Site icon IMLebanon

قمّة الرياض: القدس «عاصمة مؤجّلة» و«إيران الى حدودها»

سيُكتب الكثير عن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض غداً والقمّة الأميركية – العربية ـ الإسلامية الموسّعة التي ستستضيفها. فهي القمّة الأولى التي يشارك فيها سيد البيت الأبيض الذي يمضي نهاية شهره الخامس فيه وقبل أن يشارك في قمّة الحلف الأطلسي وغيرها من التجمعات الدولية التي تقودها واشنطن. فما الذي قاده الى الحدث؟ ومَن استدرَجه؟ وما هي الأثمان؟ وما سيجنيه؟

تتّجه الأنظار الى الرياض التي سيزورها ترامب غداً في زيارة يحتار الديبلوماسيون في توصيفها. فهي ليست بزيارة دولة ولا زيارة رسمية عادية بل زيارة استثنائية وأكثر مما هو متوقع من أيّ حدَث مشابه في التوقيت والشكل والمضمون والأهداف.

وهي ستضع رئيس اكبر دولة تحارب الإرهاب في مواجهة رؤساء الدول الإسلامية وملوكها وأمرائها قبل أن تكون عربية أو خليجية. ورغم أنّ من بينهم مَن سمحت له الظروف أن يلتقيه في البيت الأبيض قبل أن يغادره في أوّل إطلالة على العالم الخارجي وقبل أن يزور موسكو او الصين أو إسرائيل، فإنّ على جدول أعمال اللقاء عناوين جديدة بالغة الدقة قد تتحكّم بمستقبل العلاقات بين واشنطن وعواصم هذه الدول لم تتناولها اللقاءات السابقة.

من بين التقارير التي تحدّثت عن الظروف التي قادت ترامب الى الرياض في هذه العجالة ووسط هذه الإحتفالية الإستثنائية وغير المسبوقة التي نظّمتها له القيادة السعودية، تقرير يتحدّث عمّا أنجزته زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لواشنطن. فهي – وحسب هذا التقرير- شكلت محطةً تاريخية فارقة في تاريخ العلاقة بين ترامب والدولة التي «شتمها» والنظام الذي حمّله مسؤوليات كبيرة في أكثر من محطة تاريخية تمسّ مصالح أميركا والأميركيين.

وهو سيلتقي مع مجموعة من رؤساء الدول التي طاولتها الإتهامات التي وجّهها الى المسلمين، وعبّر عن رغبته بمنع دخولهم اراضي الولايات المتحدة في أوّل أوامره التنفيذية بعد أيام على دخوله المكتب البيضاوي في زمن الذعر الأميركي من «الإرهاب الإسلامي».

وفي التقرير صفحات كثيرة تحدّثت عن صفقة اقترحها الأمير السعودي الشاب على رجل المال والأعمال – قادت الرئيس الساعي الى جباية أكبر عدد من مليارات الدولارات التي يرغب بعودتها الى الولايات المتحدة، الى الرياض.

وهو الرئيس الذي يرغب بتوسيع أسواق الصادرات الأميركية العسكرية وغير العسكرية في الخارج لإنعاش الإقتصاد الأميركي واستثمار الحمايات الأميركية التي توفّرها بلادُه لعدد من الدول والأنظمة الموضوعة على لائحة اصدقائها في قارات العالم بكلفتها الحقيقية المادية ووقف كل برامج الهبات والضمانات العسكرية والسياسية والديبلوماسية المجانية.

وعلى هذه الخلفيات، ولأسباب أخرى وجد ترامب أنّ أمامه فرصة لا تفوَّت لإستعادة الهيبة الأميركية في الخارج، وشاءت المصادفات أن تكون هذه الزيارة بالتزامن مع خطواته العسكرية لإعادة النفوذ الأميركي وحضور بلاده على مساحة الأزمات في الشرق الأوسط على أنقاض الخسائر التي مُنيت بها في سوريا والخليج العربي نتيجة انكفاء سلفه باراك أوباما عن المواجهة مع إيران على أكثر من ساحة وخصوصاً في سوريا واليمن والعراق.

وصودف هذه المرة أنّ القضايا التي اضطُر ترامب الى مواجهتها هي من القضايا التي تعني واشنطن ومعظم عواصم هذه الدول التي سيلتقي قادتها في الرياض وتلاقت على عدائها لإيران وحلفائها في الخليج وسوريا، فاتفقوا جميعاً على ضرورة اجبارها على العودة بنفوذها الى داخل حدودها ووقف مشاريعها التوسّعية في مناطق النزاع المتعددة.

والى هذه القراءة التي يُجمع عليها أكثر من ديبلوماسي محلّي وأجنبي، يبقى أنّ هناك جانباً من الزيارة قد يقلق حليفة واشنطن الأولى في العالم وهي الدولة الإسرائيلية، ولذلك فقد أقرّت التقارير الواردة من واشنطن منذ ايام بسلسلة من الضمانات التي أعطاها ترامب للقيادة الإسرائيلية التي سيجري أوّل تقييم لقمة الرياض معها وتضمن لها برامج المساعدات والهبات بلا مقابل التي ستُحرَم منها دول أخرى عدا عن التعهّد ببقائها على تفوّقها في كل المجالات العسكرية والإقتصادية في محيطها الجغرافي الأقرب والأوسع.

ولئلّا تفاجَأ إسرائيل بما قد يلتزمه ترامب في القمة، فقد بدأت إدارته بشرح الظروف التي ستدفعه الى تأجيل نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس الى مرحلة قد تنتهي فيها ولايته قبل الإقدام على هذه الخطوة.

ففي كل المعلومات التي تبلّغها زوّار واشنطن أنّ ترامب اقتنع من كل الزعماء العرب والمسلمين الذين زاروه بأنّ أيّ خطوة من هذا النوع ستؤدي الى تردي العلاقات بين واشنطن وهذه الدول بطريقة يصعب ترميمها وقد تفجّر الوضع في فلسطين المحتلة وتنهي الأمل بأيّ خطوات تنحو الى السلام بين الدولة العبرية والفلسطينيين وهو أمر لم يعد موضوع نقاش في واشنطن والى أمد بعيد.

وبناءً على ما تقدّم لا يخفي المراقبون الديبلوماسيون الذين سيواكبون هذه الزيارة والقمة الموسعة إقتناعهم بأنّ ما سيعقده ترامب من صفقات عسكرية ومالية واقتصادية وديبلوماسية ستجعل منها فتحاً كبيراً لا يُقاس بحجم الأثمان التي عليه دفعها في قيادة المواجهة مع إيران في سوريا والعراق واليمن لتقطيع أذرعها ولردّ نفوذها الى حدودها الجغرافية وتأجيل قرار نقل سفارة بلاده الى القدس بما يضمن عودته بقوة الى كل الساحات العربية والإسلامية منقذاً ومنتصراً ليستثمر ما جناه في الداخل الأميركي حيث ينقصه الكثير الكثير.