IMLebanon

الراعي يعجز عن جمع الأقطاب الموارنة

«ليستقِل النواب ويسلّموا وكالتهم لبكركي»

الراعي يعجز عن جمع الأقطاب الموارنة

كل الطرق المارونية الى بعبدا مقفلة. اشتعل الاشتباك السعودي الإيراني ليفاقم حالة المرض الشاغر الذي يفتك بكرسي الرئاسة. لا أحد يملك تصوراً عما ستؤول اليه الامور. كل فريق ينصرف في الوقت الراهن الى لملمة مكوّناته ودرس كيفية مقاربة المستجدات الآتية.

كل هذا الوضع المتفاقم تحمّله بكركي لمن تسمّيها «الجماعة السياسية». يكرر رئيس الموارنة اتهامها بـ «اللامبالاة، وتعطيل التشريع في المجلس النيابي، والاستقالة من التدابير الإجرائية في الحكومة، وزعزعة السلام الاهلي اقتصادياً ومعيشياً ومصيرياً، وتعميم الفوضى والفساد، وإفقار اللبنانيين.. وإرغام الشباب على الهجرة». هذا كله يقوله البطريرك الماروني أمام زواره الذين يقصدونه في هذه الأيام للمعايدة. «يبكون لبعضهم البعض»، على ما يعلّق أحد الزوار، معتبراً أنه «لم يتبق للموارنة سوى البكاء على أطلال رئاسة في ظل العواصف التي تحيط به». وفي سخرية التاريخ، يتذكّر، خلال مغادرته الصرح، أن المبادرة الشهيرة لمخايل الضاهر «رفضها الموارنة من هنا، من على درج بكركي في السياسة ومن الجبهات في الميدان».

في أيام عيد الدنح لدى المسيحيين، وبالعامية «عيد الغطاس»، لا مؤشرات البتّة على أي «ظهور رئاسي». دخلت مبادرة سليمان فرنجية الرئاسية في حالة غيبوبة أو، تلطيفاً، استراحة. إنها المبادرة الوحيدة التي طرحت وتلقفتها بكركي على أساس جديتها في تحريك المسار الراكد. أحدثت المبادرة انشقاقات عمودية وأفقية بين الأٌقطاب الموارنة الأربعة. لم تعُد طاولة بكركي تتسع لهم. لا أحد مستعد للمشاركة في أي اجتماع قطبي رباعي، لا في بكركي ولا خارجها. هذا ما ترشح به أروقة الصرح حيث يتم جس نبض النخبة المارونية.

استنفد البطريرك بشارة الراعي كل سبل الإقناع والترغيب. في العظات واللقاءات والخلوات يكرّر الكلام نفسه عن «جدية المبادرة وضرورة انتخاب رئيس اليوم قبل الغد»، داعياً السياسيين الى «العودة الى رشدهم فيسهلوا انتخاب الرئيس والكل يدعمه». ولكن «لا أمر لمن لا يُطاع». يفسّر مصدر مقرّب من البطريركية بأن المطلوب «ضرب المزيد من المسامير في نعش البطريركية». يقول: «لا أحد يريد أن يقبل بأن يكون للكنيسة أي دور، لا في الملف الرئاسي ولا في أي من ملفات البلد العالقة». يلفت المصدر المطلع إلى أنه «صحيح ان الأقطاب الأربعة اتفقوا على دعم أي منهم في حال رست الأمور عليه، ولكن أريد أن أقول أكثر من ذلك وهو ان يدعم الموارنة بعضهم بعضاً وليس فقط بين الأقطاب، مع التنويه بأن المطلوب ليس أيّ ماروني للرئاسة من شاكلة مَن يسمّونه في القرى: الياس بو نعسة». ويشدّد على أن الحملة الحاصلة ضد البطريرك جائرة «فالرجل ليس من الذين يغيّرون رأيهم أو يقدمون خطاباً مزدوجاً. لطالما كرر المطلب نفسه بانتخاب رئيس وبأن مبادرة فرنجية جدية، بقطع النظر عن آراء بعض المطارنة التي قد تزكي فلانا أو علانا».

عندما عقد اجتماع الاقطاب في بكركي لم يوقع أحد على ما اتفق عليه. الالتزامات جاءت شفهية. ويلفت المصدر المطلع الى انه «تم الاتفاق ايضاً على أنه لا يجوز أدبياً وأخلاقياً حصر الرئاسة بالأربعة، ولذلك كانت الأمور مفتوحة مذذاك». أما اليوم «فلا يبدو ان الظرف في الوقت الحاضر يسمح بانعقاد اجتماع قطبي جديد»، على ما يقول مصدر أسقفي. ويلفت الى ان «لا امكانية لذلك ولا رغبة لدى كل الاقطاب بعدما اختلطت تحالفاتهم وتضعضعت».

ولكن ثمة مَن يتهم الكنيسة المارونية بأن مواقفها يشوبها «الارتباك والضبابية وعدم وضوح في الرؤية. يوم مع فرنجية ويوم ضده. وكأنها فقدت القدرة على التأثير؟». يعلّق الأسقف: «ليستقل النواب الـ 128 ويسلموا وكالتهم لبكركي فعندها تنزل الكنيسة الى المجلس وتنتخب الرئيس». ويتابع متسائلاً: «لماذا انتخبهم الشعب؟». لكنه في الوقت نفسه لا يعتبر أن مبادرة فرنجية «طارت» كلياً بل تأجلت الى أجل غير معلوم «في انتظار بلورة الصورة في المنطقة وما ستفرز من داتا جديدة».

في مقاربته الرئاسية، يرى المصدر الأسقفي أن «المبادرة التي طرحها سعد الحريري كانت حاصلة بالتأكيد على الرضى السعودي، وهذا يعني أنه بعد الاشتباك السعودي الايراني الذي وقع في الأيام الاخيرة لا أعتقد أن المملكة ستكون مهتمة بالموضوع من أساسه بعد الآن. في المقابل، إذا كان الفريق الآخر المحسوب على إيران قد رفض المبادرة سابقاً، فإنه سيرفضها اليوم بشكل مضاعف».