Site icon IMLebanon

القوات والمردة.. «صفحة بيضاء»  

باسيل يؤكد من دار الفتوى التمسك بـ«رئيس الحكومة القوي»
القوات والمردة.. «صفحة بيضاء»

طوى لقاء بكركي أمس بين رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، برعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، صفحة سوداء أحدثت شرخاً هو الأقوى في تاريخ الموارنة الحديث، مع مجزرة إهدن العام 1978 التي راح ضحيتها والد رئيس «المردة» النائب الشهيد طوني فرنجية ووالدته وشقيقته، وفتح هذا اللقاء الباب أمام تموضعات جديدة على الساحة المسيحية وإن لم يكن مقيّضاً لها أن تبلغ عتبة التحالف السياسي مع تأكيد الطرفين التزام كل منهما «بقناعاته وبثوابته السياسية». على أنّ مصالحة «القوات» و«المردة»، وبمختلف أبعادها المسيحية والسياسية والوطنية، تبقى تجسيداً مفصلياً لفتح «صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق» حسبما وصفها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في تغريدة بارك فيها لكل من فرنجية وجعجع بهذا «الحدث الكبير الذي تكلل برعاية البطريرك الراعي».

اللقاء الذي جاء بعد سلسلة اتصالات كانت قد انطلقت العام 2006 وقطعت شوطاً في ما يمكن وصفه «نصف مصالحة» العام 2011 في اجتماعات بكركي المارونية الرباعية، كرّس أمس مصالحة «وجدانية» أُعدّ لها بإتقان و«بالتفصيل الممل» من جانب اللجنة المشتركة التي تضم عن «القوات» أمين سر كتلتها النيابية فادي كرم وطوني الشدياق، وعن «المردة» الوزير السابق يوسف سعادة والمحامي وضاح الشاعر، وهي اللجنة التي تأسست غداة الحادث الدموي في الكورة والذي بادر البطريرك الراعي حينها في سبيل تطويق ذيوله إلى تكليف المطران أنطوان طربيه بمهمة التواصل مع قيادتي «المردة» و«القوات» تمهيداً لإحداث خرق إيجابي في جدار التأزم التاريخي على مستوى العلاقة بين الجانبين.

وفي وقائع اللقاء، ألقى البطريرك الماروني بعد عقد المصالحة والمصافحة التاريخية بين فرنجية وجعجع كلمة وضع خلالها هذا الحدث في إطار استكمال مسيرة «وحدتنا الداخلية الشاملة»، معرباً من هذا المنطلق عن رفض مبدأ «الثنائيات والثلاثيات والرباعيات» وعن إيمانه فقط بـ«ثنائية واحدة» تقوم على «جناحين مسيحي ومسلم متساويين متكاملين». ثم عُقدت خلوة جمعت فرنجية وجعجع بحضور الراعي في مكتب البطريرك دامت نحو 35 دقيقة تلاها بيان صادر عن اللقاء تلاه مطران بشري وزغرتا جوزف نفاع حمل عنوان «وثيقة بكركي القوات اللبنانية وتيار المردة» التي أكد البيان أنها تأتي «استكمالاً طبيعياً للمسار التصالحي العام الذي يدعم وحدة لبنان ومصالح شعبه». وبناءً عليه أعلن كل من «المردة» و«القوات» عن «إرادتهما المشتركة في طي صفحة الماضي الأليم والتوجه إلى أفق جديد في العلاقات على المستوى الإنساني والاجتماعي والسياسي والوطني، مع التأكيد على ضرورة حل الخلافات عبر الحوار العقلاني الهادف إلى تحقيق مصلحة لبنان العليا ودور مسيحييه، والعمل معاً على تكريس هذه العناوين عبر بنود هذه الوثيقة (…) البعيدة عن «البازارات» السياسية والتي لا تسعى إلى إحداث أي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة في لبنان والشمال».

وفي نهاية اللقاء، اكتفى جعجع قبيل مغادرته الصرح البطريركي رداً على أسئلة الصحافيين بالتشديد على كونه «يوماً تاريخياً أبيض»، من دون أن يستبعد رؤيته في إهدن وزغرتا مستقبلاً، في حين أكد فرنجية أنّ اللقاء لم يتطرق إلى «الأمور اليومية» إنما جرى الحديث عن «المسائل الوجدانية»، واضعاً الحدث في إطار فتح «صفحة جديدة» لن تكون على حساب أحد، من دون استبعاده إمكانية التفاهم في السياسة مع مرور الوقت. وإذ آثر عدم مقاربة المصالحة مع «القوات» من زاوية تسهيل وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى على قاعدة «بعد 4 سنوات ألله وحده يعلم ماذا سيحصل»، أبدى فرنجية جهوزيته لأي مصالحة مع «التيار الوطني الحر» في الوقت الذي «يستدعينا فخامته».

ومن ناحية «التيار الوطني الحر» جاءت المباركة في تغريدة لرئيس التيار الوزير جبران باسيل قال فيها على صفحته عبر موقع «تويتر»: «مباركة المصالحة بين تيار المردة والقوات اللبنانية برعاية بكركي وكل مصالحة لبنانية أخرى فكيف إذا أتت لتختم جرحاً امتدّ أربعين عاماً ولتستكمل مساراً تصالحيّاً بدأ مع عودة العماد (ميشال عون) عام ٢٠٠٥».

التأليف

أما على مستوى المستجدات المتصلة بعملية تأليف الحكومة لا سيما في ما يتعلق بالجهود المبذولة لتذليل العقدة التي افتعلها «حزب الله» وعطّل بموجبها ولادة التشكيلة الحكومية الجاهزة، وبينما عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام نواب لقاء الأربعاء عن رصد عين التينة «باباً مفتوحاً للحل»، برزت أمس زيارة باسيل إلى دار الفتوى حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على مدى ساعة ونصف الساعة وخرج بعد اللقاء ليبدي تفاؤله بإمكانية الخروج من «الأزمة الوطنية»عبر الدخول في مرحلة «التكلم بين جدران أربعة»، مشدداً في الوقت عينه على التمسك بمفهوم «رئيس الحكومة القوي»، وقال: «لا نقبل إلا أن يكون رئيس حكومتنا قوياً، لأنه إذا لم يكن كذلك فكلنا نكون ضعفاء، حكومتنا تكون ضعيفة، وبلدنا ضعيفاً، وكذلك العهد وفخامة الرئيس».