لا شك بأن المخاوف اللبنانية تبرز اليوم بقوة من قيام المجتمع الدولي بحلّ قضية النازحين السوريين على حساب لبنان، وهذا يعني بروز مشاكل سياسية وأمنية من جديد بين السوريين واللبنانيين، أو خلق فتن وأزمات يدفع اللبنانيون ثمنها. بحسب ما تتخوف مصادر سياسية مواكبة للملف، وتعتبر بأننا سنشهد في الأشهر المقبلة مزيداً من النقاش والسيناريوهات في حال فشل المسعى الروسي في الحل، وستكون هذه المشكلة متربّعة على عرش المشكلات اللبنانية لانها من أصعب ما يواجههم، وبالتالي فإن نقطة الضعف هذه ستكون المحور الاساسي الذي يتطلب من الاقطاب السياسيين إتخاذ قرار موّحد وعلني من الجميع، على غرار ما اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون منذ سنوات وليس اليوم على رفض التوطين بكل أشكاله، لان كلمة «توطين» عادت لتدّب الرعب في نفوس اللبنانيين من جديد، بحيث لم يجد هذا الملف طريقاً بعد الى حلول عملية تنظر جدياً بأوضاع هؤلاء، ليصبح تأثيره على لبنان بمثابة الكارثة التي ساهمت في تردي اوضاعه من كل النواحي. وذكّرت هذه المصادر بأن اتفاق الطائف أدخل بند رفض التوطين في الدستور ليؤكد الإجماع اللبناني عليه. أي ان المطلوب اليوم إعلان هذا الرفض علناً ومن كل الاطراف من دون أي إستثناء، مشددة على ضرورة ألا تلعب المذهبية دورها مجدداً.
ولفتت المصادر عينها الى ان بكركي متخوفة من وصول هذا الملف الى طريق مسدود، سوف يشكل خطراً على لبنان، لذا كان ولا يزال البطريرك الماروني بشارة الراعي يشدّد في عظاته ومواقفه السياسية، على ضرورة حل هذه المسألة، وانطلاقاً من هنا، دعا الى لقاء الاحزاب المسيحية في بكركي للخروج برؤية موحّدة، كما جرى يوم الجمعة الماضي، حين عقدت لجنة المتابعة المنبثقة من لقاء النواب الموارنة اجتماعها في الصرح البطريركي، وكانت الآراء توفيقية للخروج بخطاب موحّد الى الداخل والمجتمع الدولي، لان لبنان لم يعد يحتمل، ناقلة بأن البطريرك الراعي سيكثّف قريباً جداً اتصالاته ولقاءاته مع كبار المسؤولين والسفراء والمرجعيات الاسلامية، للخروج بموقف مماثل وإنقاذ لبنان من هذه الازمة التي ستلحق الاضرار باللبنانيين على مختلف اطيافهم وطوائفهم.
ونقلت هذه المصادر عن نائب شارك في اجتماع بكركي، قوله بأن الرؤية التي اتفقوا عليها اكدت على نقاط مشتركة، ابرزها بأن تكون عودة النازحين غير مرتبطة بالحل السياسي، أي منفصلة تماماً عنه، وبأن مناشدة المجتمع الدولي للدعم المطلوب في هذه المسألة يجب ان يتمحور حول العودة النهائية الى ديارهم لا البقاء في لبنان ابداً، إضافة الى الدعم المطلق لمبادرة رئيس الجمهورية في اتجاه روسيا لحل هذا الملف.
وعن مدى تفاؤلهم بنجاح زيارة رئيس الجمهورية الى موسكو، ابدت المصادر عينها املها بنجاح مهمة الرئيس عون بتحريك المسعى الروسي، لان زيارة كبير المسؤولين اللبنانيين يجب ان يفعل صداه، واملنا كبير بذلك. لكنها رأت بأن المجتمع الدولي ككل لا يشجع عودة النازحين قبل انتهاء الحرب نهائياً في سوريا. وما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب قبل سنة ونصف السنة في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أثار بلبلة وإستياءً شديدين على الساحة اللبنانية، بعد طرحه توطين اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها، وقوله: «بكلفة توطين لاجئ في الولايات المتحدة، يمكننا مساعدة عشرة لاجئين في مناطقهم»، الامر الذي يزرع المخاوف بقوة لدينا كلبنانيّين.