لبنان يرفض «جميع خروقات الـ1701 من أي نوع كانت» ويكلّف الجيش «تكثيف نشاطه» على الحدود
اللمسات الحكومية الأخيرة «في عهدة الرئيسين»
جانب من الاختناق المروري في الاتجاهين الشرقي والغربي لجسر العدلية
ميدانياً، راوح اللبنانيون مكانهم بالأمس على مختلف الدروب والطرقات والاتجاهات تحت وطأة «كماشة» مرورية خانقة طوّقت العاصمة من شرقها إلى غربها وتضافرت في إحكام قبضتها عوامل الطقس وطقوس الأعياد. أما حكومياً، فكل الدروب باتت سالكة وآمنة باتجاه ولادة التشكيلة الائتلافية المُرتقبة نهاية الأسبوع الجاري بعدما نجحت المساعي الرئاسية والسياسية في تذليل آخر العقبات التي كانت تعترض طريق التأليف، حسبما جزمت مصادر متقاطعة على خط «بعبدا – بيت الوسط»، مؤكدةً لـ«المستقبل» أنه لم يعد يفصل عن «الميلاد الحكومي» سوى الانتهاء من «اللمسات الأخيرة التي هي في عهدة الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري حصراً تمهيداً لإعلان مراسيم التشكيل».
وفي هذا الاتجاه التفاؤلي صبّت معظم التصريحات بالأمس، وأبرزها من «بيت الوسط» حيث كان تأكيد من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إثر لقائه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري على أنّ الحكومة العتيدة «ستبصر النور قبل الأعياد»، مع الإشارة إلى أنّ «التفاصيل القليلة المتبقية هي في عهدة رئيس الحكومة المكلّف الذي بموجب الدستور وبحسب صلاحياته هو من يؤلف الحكومة ومن ثم يحدد مع رئيس الجمهورية الموعد المناسب لإعلان ولادتها»، متمنياً في الوقت عينه تسريع عملية صياغة البيان الوزاري وإقراره بغية شروع مجلس الوزراء في تحقيق الإنجازات المُنتظرة وتحريك عجلة الاقتصاد.
أما عن عقدة نواب 8 آذار السنّة الستّة، فقد نشرت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أمس معلومات من داخل الاجتماع الذي عقدوه على امتداد نحو 7 ساعات، تفيد بأنّ «الاجتماع كان عاصفاً» في ظل التضارب في المواقف بين هؤلاء النواب حول الاسم المطروح للتوزير في المقعد السني المخصص من حصة رئيس الجمهورية، وأوضحت هذه المعلومات أنّ عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم تغيّب عن الاجتماع بعدما اعتبر بعض المجتمعين أنّ اسم جواد عدره الذي اقترحه للتوزير «هبط عليهم بمظلة» وعليه فإنهم يعتزمون في المقابل طلب لقاء معاون الأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل خلال الساعات المقبلة لاستيضاح موقف الحزب حيال هذا الموضوع.
لبنان ملتزم الـ1701
أما في مستجدات الجبهة الجنوبية، فقد عبّر لبنان الرسمي أمس عن «موقفه الواضح لجهة الالتزام الكامل بالقرار 1701 ورفض جميع الخروقات له من أي نوع كانت»، حسبما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية أكدت فيه «طلب الحكومة اللبنانية إلى الجيش اللبناني القيام بكل الإجراءات اللازمة للسهر على حسن تطبيق القرار، وذلك بالتنسيق مع قوات اليونيفيل، خصوصاً في ظل التوتر الذي ساد الحدود في الأيام الماضية، ووجوب تكثيف نشاطه ومتابعة الوضع لمنع تفاقم الأمور على الحدود الجنوبية»، وفي المقابل طالب لبنان «مجلس الأمن بإلزام إسرائيل وقف جميع خروقاتها للسيادة اللبنانية، والتي تزيد على 1800 خرق سنوياً جواً وبحراً وبراً، أي بمعدل خمسة خروقات يومياً».
وفي الغضون، كانت إسرائيل تستكمل حملتها الهادفة إلى تجييش المجتمع الدولي ضد لبنان من على منبر مجلس الأمن الذي انعقد أمس في اجتماع طارئ للبحث في الأوضاع المستجدة على الحدود الجنوبية للبنان على خلفية قضية الأنفاق التي تم الكشف مؤخراً عنها. وكتب الزميل مراد مراد عن مجريات الجلسة حيث اتهم الوفد الإسرائيلي «حزب الله» بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وهدد بتدمير لبنان ودفن الحزب تحت ركامه في حال بلغت «غطرسة» الأخير حد التجروء على شنّ هجوم ضد إسرائيل. فردّ الوفد اللبناني بالتذكير بالخروقات الإسرائيلية المُتكرّرة لسيادة أراضي لبنان وأجوائه، وحذر من ازدواجية المعايير في حال استجاب مجلس الأمن لما تطلبه إسرائيل من إدانة دولية لـ«حزب الله»، بينما تم تجاهل عشرات الشكاوى التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية.
أما في الوقائع، فقد اشتكت إسرائيل أمس لمجلس الأمن قضية بناء «حزب الله» أنفاقاً توصل إلى ما وراء الحدود، كما حذّرت من أنّ بعض القرى اللبنانية الجنوبية مثل كفركلا قد تحولت منازلها إلى مخازن أسلحة ومنصات حربية لـ«حزب الله». وطلب الوفد الإسرائيلي من مجلس الأمن الدولي إدانة دولية لـ«حزب الله» وإدراجه بشكل كامل كمنظمة إرهابية. وعرض سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون صوراً وخرائط لأنفاق قال إنّ «حزب الله» بناها للتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية، واتهم «الجيش اللبناني بمساعدة الحزب فيما لا تُحرك الحكومة اللبنانية ساكناً». وبالطبع سارع الوفد الأميركي إلى إعادة التأكيد على دعم «الولايات المتحدة الثابث لحق إسرائيل في الدفاع عن أمنها»، ودعا الأميركيون «الرئيس اللبناني ميشال عون إلى وقف هذه الأنفاق غير الشرعية التي يحفرها «حزب الله» للوصول إلى إسرائيل».
من ناحيتها، ردت السفيرة اللبنانية لدى الأمم المتحدة أمل مدللي بأن «لبنان ليس لديه نوايا عدوانية». وذكّرت بـ«انتهاكات إسرائيل اليومية للسيادة اللبنانية»، معربةً عن «قلق لبنان من ازدواج المعايير داخل مجلس الأمن حيث يتم تجاهل التقارير اللبنانية بينما يتم الاستماع إلى شكاوى إسرائيل»، كما عبّرت مدللي عن مخاوفها من أن تكون «هذه الجلسة مقدمة لعدوان إسرائيلي جديد على لبنان».
أما جان بيار لاكروا نائب أمين عام الأمم المتحدة المُشرف على عمليات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية، فأشاد بدور «قوة اليونيفيل، وكذلك الجيشين الإسرائيلي واللبناني في الحفاظ على الهدوء بين البلدين»، لكنه حذر في الوقت عينه «من هشاشة الوضع الأمني عند الخط الأزرق، لذا لا ينبغي الاستهانة أبداً بأي انتهاك يحدث من شأنه أن يولّد اشتباكاً مسلحاً بين البلدين». وقدم لاكروا ملخصاً للمجلس عن الوضع الأمني الراهن على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية منذ بدء الجيش الإسرائيلي في الرابع من كانون الأول الجاري عملية «درع الشمال» للكشف عن أنفاق «حزب الله» وتدميرها. وأقرّ لاكروا بأن «التحقيقات الميدانية التي أجرتها قوة اليونيفيل اكتشفت فعلاً وجود 4 أنفاق تمتد إلى ما وراء الخط الأزرق باتجاه الجنوب»، مؤكداً أن «نفقين، الأول ينطلق من محيط كفركلا وصولاً إلى ميتولا في إسرائيل، والثاني من محيط رميا، يشكلان انتهاكاً للقرار الدولي رقم 1701». وأشار إلى أنّ «قيادة اليونيفيل تشاورت مع سلطات البلدين في الأمر، وأخطرت الرئيس اللبناني بالانتهاك الذي يشكلانه هذان النفقان». وأضاف لاكروا أنّ «التحقيق بشأن هذين النفقين أمر معقد لأنهما يمتدان إلى ما بين 29 و46 متراً تحت سطح الأرض، وهذا ما يجعل التحقيق الدقيق الميداني بشأنهما معقداً نظراً لحساسية المناطق التي يمران بها، على أن تتابع اليونيفيل تحقيقاتها وعملها الميداني من أجل التأكد من إتلاف أي نفق ينتهك القرار الدولي 1701، وستواصل تنسيقها مع السلطات البنانية في هذا الاتجاه»، وسط تحذيره من أنّ «أيّ احتكاك بسيط قد يؤدي إلى اندلاع نزاع مسلح» على الجبهة الجنوبية للبنان.
وفي المحصلة، شدد أغلبية الممثلين في الاجتماع على أهمية منح «اليونيفيل» إمكانية الوصول الكافية إلى شتى أنحاء المنطقة الحدودية من أجل ضمان الاستقرار بين إسرائيل ولبنان، على الرغم من أن الوفد الإسرائيلي شدد على أنّ «الفرصة سانحة الآن لتفادي وقوع حرب ضد حزب الله»، غير أنه أردف متوجهاً إلى أعضاء مجلس الأمن: «نحن هنا كي لا تتساءلوا لاحقاً لماذا لم نتمكن من تفادي وقوع حرب».