مبادرة بعبدا تصطدم بتعنّت نواب «حزب الله» السنّة.. وعون لن يرضى باستمرار استنزاف عهده
الحريري: مصممون على إنجاح «سيدر» ولو تأخّر التشكيل
«هيك نحنا فينا نخلّي لبنان يكون دايماً بس لو بتوقف البدع والتعطيل وبخلونا نشتغل للبنان ومش لشي أو حدن تاني!».. تغريدة مرفقة بفيديو «Rise Above Lebanon» الذي يوثّق الطموح الهادف إلى الارتقاء بصورة لبنان الجاذب للمستثمرين والسياح، جسّد من خلالها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، بلغة الناس ولسان حال العامة، تحسّر اللبنانيين على تضييع المزيد من الوقت والفرص المتاحة لاستنهاض البلد تحت وطأة استمرار مسلسل التعطيل الطويل الذي لا ينفكّ يضرب الآمال الوطنية ويتناسل عُقداً وعقبات عند كل استحقاق. لكنّ الحريري العارف بخفايا العرقلة وبنوايا المعرقلين، حرص بكثير من الشفافية على طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين إلى أنه وعلى الرغم من استغراق عملية تشكيل الحكومة «وقتاً أطول مما هو مرغوب به» إلا أنه لا يزال مصمماً على «الحفاظ على التوازن الدقيق والتوصل إلى التوافق السياسي» المطلوب توصلاً إلى إنجاح مؤتمر «سيدر»، لافتاً انتباه المجتمع الدولي والمشاركين في جلسة افتتاح منتدى الأعمال والاستثمار اللبناني – البريطاني في لندن إلى أنّ «التأخير في تشكيل الحكومة لم يوقف تقدمنا في تطبيق مشاريع وإصلاحات سيدر ونحن مصممون، مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، على تجاوز الأزمة التي نمر بها».
وليلاً، كانت كلمة لرئيس الحكومة المكلّف خلال لقائه أبناء الجالية في مقر السفارة اللبنانية في لندن، أكد خلالها أنّ التعقيدات التي تواجهها عملية تأليف الحكومة «لا تعني التوقف عن العمل» من أجل تطوير البلد، مبدياً في الوقت عينه عزمه على استكمال جهوده في سبيل تشكيل «حكومة وحدة وطنية»، وسط تنويهه بـ«الاتصالات المهمة» التي يجريها رئيس الجمهورية، وإشارته إلى أنه يعتزم لدى عودته إلى بيروت إجراء سلسلة مشاورات مع بعض الأفرقاء السياسيين «لحل المشكلة».
أما في مستجدات الجهود المبذولة في قصر بعبدا لتجاوز أزمة التأليف، وبينما يواصل رئيس الجمهورية ميشال عون تعبيد الطريق أمام إنجاح مبادرته لحلحلة عقدة نواب 8 آذار السنّة الستّة التي أعاقت منذ نهاية تشرين الأول الفائت ولادة التشكيلة الائتلافية، فقد اصطدمت مبادرة بعبدا أمس بتصاريح لهؤلاء النواب عكست استمراراً في التعنّت المدعوم من «حزب الله» تشبثاً بمطلب توزير أحدهم في الحكومة العتيدة بادعاء اعتبار أنفسهم نواباً «مستقلين» رغم كل الدلائل والوقائع القاطعة بعدم استقلاليتهم النيابية، وآخرها أنّ الذي تحدث باسم هؤلاء النواب من قصر بعبدا إثر لقاء رئيس الجمهورية كان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الوليد سكرية، ومن «عين التينة» إثر لقاء الأربعاء النيابي عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم.
إذاً، وبخلاف الإيجابية التي سادت أجواء أول أيام مشاورات القصر الجمهوري، جاءت أجواء يوم المشاورات الثالث لتعيد إحياء النَفَس السلبي في مقاربة الحلول الممكنة لأزمة التأليف تحت وطأة ما عكسه سكرية في كلامه المقلّل من إمكانية تحقيق مبادرة رئيس الجمهورية أي خرق في جدار الأزمة خارج نطاق الامتثال لمطلب توزير أحد النواب الستة حصراً، نافياً رداً على أسئلة الصحافيين أن يكون عون قدّم مبادرة أو طرحاً أمامهم للحل، وقال جازماً: «لا يبدو حتى الآن أنّ هناك حلاً للموضوع».
وفي حين آثرت مصادر قصر بعبدا عدم الدخول في تفاصيل طروحات رئيس الجمهورية خلال لقائه وفد النواب الستّة، اكتفت بالقول لـ«المستقبل»: «إذا لم يُرد الوفد القول إن هناك مبادرة طُرحت عليه فهذا شأنه، لكنّ الاجتماع الذي استمر لنحو خمسين دقيقة تحدث فيه رئيس الجمهورية بصراحة وشرح الأسباب التي دفعته إلى القيام بهذه المبادرة، تماماً كما فعل يوم الثلاثاء مع وفد «حزب الله» عارضاً للأوضاع الموجبة للخروج من الأزمة التي باتت لا تُطاق اجتماعياً واقتصاديا ناهيك عن التحدي على الحدود الجنوبية»، وأكدت المصادر أنّ عون «طرح أمام الوفد رؤيته للوصول إلى حل، متوجهاً إليهم بأسئلة محددة حول المبادرة وبعض النقاط التي تتضمنها والتي تعطي فكرة عن توجههم بهدف استيضاح رؤيتهم لهذا الحل».
وإذ كشفت أنّ رئيس الجمهورية صارح وفد النواب الستّة بأنّ «الوضع لا يحتمل التأخير ومصلحة الناس تتقدم على كل المصالح»، نقلت مصادر بعبدا من هذا المنطلق تصميم عون على إيجاد حل سريع لأزمة التأليف «لأنه غير راضٍ عن إهدار الوقت الذي يضر بعهده وبالإنجازات التي يريد تحقيقها»، واستبعدت أن يحصل لقاء ثانٍ بينه وبين وفد النواب الستة على اعتبار أنّ «المواقف باتت واضحة»، مشيرةً إلى رئيس الجمهورية سيستكمل اتصالاته خلال الساعات المقبلة بعيداً عن الأضواء «ليقوم بعدها بتقويم النتائج وجوجلة الأفكار مع رئيس الحكومة المكلّف فور عودته من لندن نهاية الأسبوع».