IMLebanon

الراعي يحمل صليب الشغور

ليس خفياً على أحد ان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي سلم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مذكرة حول الاوضاع الداخلية في لبنان اثناء لقائهما في قصر الصنوبر ولكن الضجيج الذي اثارته المذكرة يتعلق بمشروع اقتراح انتخاب العماد ميشال عون رئىساً للجمهورية لمدة سنتين، الامر الذي نفته بكركي مشيرة الى ان الوثيقة التي عرضها الوزير السابق وئام وهاب في احدى اطلالاته التلفزيونية «ليست صحيحة»، ولكن هذا النفي لم يكن قاطعاً في وقت يؤكد فيه وهاب ان «الوثيقة صحيحة» وان هولاند سلمها عبر القنوات الديبلوماسية الى القوى الاقليمية المعنية مباشرة بصناعة الرئىس اللبناني العتيد وفق الاوساط المواكبة للايقاع السياسي المعني بالطبق الرئاسي، وسواء اكان الامر صحيحاً ام لا فالمعروف ان الراعي هو الشخص الاكثر قلقاً والاكثر اهتماماً بانجاز الاستحقاق الرئاسي كون الموقع الاول في الدولة هو آخر ما تبقى للمسيحيين في المنطقة بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص.

وتضيف الاوساط ان الراعي الذي يحمل صليب الشغور في القصر الجمهوري لا يوفر مناسبة او عظة الا ويطالب بانتخاب رئيس للجمهورية وقد وصل به التوجس الى حدود لم يوفر فيها النواب من الاتهام محملاً اياهم مسؤولية ما وصلت اليه البلاد من خلال الفراغ في رئاسة الجمهورية التي تشكل بوابة الحلول لكل الازمات التي تعصف بالساحة المحلية، وكما في عظات الاحد التي لم تخل واحدة منها من الالحاح بملء الشغور كذلك في الجولات التي يقوم بها الراعي الى العواصم الغربية لتحريك هذا الملف، لاخراج البلد من عنق الزجاجة بعدما بلغ الشغور في الموقع الرئاسي الاول عامه الثاني ومرشح للتناسل اعواماً عديدة في وقت تطحن فيه الحروب المنطقة من ادناها الى اقصاها لا سيما وان التكفيريين الممثلين بـ«داعش» و«النصرة» ومشتقاتهما باتوا يشكلون خطراً على الانسانية جمعاء، فاذا كانت العواصم الغربية من واشنطن مروراً بلندن وباريس وبروكسيل ترتعد فرائصها من هول الارهاب الذي طاول معظمها، فكيف هي الحال في البلد الصغير المقطوع الرأس والمعني مباشرة بالحرب على الارهاب كونه على تماس مع «داعش» و«النصرة» في امارة الجرود العرسالية، ناهيك بالخلايا النائمة في المخيمات الفلسطينية ومخيمات النازحين السوريين وفي مناطق متعاطفة مع المد التكفيري.

وتشير الاوساط الى ان الراعي المتوجس والقلق مما يحاك في الدوائر الغربية التي تعمل على فرز المنطقة و«تقسيم المقسم» وفق رئىس مجلس النواب نبيه بري، اقترح على المعنيين قبل نهاية ولاية الرئىس ميشال سليمان بقاء الرئيس في القصر لحين انتخاب خلف له وعلى قاعدة «تصريف الاعمال» كما حال الحكومة عندما تستقيل، وان بعض العارفين في المطابخ الرئاسية يرون ان اقتراح الراعي يومذاك لم يكن من عندياته بل همسة فاتيكانية لمعرفة الحاضرة البابوية بكثير من الاسرار، الا ان اقتراحه بقي «صوتاً صارخاً في البرية وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود» فلا يلام الراعي لو صح الامر ان يقترح انتخاب عون لسنتين على خلفية تقطيع الوقت لحين انحسار الغبار الدموي في المنطقة وجلاء الصورة التي تسمح بقراءة اتجاه البوصلة.

الا ان نفي الصرح للتسمية كان صحيحاً تؤكد الاوساط لا سيما وان بكركي ترفض التدخل في لعبة الاسماء وكون الراعي يدرك جيداً ان سلفه مار نصرالله بطرس صفير استدرج ايام الوصاية السورية لوضع 5 اسماء مرشحين عام 1988 لكنها لم تعتمد اياً منها وتصريح ريتشارد مورفي اثر لقائه الاسد آنذاك «الضاهر او الفوضى» معروف لدى القاصي والداني، وما يحول هواجس بكركي الى كوابيس العجز الفرنسي حيال الامر كون الطبق الرئاسي في اسفل «الاجندة» الاميركية هذا اذا كان موجوداً، ناهيك بالخلاف الايراني ـ السعودي وغموض ما يحاك للمنطقة لا سيما وان ما يحصل في سوريا والعراق قد يكون حرب المئة عام وفي النتيجة ستكون تضاريس المنطقة بعد نهاية حروب العبث غيرها تماماً كما كانت قبلها وانعكاس ذلك على الساحة المتلقية، فهل يكون سليمان آخر رئيس ماروني ام تحصل معجزة علماً أن الكثيرين انتظروا الله ولكنه لم يأتِ.