IMLebanon

إيران تثأر لـ«دادي» من لبنان

سلام يتمسك بالقرار 1701 وجنبلاط يعتبر أنّ عملية شبعا «تمّت في أراضٍ سورية»

إيران تثأر لـ«دادي» من لبنان

 

من الجولان السوري إلى الجنوب اللبناني، كلُّ الدروب تؤدي إلى «طواحين» الطموحات الإيرانية وإن تعددت المسالك والأدوات. بالأمس لم يكن أمام «حزب الله» خيار آخر سوى الامتثال لمأمورية صادرة من طهران قضت تحت عنوان «البيان رقم 1» بالثأر لمقتل جنرالها محمد علي الله دادي في الغارة الجولانية من الجبهة اللبنانية، فاقتصر دور الحزب على تشكيل «مجموعة شهداء القنيطرة» والضغط على زناد التنفيذ مستهدفاً موكباً عسكرياً إسرائيلياً في مزارع شبعا «بالأسلحة الصاروخية المناسبة».. واضعاً نفسه واللبنانيين مجدداً في فوهة «المغامرات» التي تبدأ بشعارات شعبوية من نوع «البادئ أظلم» وتنتهي بانتصارات وهمية من نوع «لو كنتُ أعلم». 

أما على الضفة اللبنانية المسؤولة، فتوزّع الموقف الرسمي بين تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري «لبنانية الأرض» التي تمت عليها العملية مع تحميله إسرائيل مسؤولية «كسر قواعد الاشتباك»، وتجديد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تمسك لبنان بالقرار الدولي 1701 بكل مندرجاته داعياً الأسرة الدولية في المقابل إلى «كبح أي نزعة إسرائيلية للمقامرة بأمن واستقرار المنطقة». بينما برز في سياق المواقف السياسية مطالبة كتلة «المستقبل» كل الفرقاء بوجوب «الابتعاد الكامل عن أي تورّط يحمل معه خطراً على لبنان»، وتحذير رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «تداعيات» تفرّد «حزب الله» باتخاذ «قرارات أمنية وعسكرية لا يوافق عليها اللبنانيون». في وقت لفت الانتباه تذكير رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بكون العملية التي نفّذها الحزب أمس إنما وقعت «ضمن أراض سورية وليس لبنانية»، وقال لـ«المستقبل»: «لا تزال هذه الأراضي غير مرسّمة حدودياً بين لبنان وسوريا وبالتالي فإنّ «حزب الله» كان ذكياً بالرد على غارة القنيطرة السورية بضرية من أرض سورية لا لبنانية».

ورداً على سؤال، شدد جنبلاط على أنّ «لبنان لا يتحمّل تبعات الدخول في الحرب» معرباً في المقابل عن اعتقاده بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين «نتنياهو لا يتحمّل أيضاً شنّ الحرب في هذه المرحلة خصوصاً وأنه يخوض انتخابات في الداخل»، وأردف: «لكن طبعاً لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن ينتج عن جنون نتنياهو ومغامراته»، مستطرداً بالقول: «لا زلت على مخاوفي من الدخول في مرحلة اضطراب كبيرة».

ولاحقاً، لفتت تغريدة عبر «تويتر« لجنبلاط دعا فيها إلى «إتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة أي عدوان«، وطالب في سبيل «تفادي أي احتمال طارئ» بضرورة «تحصين الوضع الأمني والنقدي من أجل الصمود في مرحلة من التحديات طويلة جداً».

قتيلان إسرائيليان.. ونتنياهو يتوعّد

وكان الجيش الإسرائيلي قد أكد مقتل اثنين من جنوده وإصابة 7 آخرين في الهجوم الذي شنه «حزب الله» على دورية مؤللة في منطقة الغجر في مزارع شبعا. وعلى الأثر سارع نتنياهو إلى توعّد «المسؤولين» عن هذا الهجوم بأنهم «سيدفعون الثمن» وقال: «الجيش الإسرائيلي مستعد للرد بقوة على أي جبهة»، بينما أمل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في «أن تحصل إسرائيل على دعم دولي لأي رد محتمل على العملية». في حين نُقل ليلاً عن المجلس الأمني الإسرائيلي المصغّر أنه قرّر «استيعاب الضربة» وعدم التصعيد.

تحليلات عسكرية إسرائيلية

أما على مستوى التحليلات العبرية لتداعيات عملية مزارع شبعا بحسب ما رصدها مراسل «المستقبل» في القدس المحتلة حسن مواسي، فلفت ما كتبه المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت احرونوت» لناحية إشارته إلى كون «إسرائيل تقف أمام معضلة ليست بسيطة فإما تخوض مواجهة واسعة النطاق مع «حزب الله» أو تتجاوز الهجوم باعتباره «إغلاق حساب» من قبل الحزب رداً على هجوم القنيطرة». 

في وقت بدا المحلل العسكري والاستخباراتي لصحيفة «هآرتس» يوسي ملمان جازما في تأكيده أنّ «إسرائيل سترد على ما حدث، لكنّ طريقة الرد وتوقيته ومدى قوته هي أمور لا تزال غير معلومة بعد»، وقال: «من السابق لأوانه توقّع ماذا سيحدث مستقبلاً»، مذكّراً في هذا المجال بأنه «قبل الاجتياح الأخير لغزة لم تكن إسرائيل معنيّة بالتصعيد إلا أنّ الأمور تدهورت يوماً بعد يوم».

رد مدفعي يودي بإسباني

ميدانياً، اقتصر الرد الإسرائيلي نهار أمس على قصف مدفعي مكثّف استهدف في أعقاب عملية «حزب الله» محيط قرى وبلدات كفرشوبا وشبعا والوزاني والعباسية، بالإضافة إلى مزرعة حبتا وشانوح والمجيدية ومحيط بلدة الغجر، ما أسفر عن مقتل أحد جنود الكتيبة الإسبانية العاملة ضمن إطار قوات الطوارئ الدولية «يونيفل» ويدعى فرانسيسكو خافيير سوريا توليدو (36 عاماً)، وقد تم نقل جثته الى مقر «قاعدة ميغيل دي ثربانتس« في ابل السقي حيث ستقام له اليوم مراسم تكريمية تمهيداً لنقله إلى إسبانيا.

قلق عربي.. وإدانة أميركية

عربياً، طالبت جامعة الدول العربية بضرورة التحرك السريع لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان واحتواء حالة التدهور على جبهة مزارع شبعا، داعية على لسان أمينها العام نبيل العربي إلى «الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701». 

أما غربياً، فعلّقت واشنطن على التطورات عند الحدود اللبنانية الجنوبية بالتعبير عن إدانة «العنف» الذي يمارسه «حزب الله» ضد إسرائيل، ودعت الطرفين إلى «الإحجام عما من شأنه تصعيد الموقف».