IMLebanon

الراعي وعون: تلميح وعتب.. من دون خلاف!

انتخابات الرئاسة بين بكركي والرابية

الراعي وعون: تلميح وعتب.. من دون خلاف!

لم يسمّ البطريرك بشارة الراعي الجهة التي تتحمل مسؤولية عرقلة الانتخابات الرئاسية في لبنان. لكنه للمرة الاولى يخرج عن مساواته بين الاطراف وتعميم الاتهام بالتعطيل ليشير الى اسفه ان «يكون المجلس النيابي، بسبب ما يقوم به فريق سياسي، يتنكر لواجبه الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية».

ازدادت الهوة بين «التيار الوطني الحر»، الذي يعرف انه المقصود بهذا الكلام، وبين بكركي. الا ان ذلك لا يعني ان تحولا مفصليا سيحكم العلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة.

فالبطريرك الراعي المهجوس بفكرة انتخاب رئيس للجمهورية بات يضيق ذرعا بكل الحجج التي تقدم في شرح اسباب تعذر انتخاب رئيس فورا. لا يقنعه اي كلام. وفي الجلسات المغلقة، طرح اكثر من مرة على مسؤولين في «التيار الوطني الحر» السؤال حول المهلة الزمنية التي يمكن بعدها للعماد ميشال عون البحث جديا في التوافق على رئيس آخر للجمهورية. فالبطريرك مقتنع ان الفراغ في سدة الرئاسة «يعرض البلاد لكل المخاطر ويشل عمل مؤسسات الدولة». لكنه لم يحظ مرة بجواب يقنعه.

ومع ذلك لن يذهب الراعي ابعد من التلميح. و «التيار الوطني الحر» لن يذهب ابعد من العتب. لذلك اسباب كثيرة.

أثبت الراعي طوال مدة حبريته انه يريد ان يبقى على مسافة واحدة وعلاقة طيبة بكل الاطراف السياسية المسيحية. يتشبث بالمبادئ، لكنه لا يخوض في كيفية تطبيقها وترجمتها. يقول ما يمكن ان يتفق عليه الجميع، لكنه لا يسمي من يعرقل او يحرف الامور عن مسارها. وهو مقتنع ضمنا ان كل فريق يعمل لحساباته الشخصية والحزبية الضيقة، ويتغطى بالعباءة المسيحية. اما مصالح المسيحيين الفعلية فلا احد من الاحزاب مهتم بتحصينها او الحفاظ عليها الا بقدر ما تخدم مصلحته.

وقد راكم الراعي في خلال السنوات الاخيرة عددا من المواقف المتناقضة، اقله في الشكل. وغالبا ما قال شيئا واعاد توضيحه او نفيه او اعتبار انه اسيء فهم مقاصده. هذا جعل من وقع مواقف بكركي اقل ثقلا. وفي محاولته الجمع بين عدم اغضاب احد من جهة و «رفع العصا» من جهة ثانية، انزلق الراعي الى مواقف فُسرت تارة لصالح هذا الفريق او ذاك. وفي كل مرة كان الافرقاء لا يجدون سببا كافيا لمخاصمة بكركي.

هذه المرة سيفعل «التيار الوطني الحر» الامر نفسه. لم ينس «التيار» الكلفة غير القليلة لمخاصمة بكركي زمن البطريرك صفير. وشاب علاقته بالراعي بعض فتور في محطات معينة. لكن الطرفين حرصا على استدراكها ولملمة الامور.

الى اليوم لم يزر العماد ميشال عون البطريرك الراعي للمعايدة. تأخر ملفت للانتباه. لكن احدا من «التيار» لم يرد بالمباشر على البطريرك، والارجح الا يفعل.

يحتاج العماد عون الى بناء جسور جديدة مع خصومه توصله الى قصر بعبدا، فكيف يقطع جسرا ارساه مع بكركي؟. لكن هنا ايضا تحضر المواقف والخلفيات الشخصية. فالعماد عون لم يبد يوما حماسة لاعطاء بكركي مساحة في الحياة السياسية. يريدها اقرب الى مبشّرة وحامية للقيم المسيحية والاخلاقية. اما السياسة وتفاصيلها فلها مساحاتها وملاعبها ولاعبوها. الا ان الزمن ليس زمن قطع الخطوط.

سيرسل العماد الى البطريرك عتبا. وسيستمع البطريرك ويوضح مقاصده. وسيشدد الطرفان على انهما يريدان انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد. سيتحدثان ويتوافقان على قضية تهميش دور المسيحيين في ظل الخطر الوجودي الذي يحيط بهم في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة. سيأسفان لاستسهال تأجيل الانتخابات الرئاسية. وسيتفقان على انهما.. «غير مختلفين».