذا تقول الاستشارات وهكذا تقول مصلحة البلد. أنا قمت بما عليّ والحكومة جاهزة وفخامة الرئيس عون ودولة الرئيس بري يعرفان ذلك، فليتفضل الجميع ويتحمل مسؤولياته ليسير البلد».