IMLebanon

الراعي لن يسمّي الرئيس.. ويغيّر «التكتيك»

رقيمان بطريركيان تاريخيان لشخصيتين اختصرتا تاريخاً في حياتهما ورحيلهما، صباح وسعيد عقل. تلا البطريرك بشارة الراعي رقيم كل منهما بإحساس واضح.

اختصر احدهم المشهد كالتالي: «انتهت مهمة البطريرك مع الاموات، وهم أحياء، ليعاود التركيز على مهمته مع الأحياء الأموات». خفّف رأس الكنيسة المارونية من «دوز» نقمته او التعبير عنها تجاه اهل السياسة. لم يستسلم ولم تنفد ذخيرته.. لكنه قرر اعتماد ما يمكن تسميته «تكتيكاً جديداً».

يقول بعض مَن زار الراعي مؤخراً: «إذا لم يصرخ في وجه تجار الهيكل، فهذا لا يعني أنه لم يعد ناقماً، لكننا سنرى طريقة جديدة من الآن وصاعداً». اما اوساط كنسية رفيعة فتقول أكثر من ذلك: «ربما لأنه لمس بوادر إيجابية وعليه لا يريد ان يحرق ما يمكن ان يتحقق».

هذه «البوادر الايجابية» يمكن ربطها بعوامل عديدة ابرزها مسألة الحوار، او بالاحرى استعداد المعنيين ودعمهم للفكرة. «كثيرون بدأوا يتصلون لطلب مواعيد، فالعلاقة ليست مقطوعة مع احد والجميع يريد ان يساهم من موقعه في أي مساعٍ للخروج من عنق الزجاجة».

تجسّ بكركي نبض مختلف القوى. «الكل يرغب باستئناف الحوار والبعض ينتظر أن تجد له الكنيسة مخرجاً من مواقف سابقة له بعدما وصل تصلبه الى منسوب مرتفع جداً». عارفون في الشأن الكنسي يعتبرون ان «بكركي عادت لتصبح محور اي تحرك من شأنه ان يساهم في حل الازمة السياسية والرئاسية في شكل اساس. وهي الوحيدة القادرة حالياً على لعب هذا الدور». بات من المعلوم أن البطريرك لن يدعم بعد اليوم لقاءات فاشلة «فاليوم لا خسارة أكبر من الخسارة التي حصلت بحصول الفراغ وشلل البلاد والمؤسسات وبالتالي التأني بات واجباً لكي تعطي اي خطوات ثمارها المرتجاة».

يواصل البطريرك إجراء لقاءات على الإعلام وبعيداً منه. يقول عارفوه: «كل الحدة التي طبعت خطاباته كان الهدف منها إحداث كوّة في جدار الشلل، فجاءت مواقفه مباشرة وصلبة ووطنية أمام مشهد اللبنانيين المساقين الى ذبح التمديد والشلل». يكرر أسفه وألمه من انتهاك الميثاق الوطني قبل الدستور، ولا سيما امام تعرية مؤسسات الدولة من مسؤولياتها ودورها وصولاً الى تعرية الكيان اللبنانية برمته.

وعليه، والى جانب صدمة الداخل، يعتبر البطريرك أنه حمل على كاهله صدمتين: صدمة الغرب بما حلّ بالمقعد الرئاسي في لبنان، وكذلك صدمة الانتشار اللبناني في الخارج العاجزين عن استيعاب كل ما آلت اليه الامور في بلد كلبنان في القرن الحادي والعشرين.

حمل الراعي الصدمتين وحاول ان يخاطب ضمير الداخل والخارج. فخاطب الفاتيكان المذهول للوضع اللبناني، لأن موقع رئاسة الجمهورية يعني الكثير لحاضرة الفاتيكان. وهو يستمر في مخاطبة الغرب، عبر سفرائه، في سبيل التوصل الى الحل المنشود. وهذا الحل، برأي البطريرك، ما زال ممكناً عبر العودة الى المؤسسات.

الراعي، بحسب مقرّبين منه، لم ولن يسمّي رئيس الجمهورية لأنه يحترم مجلس النواب والمهمات الموكلة إليه. ويذهب أبعد من ذلك، فهو يستغرب المطالبة بالتوافق قبل التوجّه الى الاقتراع في البرلمان، لأن في هذا «ضرباً لمبادئ الديموقراطية». والمطلوب بالتالي أن نمارس هذه الديموقراطية التوافقية التي يتميّز بها لبنان، ولو طالت جلسات الاقتراع والتشاور، فالمهم أن تكون.. تحت قبة البرلمان.