في الوقت الذي يطغى فيه ضجيج البلديات على ما عداه طارت الجلسة ذات الرقم 39 من جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ليعين الرئيس نبيه بري2 حزيران القادم موعداً لجلسة جديدة لن يكتمل فيها النصاب في برج بابل اللبناني ليحتفل الشغور في القصر الجمهوري بعيد ميلاده بعدما بلغ 3 اعوام، تعتبر استثنائية على صعيد السنوات العجاف حيث يتربع الشلل في كافة مفاصل الدولة من رأسها حتى القدم، ناهيك بدخول البلد مجموعة «غينيس» لتسجيله رقماً قياسياً في الفساد من ملف السرقات لاموال قوى الامن الداخلي وصولاً الى ملف الانترنت غير الشرعي، اما المعاملات في الدوائر الرسمية فحدث ولا حرج عن مغارة علي بابا وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
ولعل اللافت في جلسة الاول من امس ان عدد النواب الذين حضروا قبل دقائق من انعقادها لم يتعدَّ 5 نواب ظهراً ليعود الى الارتفاع الى 17 نائباً وليرسو على 41 نائباً وبعد نصف ساعة اعلن بري تأجيل الجلسة الى 2 من حزيران المقبل في انتظار معجزة في زمن ولت فيها العجائب الى غير رجعة اما ابرز ما توقف امامه المراقبون ان النواب الذين حضروا اعتصموا بفضيلة الصمت على غير عادة كونهم مولعين بعدسات الشاشات بحسب الاوساط، اما سبب هذه الفضيلة الطارئة فربما يعود الى الانتخابات البلدية التي كشفت عريهم لاعتمادهم السبب الامني للتمديد لمجلسهم العتيد الذي بات مطعوناً بشرعيته، فكيف تسمح الظروف الامنية بانجاز الاستحقاق البلدي ولم تسمح باجراء الانتخابات النيابية، علماً ان الاول اكثر تعقيداً للتداخل العائلي والطائفي والمناطقي.
وتضيف الاوساط انه وسط هذه التراجيديا السياسية والكوميدية في آن يجول البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في فرنسا في رحلة البحث عن رئيس للجمهورية على خلفية ان بكركي صانعة الوطن الصغير وان «مجد لبنان اعطي للصرح» ما يرتب على البطريرك الماروني مسؤولية ادبية في صناعة الرؤساء كون رأس الدولة ورأس الكنيسة المشرقية مترابطان بطريقة او بأخرى وانهما يكملان بعضهما بعضاً في الحفاظ على الوجود المسيحي المشرقي كون لبنان آخر معقل له بعدما اقتصر وجودهم في فلسطين على حفنة من الرهبان بعد تهجيرهم من قبل اسرائيل، ناهيك بالعراق الذي تكفل تنظيم «داعش» الارهابي باقتلاعهم وتفجير كنائسهم وكذلك الامر في المناطق السورية الخاضعة للتكفيريين من مشتقات القاعدة.
وتشير الاوساط الى ان الراعي الذي التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ناقش معه الهم الرئاسي في الاليزيه وقد حضرت اجواء اللقاء في الرسالة التي بعثها هولاند للرئيس بري مؤكداً له «العمل من اجل حل ازمة انتخاب رئيس للجمهورية ودعم لبنان في مواجهة اعباء النازحين» في وقت وعد فيه الرئيس الفرنسي الداعي باثارة هذا الملف مع ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان اثناء زيارته لباريس في نهاية الجاري كما سيناقش هذه المسألة اثر لقائه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي سيزور فرنسا في النصف الاول من شهر حزيران القادم.
وتقول الاوساط انه بموازاة حركة الراعي ثمة حركة نشطة غير مرئية للفاتيكان لحلحلة عقدة الرئاسة قبل انتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني المقبل وان المناخ الاقليمي الدولي يشجع على ذلك في المرحلة الراهنة واذا لم يبادر المعنيون في التقاط الفرصة، فان انجاز الاستحقاق الرئاسي سيوضع على الرف لا سيما وان الادارة الاميركية الجديدة لن يكون بمقدورها التحرك قبل عام تقريباً خصوصاً وان التسلم والتسليم بين الرئيس الاميركي باراك اوباما وخلفه موعده نهاية كانون الثاني من العام 2017، فهل ينجح الراعي بدعم فاتيكاني من اخراج الرئيس العتيد من القمقم. ام ان الطبق الرئاسي سيظل «طبخة بحص»، ربما في موقف الوزيروائل ابو فاعور بعض الامل والذي اعرب فيه عن تفاؤل بالقول: انه يأمل «في ان تتمكن فرنسا من تحريك المياه الراكدة في موضوع الرئاسة».