بري و«المستقبل» يتمسكان بالأصول الدستورية والعونيون يرفضون منح المستقلين حق «الفيتو»
سلام منفتح على أي آلية «إلا الحالية» لا مجلس وزراء «أقلّه حتى آذار» على ما رجّحت مصادر وزارية لـ«المستقبل».. وبالانتظار، تتبلور المواقف على الخارطة السياسية لترسم صورة التوجهات حيال مشكلة آلية العمل الحكومي وسط إصرار الرئيس تمام سلام على تعديلها بعدما أدت إلى تكبيل حكومته وأوقعتها في دوّامة مفرغة من العرقلة والتعطيل. وفي هذا السياق تنقل أوساط سلام لـ«المستقبل» امتعاضه مما آلت إليه الأمور في طريقة عمل مجلس الوزراء، باعتباره كان قد قَبِل بتخطي الدستور مع شغور سدة الرئاسة الأولى حرصاً منه على تأمين التوافق التام بين كافة أعضاء مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية، أما وأنّ آلية اتخاذ القرارات بإجماع الأربع وعشرين وزيراً قد أخفقت في بلوغ هذا الهدف، فإنّ رئيس الحكومة لن يقبل بعد اليوم باستمرار الوضع على ما هو عليه، وبالاستناد إلى موقفه هذا يُجري مروحة مشاورات لتعديل صيغة العمل الحكومي والبحث في الاقتراحات البديلة مع انفتاحه على اعتماد أي آلية «إلا الحالية».
وتلفت الأوساط إلى أنّ إحدى الصيغ المقترحة التي تحظى بحيّز واسع من الاهتمام والنقاش لدى رئيس مجلس الوزراء تقول باعتماد نصاب الثلثين زائداً واحداً في إقرار البنود التي تحتاج دستورياً إلى النصف زائداً واحداً، بينما يتم التزام الإجماع بالنسبة للقضايا الأساسية التي حدّدها الدستور بأربع عشرة حالة واشترط إقراراها بنصاب الثلثين، مشيرةً إلى أنّ هذه الصيغة إنما تسعى إلى تأمين التقاطعات اللازمة بين تسيير عمل الحكومة وتظهير صورة الشغور الرئاسي في إطار كونه يجسّد حالة شاذة لا يمكن الخروج منها وإعادة الانتظام إلى هيكلية مؤسسات الدولة إلا بانتخاب رئيس للجمهورية. بري متمسك بالمادة 65 أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فقد عبّر بوضوح لرئيس الحكومة عن تمسّكه بالمادة 65 من الدستور التي تنصّ بوضوح على كيفية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء «توافقياً، وإذا تعذر ذلك فبتصويت أكثرية الحضور، بينما تحتاج المواضيع الأساسية إلى موافقة ثلثي أعضاء الحكومة». إلا أنّ الأوساط أكدت أنّ بري أبلغ سلام موقفه هذا مع تأكيده في الوقت عينه عدم الاعتراض على أي صيغة حل توافقية تؤدي إلى إعادة تفعيل العمل الحكومي. «المستقبل»: للعودة إلى الأصول بدورها، أعربت كتلة «المستقبل» إثر اجتماعها أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط عن أملها، ريثما يتم انجاز الاستحقاق الرئاسي، في «أن تتمكن الحكومة من العودة إلى العمل وفق الأصول القانونية والدستورية، ومن دون اعتماد أعراف جديدة خارجة عن الدستور تزيد من التعقيدات وتربك عمل المؤسسات وتحول دون تحقيق الهدف الأساس من حسن رعاية مصالح المواطنين»، منبّهةً في الوقت نفسه إلى «ضرورة انصراف القوى السياسية للعمل من أجل التوافق لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأنّ استمرار حالة الشغور الرئاسي تفاقم المخاطر والخسائر اللاحقة بلبنان لا سيما في ظل تصاعد حدّة المخاطر والصدامات الناتجة عن الأوضاع السائدة في المنطقة والعالم». «التيار الوطني» و«حزب الله» من جهتهما، يبدي كل من «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» رفضهما القاطع لاعتماد صيغة الإجماع في مجلس الوزراء حيال القضايا التي يحتاج إقرارها إلى نصاب الثلثين. وأوضحت مصادر وزارية في تكتل «التغيير والإصلاح» لـ«المستقبل» أنّ موقف التكتل في هذا الصدد يستند إلى «الصيغة الأساس التي جرى التوافق عليها منذ البداية ولم تكن تنصّ على وجوب اتفاق الأربع وعشرين وزيراً على قرارات مجلس الوزراء»، وأردفت: «إذا أبدت كتلة وازنة اعتراضها على أي قرار فمن البديهي ألا يتم إقراره في ظل الفراغ الرئاسي، أما أن يكون لوزير مستقل حق «الفيتو» وتعطيل قرارات تحظى بموافقة معظم الكتل الوزارية فهذا أمر يؤدي حكماً إلى تكبيل مجلس الوزراء»، مستطردةً بالإشارة إلى أنّ «ذلك لا ينطبق بطبيعة الحال على اعتراض وزير من المستقلين على أي قرار إذا استطاع تأمين موقف مماثل في معارضة هذا القرار من أيّ كتلة حكومية وازنة». «الكتائب» وحرب توازياً، تؤكد مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ حزب «الكتائب اللبنانية» غير موافق على تعديل الآلية الحكومية وفق أيّ من الصيغ التي يتم التداول بها راهناً، مبرراً ذلك بالحاجة إلى استمرار تظهير الشغور الرئاسي في إدارة العمل الحكومي وربط أولوية انتخاب الرئيس بعودة الانتظام إلى آلية عمل مجلس الوزراء. من ناحية أخرى، تنقل المصادر أنّ وزير الاتصالات بطرس حرب «يبدي إيجابيةً» حيال النقاشات الآيلة إلى تفعيل آلية عمل الحكومة، لافتةً إلى أنّ حرب الذي التقى رئيس الحكومة أمس عبّر أمامه عن تأييده العودة إلى النصاب الدستوري في اتخاذ قرارات مجلس الوزراء إما توافقا،ً أو تصويتاً بنصاب النصف زائداً واحداً أو بالثلثين، منبّهاً في المقابل إلى احتمال تعرّض آلية الثلثين زائداً واحداً إذا ما اعتمدت للطعن بوصفها مخالفة للدستور. عون لمقبل: لا ثقة وفي الغضون، برز أمس إعلان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «سحب الثقة من وزير الدفاع» سمير مقبل، لاتهامه بأنه «تجاوز الصلاحية في ممارسة الحكم، وتغاضى عن المخالفات المرتكبة في مؤسسة الجيش، وتجاوز صلاحيات السلطة التنفيذية عبر السطو على صلاحيات الوزارة»، وذلك على خلفية قرار مقبل «التمديد لأحد الضباط، تحت عنوان تأجيل التسريح من الخدمة» كما قال عون، في إشارة إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير من دون أن يسميه. وحرصت مصادر الرابية على التوضيح لـ«المستقبل» أنّ اعتراض عون «ليس موجّهاً ضد شخص اللواء خير إنما ضد مبدأ التمديد في السلك العسكري»، وقالت: «في السابق جرى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ربطاً بعدم وجود حكومة، لكن اليوم لا يجوز تكرار سيناريو التمديد في ظل حكومة أصيلة تمارس مهامها ويقع على عاتقها اتخاذ القرار حيال هذه المسائل»، متسائلةً: «هناك مواقع عدة على مشارف أن تنتهي مدة تعيين شاغليها مثل قائد الدرك ومدير عام الأمن الداخلي وما إلى ذلك من مناصب كهيئة الإشراف على المصارف.. فهل يجوز أن نُدخل كل هذه المواقع في أزمة فراغات وتمديد؟». «فيها اللي بكفّيها» في المقابل، وبينما أفادت أوساط حكومية «المستقبل» أنّ المادة 55 من قانون الدفاع تؤكد حق الوزير باتخاذ مثل هذا القرار، اكتفت الأوساط في معرض إبداء استغرابها طرح إحالة الموضوع على مجلس الوزراء بالقول: الحكومة «فيها اللي بيكفيها».. هي لم تعد قادرة على الاجتماع ولا على اتخاذ القرارات «لا بالصغيرة ولا بالكبيرة». |