من الصرح البطريركي في بكركي خرج رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل متمسّكاً بموقفه “عندما يصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة”. بجو “ودي وصريح” تمت زيارته الى بكركي التي انطلقت في مبادرة تقريب وجهات النظر لتسريع تشكيل الحكومة. اخذ البطريرك الماروني على نفسه التعرف عن قرب الى الاسباب التي تعرقل تشكيل الحكومة، زاره الرئيس المكلف، ثم قصد بعبدا مستوضحاً ما سمعه من الحريري ومن بعدها طلب لقاء باسيل. كل من التقاهم وزاروه تحدثوا عن وحدة المعايير لتكون الخلاصة ان البطريرك وفق مصادر مواكبة لحراكه “ليس مقتنعاً ان كل ما سمعه من أسباب تبرر البقاء بلا حكومة كل هذا الوقت فيما الناس تئن من الالم”.
تتفق مصادر رئيس “الوطني الحر” مع قول المصادر المواكبة لحراك بكركي ان اللقاء بين الراعي وباسيل كان “ودياً”. لبى باسيل دعوة البطريرك الذي اتصل أمس الاول طالباً رؤيته. دامت الزيارة لأكثر من ساعتين توزعت ما بين دردشة سريعة أمام الاعلام قبل ان ينتقل الجانبان الى مأدبة غداء شارك فيها الى مستشار باسيل انطوان قسطنطين مدير مكتب الاعلام والبروتوكول في بكركي وليد غياض استمر زهاء الساعة، اختلى بعدها الراعي مع باسيل ما يزيد على الساعة و50 دقيقة، استهلت بعرض تفاصيل زيارة الرئيس المكلف الى بكركي وكلامه حول العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة، ثم اطلع باسيل الراعي على المعطيات التي يملكها حول تشكيل الحكومة، قائلاً للبطريرك: “نحن كتيار وطني حددنا معايير حتى تستقيم الشراكة بين المسيحيين والمسلمين في السلطة، وتثبيت الشراكة الفعلية بين رئيسي الجمهورية والحكومة في عملية تشكيل الحكومة. نعتبر ان لرئيس الجمهورية كلمته ورأيه حول كل اسماء الوزراء في الحكومة فإذا كنا تخلينا عنها كمسيحيين فحبذا لو اسمعها من غبطتك كي اتخلى عنها”، فرد الراعي جازماً “اعوذ بالله، لا يمكن ان نتخلى عن مبدأ الشراكة الكاملة”، طالباً من باسيل أن يدلي بتصريح حول هذا الشأن بعد اللقاء مباشرة وهذا ما حصل. وتنقل مصادر شاركت في اللقاء ان باسيل أوضح للراعي “ان الكلام الذي وصلك عن ان رئيس الجمهورية سلم الرئيس المكلف لائحة من الوزراء كي ينتقي منها، كلام غير صحيح، والاسماء التي تداولها الحريري سمعها عند عون واحتفظ بجزء منها، واعتبر انه بمجرد ان سمعها يمكنه ان يختار من بينها”، وتابع: “الخلاف هو على المبدأ وليس على الاسماء بحيث لا يمكن للرئيس المكلف ان يسمي الوزراء في الحكومة ويعرضها على الرئيس، بل الضروري طبقاً للدستور ان يشكلا الحكومة بالتوافق بينهما”. وتابع: “ان رئيس الجمهورية ليس بوارد تسمية الوزراء المسيحيين، بل له كامل الشراكة بالتعاون مع الرئيس المكلف ان يكون على اطلاع على التصور العام للحكومة، لا ان يحصر دوره بتسمية الوزراء المسيحيين بينما يتحدث الرئيس المكلف باسم الجميع”.
شرح باسيل وجهة نظره مصراً على وحدة المعايير، مصوباً رواية الاسماء ومشدداً على رغبته في ان تبصر الحكومة النور اليوم قبل الغد، وكرر موقف تياره “الرافض للمشاركة في الحكومة تسهيلاً لولادتها، وهذا ما ابلغناه للفرنسيين ايضاً ولا يحاول اي طرف الاختباء خلف موقفنا، فلتعتمد وحدة المعايير ونحن لا نشارك بأي حكومة”.
وأكد رئيس التيار ان “الحكومة يمكن ان تشكل في ظرف ربع ساعة شرط اعتماد معايير جدية موحدة، وانطلاقاً من منطق الشراكة وليس من منطق كل طرف يختبئ على الثاني”. يشدد “التيار الحر” على أن “المسألة هنا مسألة مبدأ ومشاركة دستورية، حتى ولو كان رئيس الجمهورية يريد ان يسمي تسعة وزراء مسيحيين من اصل 9 اسمهم جبران باسيل، فعون لن يوافق على حصر دوره بالمسيحيين دون غيرهم من الوزراء. فموقع الرئاسة ليس ملك ميشال عون ولا يمكن لأحد ان يلغي نتيجة نضال استمر عشرات السنين كي يصار الى تصحيح الممارسة في السلطة، فلا تحاول اي جهة كسرنا في الحفاظ على موقع الشراكة في السلطة، والقصة تختصر بالتزام ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور، بأن يشكل الرئيس المكلف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.
إستمع البطريرك وأنصت، لكن مصادر مواكبة لتحركه قالت ان “ما سمعه من الاطراف الثلاثة لم يمنعه من الخروج باستنتاج يقول إن الاسباب التي يقولها الجميع، لا “تحرز” لتأخير الحكومة وهو قال لباسيل: “اذا كانت لديك ملاحظات على الاسماء فالحريري قال انه ليس متمسكاً بالاسماء التي ضمنها تشكيلته، ولكن بشرط الا تكون اسماء محازبين او اشخاصاً ليسوا من ذوي الكفاءة، وفي نهاية الامر يجب ان يحصل التفاهم على تشكيل الحكومة”.
من بكركي خرج باسيل متمسكاً بشروطه بالنسبة الى وحدة المعايير لينتقل الخلاف على معنى كلمة معيار: قال الحريري للراعي انه اعتمد وحدة المعايير في تشكيلته، سواء لتقسيم الحقائب او الاسماء، فيما يقول باسيل ان تشكيلة الحريري لم تتبع المعايير لا في الحقائب ولا في الاسماء. يبلغ الحريري الراعي انه لا يرفض التشاور مع عون. والاخير لا يقول انه يرفض التعاون مع الحريري لتأليف الحكومة. ما يدفع مصادر سياسية الى الاستنتاج بوجود شيء ما يؤكد ان موعد تشكيل الحكومة في لبنان لم يحن بعد، لأسباب ليست داخلية.