IMLebanon

«الراعي» ومعركة «الوجود اللبناني»

 

تابع أمس البطريرك الماروني «الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي» معركة «الوجود اللبناني» التي كان قد بدأها وهو يقف على «ارض صلبة» داخلياً وخارجياً، منذ الجمعة 2020/7/3، للحفاظ على «لبنان – الرسالة» كبيراً كما ولد كبيراً في 1920/8/31 بجهود العديد من اللبنانيين الذين كان في مقدمهم البطريرك الماروني «الياس الحويك».

 

فلقد حقق لـ»اللبنانيين جميعاً» قيام «دولة لبنان الكبير» بدعم دولي، قادته «فرنسا» مؤيدة من بريطانيا، وهما الدولتان العظميان حينذاك، وجمعت الدولة اللبنانية منذ ذلك التاريخ، الربوع اللبنانية كلها في «وطن واحد» في حدود معترف بها دولياً حتى الآن، والتي أكدت عليها «المسلّمة الأولى» في مقدمة الدستور اللبناني 1990، وفي المادة «1» في الدولة وأراضيها في الفصل الأول في هذا الدستور.

 

واحتفل بهذا الحدث التاريخي في 1920/9/1 في «قصر الصنوبر» -وكان مقراً لـ»السفارة الفرنسية» آنذاك- باحتفالية كبيرة رعاها المندوب السامي الفرنسي «هنري جوزيف أوجين غورو» (1867- 1946)، وإلى يمينه «البطريرك الحويك»، وإلى يساره مفتي بيروت الشيخ الجليل «مصطفى نجا» (1853- 1932) -ولم يكن منصب مفتي الجمهورية اللبنانية قد أقرّ بعد، وأقرّ في 1932-.

 

وتابعت «البطريركية المارونية» التي أُعطي لها «مجد لبنان» حفاظها على «الوطن اللبناني» أرضاً وشعباً ومؤسسات، وصيانة استقلال لبنان ووحدته، في «الداخل» و»الخارج» بقوتها السياسية والدينية، والتي لا تستند الى السلاح لأنها سلاحها هم اللبنانيون الطيبون، تابعت حفاظها على «لبنان كبيراً» وفي أصعب الظروف وأدقها من البطريرك «انطوان عريضة» (1932- 1955)، الى «البطريرك المعوشي» (1955- 1975)، ومع «البطريرك خريش» (1975- 1986)، و»البطريرك صفير» -نصرالله بطرس الاول- (1986- 2011)، وخلال 24 سنة قضاها في كرسي البطريركية، تحمّل العديد من المصاعب خصوصاً ما بين 1988- 2009، واستطاع مع مفتي الجمهورية اللبنانية «الشيخ الشهيد حسن خالد» ان يمنحا «اتفاق الطائف» الحماية الدينية، ويحفظا «لبنان كبيراً» كما في 1920/9/1، وبذلك ساهما في تعبيد كل الطرق لولادة هذا «الاتفاق» الذي على أساسه صدر «القانون الدستوري 1990/9/21 الذي عُدّل بموجبه الدستور اللبناني ليؤخذ إسم «دستور 1990».

 

لذلك لا غرابة في أن يتصدّى «البطريرك الراعي» وبكل ما أُعطي من مجد للبطريركية المارونية للحفاظ على «لبنان كبيراً» وطناً حراً سيداً مستقلاً، ونهائياً لجميع أبنائه، واحداً أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدود المنصوص عنها في دستور 1990، والمعترف بها دولياً..

 

لا غرابة في أن يتصدّى لـ»المعركة الوجودية» لصالح «لبنان الكبير» في ذكرى مئويته الأولى، بينما «لبنان الكبير» يتألم ويتوجع ويأن بسبب ما أشار إليه غبطته في 2020/7/3 «الازمة السياسية في لبنان التي ولّدت الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية، داعياً المسؤولين للعودة الى ضمائرهم وإلى تحمّل مسؤولياتهم الخطيرة».

 

وفي 2020/7/5 طلب من الرئاسة فك الحصار عن «الشرعية» ليتسنى فيما بعد الحفاظ على وحدة واستقلال لبنان في إطار الحياد الايجابي المتفاعل مع أزماته العربية من دون الدخول في أحلاف سياسية.

 

وفي 2020/7/15 أكد بعد زيارته للرئيس عون في القصر الجمهوري، بأنّ الرئيس عون هو أول من طالب بالحياد، وذلك حين تقدم بمشروع صوّتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة لجعل لبنان مركزاً لـ»أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار»، وأكد الرئيس يوم ذاك بأنّ القاعدة لذلك هي أن يكون لبنان حيادياً لكي يتمكن من أن يكون مكاناً للحوار.

 

وأوّل من أمس وضع غبطته النقاط على الحروف وسمّى من يحاصر الحكومة والسياسة اللبنانية. ومؤكداً على أن الحل الوحيد الآن هو إخراج لبنان من الاحلاف السياسية والعسكرية مع أي دولة، لأنّ الموقف الآن هو موقف صعب دولياً بسبب «حصار لبنان» بسبب هذه الهيمنة على الشرعية وزج لبنان في صراعات وأحلاف بالوكالة.

 

وأكد على أنه بصدد زيارة الى الڤاتيكان خلال الأيام المقبلة، في محاولة لإعلان حياد لبنان عن أي صراعات وحتى يصل هذا الامر الى الأمم المتحده.

 

لذلك يمكن التأكيد على أن المعركة التي يخوضها غبطته، والتي هي «معركة وجودية» لـ»لبنان الكبير» في «مئويته الأولى»، لا يخوضها وحيداً بل «كل لبنان معه»..

 

يحيى أحمد الكعكي