IMLebanon

الراعي الصالح

 

 

الحملة المحمومة على غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان يمكن «هضمها» لو بقيت في إطار مجموعة من الرعاع. نقول الرعاع جراء ما تضمّنته تلك الحملة الجانية من كلام جارح وساقط وزقاقي، ما يشي بأن أصحابها ليس لهم مجرّد إلمام بما هو لبنان ونشأته وكيانه. وأيضاً ليس لهم أي فهم أو إدراك أو معرفة بما هو دور بطريركية إنطاكية وسائر المشرق المارونية، وامتدادها العالمي، والاحترام الذي تحظى به عبر التاريخ من أباطرة وملوك ورؤساء ودول… كما ينم ذلك الكلام الساقط عن غيابٍ مفجعٍ للأخلاق!.

 

نقول كان يمكن أن تكون تلك الحملة الجانية مفهومة (وطبعاً غير مقبولة بل مرفوضة كلياً) لو اقتصرت على الرعاع، وما أكثرهم. أما أن نستمع ونقرأ لبعض من يُقال انهم مفكّرون أو سياسيون، ولا نأتي على ذكر نفرٍ من رجال الدين خصوصاً ذلك الذي لجأ، بسماجة، إلى تناول الموضع بالهزء والسخرية كاشفاً عن ضحالةٍ مروّعة… أما أن نستمع إلى أولئك، فذلك يكشف إلى أي مدى نحن مأزومون في لبنان.

 

أي جريمة ارتكب غبطة البطريرك الراعي؟ الجواب بسيط، واضح لا يقبل تعقيداتٍ أو غموضاً: قال بالحياد! يا للجريمة الشنعاء! يا للعار والذل والشنار!. الحياد؟ أي خيانةٍ أعظم من هذه؟ أي «جرم مشهود» أفظع من هذا؟ خصوصاً أن عناصر الجرم كلها متوافرة في كلام غبطته وأبرزها عنصران كفيلان بإدانة بشارة الراعي. أما العنصر الأول فهو تأكيد غبطته على أن الحياد لا يعني التخلي عن عدائنا لإسرائيل وعن حقنا في أرضنا ومياهنا وثرواتنا. وهذا الجرم يقتضي إدانة البطريرك بجريمة التعامل مع العدو. والجرم الثاني تأكيد غبطته على أن الحياد لا يكون إلا بالتوافق بين اللبنانيين. فهل أشنع من هاتين الجريمتَين؟ والعياذ باللّه!

 

كفى بقى! كفى هذه الأنماط من الاستعلاء والصخب و… التهريج!

 

كفى هذه النماذج من التخويف والترويع والتخوين و… السخافة!

 

كفى الإمعان في دفع اللبنانيين إلى الكفر!

 

البطريرك الراعي ليس في حاجة إلى من يدافع عنه، فهو الراعي الصالح، وهو القائد، وهو اللاهوتي، وهو القانوني، وهو المفكّر، وهو المتحدّث اللبق، وهو الذي يُجيد المنازلات ولكن دائماً على قاعدة أن بكركي للبنان كله وللبنانيين جميعاً، وأن سيّدها، أياً كان اسمه، ما نطق (ولن ينطق) إلا انطلاقاً من مصلحة لبنان العليا.