ملاك قوى الأمن إلى 35 ألفاً.. والمشنوق يؤكد أنّ خطة البقاع ونزع الشعارات «على الباب»
«المستقبل» تنشر وقائع جلسة «اللا بيان» في نيويورك
أما وقد انقشع غبار المعركة وجرى تبادل «رسائل طمأنة» بين «حزب الله» وإسرائيل تؤكد عدم النية بالتصعيد، فستُرفع اليوم قبضات «ردّ الاعتبار» في المهرجان الذي يقيمه الحزب تكريماً لضحايا غارة القنيطرة بمعيّة ورعاية رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية الإيرانية علاء الدين بروجوردي الذي حرص غداة عملية مزارع شبعا على استذكار ونعي العميد محمد علي الله دادي من بيروت في معرض إضاءته على تجاوز إسرائيل «الخطوط الحمر»، وذلك قُبيل بثّ قناة «الميادين» الموالية لطهران صوراً حصرية ليلاً توثّق زيارة قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بعد 48 ساعة من غارة القنيطرة لضريح جهاد عماد مغنية في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي الغضون، تتواصل الجهود اللبنانية الرسمية للملمة الأوضاع حدودياً والضغط دولياً باتجاه كبح جماح التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية التزاماً بموجبات قرار مجلس الأمن الدولي 1701، علماً أنّ المجلس كان قد أخفق أمس في إصدار بيان حول عملية شبعا تحت وطأة جملة وقائع تتفرد في ما يلي «المستقبل» بنشرها واستعراض أبرز ما تخلل جلسة «اللا بيان» في نيويورك من نقاشات و«أسئلة» متداخلة ومتشابكة ربطاً بالتطورات الحدودية الأخيرة في الجنوب اللبناني وفي الجولان السوري.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية رفيعة في الأمم المتحدة لـ«المستقبل» أنّ جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها مجلس الأمن، في أعقاب عملية مزارع شبعا وما تلاها من اعتداءات إسرائيلية على الأراضي اللبنانية، استمرت على مدى ساعتين (من الرابعة حتى السادسة مساءً بتوقيت نيويورك) وتمحور الاتفاق خلالها على إدانة مقتل الجندي الإسباني في قوات الطوارئ الدولية «يونيفل» (جرى تشييعه ونقل جثمانه أمس إلى بلاده)، من دون أن يصدر بيان توافقي حول العملية وتداعياتها نظراً لعمليات «الأخذ والرد» الكثيرة التي دارت بين أعضاء المجلس على خلفيات متنوعة أضاءت على سلسلة إشكاليات أخذت طابع الأسئلة والأسئلة المضادة، من بينها كما روتها المصادر الديبلوماسية الأممية نقلاً عن مجريات ووقائع الجلسة:
1 ـ هل يكتفي مجلس الأمن بمجرد «إبداء الأسف» لتدهور الأوضاع عند الحدود اللبنانية مع إسرائيل، أم عليه توجيه «إدانة» صريحة لذلك؟
2 ـ إذا ما تقررت الإدانة، هل يدين مجلس الأمن عملية مزارع شبعا أم يدين «حزب الله» بالاسم على تنفيذه هذه العملية؟
3 ـ وسواءً جرت إدانة العملية نفسها أو إدانة «حزب الله»، فهل يجوز أن يكون ذلك من دون إدانة إسرائيل لإقدامها على قصف الأراضي اللبنانية رداً على العملية بدلاً من تقديمها شكوى إلى مجلس الأمن حول الحادثة؟
4 ـ والسؤال الأهم الذي طُرح خلال الجلسة: هل يكتفي مجلس الأمن باتخاذ موقف من عملية شبعا من دون مقاربة عملية القنيطرة، وهل هاتان العمليتان مترابطتان أم لا؟ فكيف يمكن إدانة تفجير شبعا من دون إدانة مماثلة لغارة القنيطرة لا سيما وأنّ التفجير أتى رداً على الغارة؟
5 ـ ماذا عن التحقيقات التي تجريها الـ«يونيفل» حول العملية والقصف المضاد، وما الذي تشمله هذه التحقيقات وما هو مداها والمتوخى من نتائجها؟ خصوصاً وأنّ عدداً من أعضاء مجلس الأمن أبدى «نقزة» من مثل هذا النوع من التحقيقات.
وفي ضوء هذه الأسئلة التي يطرح كل منها إشكاليات وعناصر متشابكة بعضها ببعض، لفتت المصادر الأممية إلى أنّ خلاصة المداولات خلال جلسة مجلس الأمن أبرزت الحاجة إلى مزيد من النقاش بين أعضاء المجلس في سبيل بلورة صيغة بيان نهائية حول التدهور الحدودي الأخير بين «حزب الله» وإسرائيل، مرجحةً في هذا المجال حصول «تسوية» خلال الساعات أو الأيام المقبلة تتيح بلوغ مثل هذه الصيغة في إطار «مشروع بيان» يتم توزيعه تحت ما يطلق عليه مسمّى «الإجراء الصامت» على أعضاء مجلس الأمن لوضع ملاحظاتهم عليه. ولفتت المصادر في هذا المجال إلى أنه بموجب هذا الإجراء فإنه يصار إلى انتظار بضع ساعات لتلقي الملاحظات أو الاعتراضات، وفي حال عدم ورود أي منها خلال هذه الفترة يصار إلى إصدار البيان من دون الحاجة إلى عقد جلسة مشاورات ثانية لمجلس الأمن باعتباره بياناً صحافياً وليس بياناً من النوع الرئاسي الذي يحتاج صدوره إلى انعقاد المجلس.
سلام: الـ1701 لم يُخرق
وفي لبنان، انعقد مجلس الوزراء أمس في السرايا الحكومية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام الذي استهل الجلسة باستعراض عملية مزارع شبعا، بحيث نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن سلام قوله إنّ «هذه العملية لم تشكّل خرقاً للقرار الدولي 1701 نظراً لكونها تمّت في أراضٍ غير واقعة ضمن نطاق الخط الأزرق يؤكد البيان الوزاري على أنها أرض لبنانية محتلة ويحق للبنان تحريرها بكل الوسائل»، متوجّهاً إثر ذلك إلى أعضاء مجلس الوزراء بالإشارة إلى أنّ كل الكتل النيابية عبّرت عن رأيها حيال التطورات وسأل عما إذا كان أحدهم يريد التعقيب بالمزيد، فاقتصر الأمر على تعليق يتيم من وزير العمل سجعان قزي الذي شدد على ضرورة عدم الرجوع إلى ما قبل مرحلة الـ1701 وتكرار ما حصل في تموز من العام 2006.
عديد الأمن الداخلي 35 ألفاً
أما في مجريات جلسة مجلس الوزراء المتصلة بالبنود المدرجة على جدول الأعمال، فقد برزت الموافقة على مشروع مرسوم يرمي إلى زيادة عديد قوى الامن الداخلي ليصبح 35 ألفا بدلاً من 29495 وهي المرة الأولى التي يبلغ فيها ملاك قوى الأمن هذا الحجم منذ ربع قرن. وأكدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنه لم يحصل أي إشكال خلال مناقشة هذا المشروع مثلما كان قد أشيع من قبل بعض وسائل الإعلام، موضحةً أنّ ما جرى كان بمثابة «نقاش تقني خصوصاً من جانب وزراء «التيار الوطني الحر» الذين أثاروا المسألة من زاوية الحاجة إلى درس الهيكلية المتّبعة في زيادة عديد قوى الأمن وسبُل التمويل وأعداد الضباط الجدد المدرجين في هذه الزيادة، مطالبين في ضوء ذلك بالاكتفاء بعدد 35 ألفاً بدلاً من 40 ألفاً حسبما كان ينص المشروع المقترح». حينئذ، تابعت المصادر، أبدى رئيس الحكومة تأييده اعتماد هذا العدد في هذه المرحلة، ثم تولى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الكلام فنفى وجود أي ضابط في الدفعة الجديدة المقترحة لزيادة ملاك قوى الأمن، وأوضح أنّ هذه الزيادة تشمل فقط الرتباء والأفراد، معرباً عن موافقته على الاكتفاء بزيادة العديد ليبلغ 35 ألفاً.
.. «على الباب»
ميدانياً، لفتت الانتباه أمس عمليات الدهم والتوقيف التي نفذتها القوى العسكرية والأمنية في البقاع حيث جرى اعتقال عدد من المطلوبين بجرائم مختلفة من بينها الخطف والسلب والسرقة. ففي حين دهم الجيش منازل في بلدة بريتال ونجح في توقيف 3 مطلوبين (م. أ.) و(ص. أ.) وولده (م. أ.)، وذلك غداة توقيفه مطلوباً آخر في البلدة نفسها خلال مداهمة «خاطفة وسرية» وفق ما وصفتها الوكالة الوطنية للإعلام، تمكّنت بالتوازي وحدة من شعبة المعلومات في البقاع بعد شنها عمليات دهم في منطقتي المرج وشتورة من توقيف المطلوب «م. د» إثر تبادل لإطلاق النار معه، وهو أحد عناصر عصابة سلب وسرقة سيارات، وتمت مصادرة أسلحة وذخائر من شقة الموقوف بالإضافة إلى ضبط عدد من السيارات المسروقة في المكان. كما عثرت دورية من الشعبة على سيارة من نوع نيسان «باثفايندر» فضية تحمل اللوحة رقم 182127/و على طريق وعرة في سهل الفرزل، ولاحقاً تبيّن أنّ السيارة مسروقة وكان صاحبها «مازن. ك» قد أبلغ مخفر شتورة عن فقدانها ظهر أمس.
في ضوء هذه العمليات النوعية، إكتفى وزير الداخلية لدى سؤاله عن موعد انطلاق الخطة الأمنية في البقاع بالقول لـ«المستقبل»: قريباً.. أصبحت «على الباب». وعن موعد انطلاق حملة إزالة الشعارات والأعلام والصور الحزبية والمذهبية من بيروت، أجاب المشنوق: أيضاً.. «على الباب».