«النصرة» تباغت «حزب الله» في العيد.. وترفض مقايضة ابراهيم «علاج مقاتل بثلاثة عسكريين»
سلام يشكّك في نيّات الخاطفين: نتعامل مع مجانين
انطوت عطلة العيد وقد أضحى على الوطن مغمّساً بجرح عسكرييه المخطوفين وعذابات أهاليهم الذين يمعن الخاطفون في ابتزاز عواطفهم وتحويلهم مكرهين إلى قطّاع طرق دولية بقاعاً وشمالاً بغية الضغط على الدولة اللبنانية وزرع بذور الشقاق بينها وبين مواطنيها. وبينما توعّد الأهالي بتصعيد تحركاتهم الميدانية ما لم تضعهم الحكومة «خلال 24 ساعة» في أجواء ما آلت إليه المفاوضات، لا يُخفي رئيس الحكومة تمام سلام خيبة أمله من المراوحة الحاصلة في هذا الملف قائلاً لـ«المستقبل»: «كنت شفافاً منذ بداية الأزمة، فأعلنت أنني لا أملك عصًا سحرية، وتعهدت ببذل كل المستطاع لتحرير العسكريين لكن من دون أن أعد بشيء محدد في هذا المجال لأنني أعلم مسبقاً أنّنا نتعامل مع مجموعات غير طبيعية وأناس مجانين لا شيء مضموناً معهم».
وإذ رفض الإفصاح عن أية تطمينات «طالما أنها لم تصبح بعد مقرونة بنتائج ملموسة عملياً»، قال سلام: «الوسيط القطري يواصل مساعيه ونحن نبذل كل جهد ممكن ولا ندّخر وسيلة في سبيل إنهاء هذه المحنة الوطنية على أمل في أن تثمر جهودنا قريباً، إلا أنّ السؤال الأهم يتمحور حول ما إذا كان الخاطفون جدّيين ولديهم نية فعلية في حل القضية وتحرير الأسرى».
وفي معرض عدم استبعاده اندلاع معركة جديدة في عرسال، لفت سلام إلى أنّ «كل السيناريوات أصبحت ممكنة في ظل الأساليب التي تتبعها المجموعات المسلحة في جرود عرسال ومحاولاتها المستمرة لاستباحة أراضينا، بدليل ما حصل أخيراً في جرود بريتال»، حيث أشار إلى أنّ المعارك التي اندلعت قبل يومين هناك إنما «كانت متوقعة نظراً لكون الإرهابيين يسعون إلى فتح كل الجبهات الممكنة مع لبنان ويعملون على اغتنام أي فرصة متاحة في سبيل تحقيق ذلك».
على صعيد منفصل، أوضح رئيس الحكومة أنّ الهبة التي أعلنت إيران عن تقديمها للجيش اللبناني ما زالت «غير واضحة المعالم بعد وتحتاج إلى مزيد من التدقيق لمعرفة ماهيتها»، وعلّق على ما نُقل عنه من ترحيب بهذه الهبة قائلاً: «بطبيعة الحال لا يمكنني إلا أن أرحّب بإعلان أي جهة عزمها دعم الجيش، غير أنّ هذا الموضوع لا يزال رهن الاستفسار لاستيضاح طبيعته وتحديد موقفنا منه لا سيما وأنّ قبول الهبات يحتاج إلى قرار يتخذه مجلس الوزراء». وعما إذا كانت زيارة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل إلى طهران متصلة بهذا الموضوع، أجاب سلام: «هذه الزيارة مبرمجة ومقررة منذ ما قبل الإعلان عن الهبة الإيرانية».
رسائل «الأناضول»
في الغضون تتوالى الرسائل التي تنقلها وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن خاطفي العسكريين، وجديدها ما نقلته أمس عمن وصفته «أمير تنظيم «داعش» في القلمون» لجهة اتهامه الحكومة اللبنانية بأنها «تراوغ في المفاوضات» واعتباره في المقابل أنّ مطالب التنظيم «ليست تعجيزية». كما نقلت الوكالة التركية عن قيادي في «جبهة النصرة» قوله إنّ الجبهة رفضت عرضاً قدمه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يشترط فيه الإفراج عن ثلاثة عسكريين أسرى لديها في مقابل السماح بدخول أحد قيادييها الجرحى للعلاج في عرسال.
مصادر أمنية أكدت لـ«المستقبل» صحة هذه المعلومات موضحةً أنّ «النصرة» هي التي طلبت إسعاف أحد قيادييها المصابين للعلاج في المستشفى الميداني داخل عرسال، فردّ اللواء ابراهيم على هذا الطلب بعرضه مقايضة تقضي بقبول هذا الطلب في مقابل الإفراج عن ثلاثة عسكريين أسرى، غير أنّ الجبهة رفضت هذه المقايضة.
ورداً على سؤال، شددت المصادر الأمنية على كون هذا الموضوع «غير متصل بسياق المفاوضات الحاصلة لتحرير العسكريين، وإنما حصل بشكل عرضي على هامش هذه المفاوضات ولا تأثير له على مجرياتها».
بريتال
وكانت «جبهة النصرة» قد شنت ثاني أيام العيد هجوماً مسلّحاً على أحد مواقع «حزب الله» في جرود بريتال، أسفر عن مقتل 10 من مقاتلي الحزب بحسب ما أكدت مصادر قريبة منه لوكالة «رويترز»، وقد جرى تشييع بعضهم أمس في عدد من البلدات البقاعية.
وبينما أوضحت وسائل إعلام «حزب الله» أنّ الهجوم حصل على موقع «عين الساعة» عند التلال الجردية المتاخمة لبلدة بريتال، أفادت مصادر أمنية «المستقبل» أنّ مقاتلي «النصرة» اعتمدوا على «عنصر المباغتة في تنفيذ الهجوم لا سيما وأنه أتى في فترة عيد الأضحى للاستفادة من الاسترخاء الذي يحصل على الجبهات في هذا التوقيت»، إلا أنها لفتت الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ «هذا الاشتباك ليس الأول من نوعه في جرود بريتال، إذ سبقه العديد من معارك الكر والفر بين الجانبين خلال الفترات السابقة خصوصاً في المنطقة الجردية المعروفة باسم جرود نحلة في المنطقة»، مع إشارة المصادر إلى أنّ «المسلحين يستفيدون في تنقلاتهم ومعاركهم من عامل تداخل المنطقة الجردية المشتركة جغرافياً بين عرسال وبريتال وسواها من المناطق الحدودية».
وأمس خاض «حزب الله» و«جبهة النصرة» في معركة إعلامية أعقبت المعركة الميدانية، ففي حين نظّم الحزب جولة لعدد من الوسائل الإعلامية على المنطقة المستهدفة بغية إظهار إعادة سيطرته عليها، بثت «الجبهة» في المقابل شريطاً مصوّراً يظهر هجوم مسلحيها وسيطرتهم على موقع «حزب الله» في جرد بريتال تحت عنوان «غزوة الثأر للاجئين الذين أحرقت خيمهم في عرسال»، معلنةً في الشريط أنّ الهجوم أوقع «أكثر من 11 مقاتلاً» من الحزب، و«قتيلاً وجريحاً» من «الجبهة»، بالإضافة إلى استيلاء المجموعة المهاجمة قبل الانسحاب من الموقع على «قاعدة صواريخ أميركية الصنع من نوع «تاو» مع عشرات الصواريخ، ومضاد طيران عيار 14,5 ومدفع بي 10 مع قذائفه، فضلاً عن كمية كبيرة من الرشاشات الأوتوماتيكية والذخائر».