IMLebanon

الراعي لا يلغي جدول رحلاته.. و«الطبخة» على «نار لطيفة»

لا ينام البطريرك الماروني بشارة الراعي في هذه الايام على حرير. صحيح أنه مرتاح لكون طرح ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة حرّك المياه الراكدة لقرابة السنتين وأصبح على الأقل هناك اسم مرشح يمكن التباحث حول امكانية وصوله الى القصر ام ألا، ولكن هذا يعني السير في مخاض آخر، مخاض القبول بعد الشغور.

كل اللقاءات التي عقدها البطريرك الراعي منذ عودته من الخارج مع قيادات مارونية لم تشعر الكنيسة بأن مشوار انتخاب سليمان فرنجية محفوف بالورود. ولأن المسألة تحتاج الى وقت قد يتجاوز 16 الجاري، موعد الجلسة التشريعية لانتخاب رئيس الجمهورية، لم يجد البطريرك نفسه مضطرا الى ارجاء اي من رحلاته الرعوية سواء الى سوريا ومن بعدها مصر. فالطبخة تحتاج الى «نار لطيفة» ومن صبر عاما ونصف العام لن «يغص» ببضعة أسابيع ربما.

من هذا المنطلق يكتفي البطريرك، بعدما جس نبض «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، بالتركيز على «جدية» الطرح وبأنه «فرصة يجب اقتناصها». لكنه اصغى تماما الى هواجس كل فريق، وهذا ما يجعله حريصا على ان تتم دراسة الامور من مختلف الزوايا لأن ليس المطلوب «رئيس تحد». هنا يختصر موقف بكركي: فرصة من دون تحدي أحد.

لا تلجأ البطريركية الى التهويل بـ «عظائم الامور» اذا لم يتم السير بالمبادرة، ولكنها في الوقت عينه تضع اصبعها على جرح الشغور النازف من دون انقطاع. حتى ان البطريرك عمد في كلمته خلال رعايته العشاء السنوي لـ «الرابطة المارونية»، أمس الأول، الى ايقاظ «الروح البطولية» لدى الاقطاب المسيحيين.

في كلمته قال ايضا: «نحن أمام مبادرة جدية، وهي لم تأت صدفة ولم تهبط من السماء صدفة، بل لها تحضيراتها البعيدة والقريبة. نطلب من كل اللبنانيين ان يلتقطوا هذه الفرصة من اجل تفاهم وتشاور وصولا الى انتخاب رئيس مدعوم من الجميع، لاننا كلنا نعرف انه لا يمكن ان يأتي للبنان رئيس تحد، ولا يمكن ان يحكم لبنان رئيس مهما كان قويا وقديرا اذا لم يكن مدعوما من الشعب اللبناني ومن كل المقومات السياسية». مشددا على الحاجة الى «التعاطي بهذه المسألة ببساطة، ولكن بجرأة وشجاعة وان نبتعد عن التساؤلات البعيدة، فهذه ليست بطولة بل البطولة ان نجلس معا على طاولة ونطرح الاسئلة بعضنا على بعض بوضوح وبساطة ونتلقى الاجوبة، وعندما نتشاور هكذا نستطيع ان نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية يحتاج اليه لبنان في ما هو يعيشه من صعوبات وتحديات».

وختم الراعي: «طالبنا مرارا بضرورة الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، لكن لم يأت اي فريق بمبادرة فعلية. اما الآن فيوجد مبادرة فعلية، تعالوا نلتقي حولها، فالبطولة هي في ايجاد الحلول وليس عرقلتها».

ونظرا لتعذر سيامة مطران حلب في حلب الجريحة، يتوجه البطريرك الى اللاذقية من اجل هذه المهمة. ولكن المبادرة بقيت في يومياته قبيل توجهه الى سوريا. فحث في عظة الاحد من بكركي على المحافظة على الدستور وضمان استمرارية مؤسساته، متحدثا عن المبادرة بأنها «جدية وتأتي من الخارج وليس من شخص فرد». مكررا «توجيه الدعوة إلى الكتل إياها للتلاقي من أجل درس جدّي لهذه المبادرة والتحاور والتشاور بشأنها وجهًا لوجه، بروح من المسؤولية الوطنية الرفيعة، بغية الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية بقرار وطني موحّد وشامل، بحيث لا يُفرض فرضًا». مضيفا: «ليعلم الجميع أن البلاد لا تستطيع تحمّل أي تأخير في تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، والدولة مهددة اقتصاديًا ونقديًا واجتماعيًا وامنيًا».

يأبى البطريرك ان يهمل اي سلاح في معركته ضد الشغور الرئاسي ويشهر في كل الاوقات سلاح الصلاة. ومن عنايا في قداس مار شربل، جدد تذكير الكتل بجدية المبادرة وان المطلوب «مقاربة مسؤولة واعية وموضوعية، قوامُها التشاور والتوافق، على أساس من التجرّد والتعالي عن المصالح الشخصية والفئوية، وانطلاقًا من الواقع الراهن». لافتا الى ان البطريركية تسعى جاهدة الى تعزيز هذا التشاور من اجل ضمان قرار وطني شامل موحّد، يُجمع على شخص المرشح لرئاسة الجمهورية». واذ تضرع الى القديس شربل، رجل القرار والخروجِ من الذات والمثولِ بصفاءٍ أمام حضرة الله، ان يساعد المكوّنات السياسية في لبنان، على الخروج من زاوية الرؤية الضيّقة إلى رؤيةٍ وطنية شاملة، تلتقط الفرصة السانحة لإجراء خطوة حاسمة نحو انتخاب رئيس للجمهورية، «نأمل أن يكون هديةَ الميلاد ورأس السنة لجميع اللّبنانيين وللمنطقة».