Site icon IMLebanon

القرض الحسن: لدينا آليّة عمل بديلة

 

 

بمبلغ ألفي دولار فقط، أسّس أحد رجال الدين الشيعة جمعية «القرض الحسن» في عام 1982، ثم ما لبثت أن أصبحت مؤسسة لديها 34 فرعاً منتشرةً في لبنان. تأسّست باعتبارها جمعية لا تبغى الربح وحصلت على علم وخبر رقمه 217 من وزارة الداخلية، باسم «القرض الحسن»، وكانت عبارةً عن مكتب صغير في محلّة حي السلم في الضاحية الجنوبية مخصّص لمنح قروض صغيرة بلا فائدة، ثم توسّعت في 1987 إلى ما عُرف يومها بـ«الصندوق الحسن». وفي الأعوام اللاحقة، تخصّصت «جمعية القرض الحسن» في مجال القروض الصغيرة التي تعطى بضمانات، إما مقابل ذهب، أو نقود. وفي عام 2006، بلغ عدد فروع الجمعية 9، دمّر العدو منها 6 خلال عدوان تموز، في بعلبك وصور والنبطية والضاحية الجنوبية. ثمّ افتتحت 26 فرعاً إضافياً، ليصل عدد فروعها إلى 34 فرعاً حتى منتصف عام 2024، منها 16 فرعاً في بيروت والضاحية الجنوبية، و12 في الجنوب، و6 في البقاع، وآخرها فرع حارة حريك الجديد. ويعمل لديها نحو 500 موظف متفرّغ.

أول من أمس، وعلى إثر العدوان الصهيوني المباشر على المؤسسة، فقدت مؤسسة «القرض الحسن» نحو 27 فرعاً، أي 80% من فروعها. إنّما، وبسبب صعوبة الوصول إلى عدد من المناطق مثل الهرمل وبعلبك وعدد من القرى الجنوبية، يصعب التأكد من دقّة هذه الأرقام. لكن، رغم الدمار الكبير الذي حلّ بفروع المؤسّسة، تشير مصادرها إلى أنّ «الأمر نفسه حصل في عام 2006 حين دمّر العدو 67% من فروع المؤسسة. وعند وقف إطلاق النار، أعاد القرض الحسن الحقوق لأصحابها، سواء من أموال أو ذهب تمّ انتشاله من تحت أنقاض الأبنية المدمّرة في الضاحية الجنوبية».

لذا، تطمئن مصادر الجمعية إلى أنّ «الحرب ليست فجائية. والفروع التي تعرضت للقصف خالية من الأموال والذهب، كما أنّه جرى اتخاذ الكثير من الإجراءات لحماية إيداعات الناس». وتشير إلى أن «قصف الفروع لا يعني أبداً تدمير الجمعية كمؤسّسة». فالحجارة التي تقوم عليها المراكز، وفقاً للمصادر، ستبنى من جديد. ولكن، حتى الآن، لا آلية عمل معلنة للجمعية وإن كانت تعمل على آلية تفضل المصادر إبقاءها غير معلنة في الوقت الحالي. ففي الأيام الماضية، قبل الاعتداءات الصهيونية يوم الأحد، «فتحت المؤسسة 3 فروع فقط لتيسير أمور من يريد سحب أمواله كلّها أو جزء منها، ويوم أمس، كان أول يوم إقفال في هذه الحرب». أما الآن، فتقول المصادر إنّه «لا يمكن المخاطرة بالزبائن، ولا بالموظفين. وبالتالي، تدرس المؤسسة خياراتها للأيام المقبلة لبلورة آلية عمل جديدة».

من ناحية الأرقام، على مدى 42 سنة، حتى مطلع عام 2024، استفاد نحو مليوني شخص من القروض التي تقدمها مؤسسة «القرض الحسن». بمعنى آخر، تعطي المؤسسة قروضاً لحوالي 4 آلاف شخص شهرياً. ووصلت القيمة الإجمالية لهذه القروض إلى 4 مليارات دولار، وفقاً لمصادر المؤسسة. لكن قروض المؤسّسة تصنف على أنّها صغيرة، إذ لا يتجاوز معدّل قيمة القرض فيها 2500 دولار للقرض الواحد، علماً أنّ سقف القرض بالدولار هو 6 آلاف.

 

في 2006 دمّر العدوّ 67% من فروع الجمعية، لكن أعيدت الحقوق لأصحابها

 

هنا، يطرح السؤال الأبرز، كيف يموّل «القرض الحسن» نفسه؟ «القرض الحسن ليس مصرفاً، ولا تتصرف المؤسسة على هذا الأساس»، تقول المصادر. وتضيف، «نحن لم نودع أموالنا في المصرف المركزي، ولم نستثمر في سندات الخزينة، ولا نبيع ونشتري العملات، بل يقتصر عملنا على إعطاء القروض الصغيرة لمن يحتاج إليها، بضمانة مال أو ذهب، ومن دون تفرقة». أما مصادر التمويل، فتنقسم إلى جزءين، وفقاً لمصادر المؤسسة. على رأسها، تأتي حسابات المساهمة والاشتراك، وهي عبارة عن أموال يضعها أشخاص في حساباتهم في المؤسسة لحفظها، أو لادخارها. إنما، وبعكس المصارف، لا يحصلون على فوائد عليها، ولا تقرضها المؤسسة من دون ضمانات مادية.

في المقابل، تستخدم المؤسسة هذه الأموال لإعطاء القروض للراغبين في ضمانة الذهب مقابل المال، أو المال مقابل المال. في حالة استخدام الذهب، يستخدم المقترض ما يمتلك من هذا المعدن للحصول على نقد مقابله. فتعمد المؤسسة الى إعطائه قرضاً سقفه 6 آلاف دولار، ويقسّط على 24 شهراً. وتحتسب المؤسسة قيمة الذهب على أساس 70% من معدّل سعر السوق خلال الثلاثة أشهر الماضية. ويدفع المقترض بدلاً إضافياً شهرياً على الدفعة، يعرف باسم «رسم حفظ الذهب». أما في حالة طلب قرض مقابل ضمانة مالية، فتطلب المؤسسة من طالب القرض إحضار كفيل له، بشرط أن يكون لدى هذا الكفيل حساب في القرض الحسن. فتجمّد المؤسسة مبلغاً مالياً من حسابه موازياً للقرض، وتفكّ التجميد عن المبلغ بشكل متدرج مع كل دفعة شهرية. وهنا يدفع المقترض بدلاً إضافياً، يعرف باسم «الرسوم الإدارية» التي لا تزيد عن 6 دولارات، تضاف على قيمة الدفعة الشهرية للقرض.