تحرير عسكري.. وسلام وإبراهيم: الملف على السكة
المجلس العائد يطوّق «التنسيق» بـ«السلسلة»!
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثلاثين بعد المئة على التوالي.
المجلس النيابي الذي أراد البعض إقفال أبوابه «تضامناً» مع قصر بعبدا الشاغر، ينفض عنه اليوم غبار البطالة، ويعود الى العمل من بوابة الجلسة التشريعية التي ستحقق ما عجزت عنه الجلسات الانتخابية المتلاحقة لجهة لمّ شمل النواب.
ويدخل كل طرف الى الجلسة متأبطاً حساباته. «قوى 14 آذار» تفترض أنها ستتمكن من مقايضة تشريع الضرورة بالتمديد الاضطراري، والرئيس نبيه بري يعتبر أنه نجح في فك الارتباط بين دور المجلس وواقع المؤسسات الدستورية الأخرى، بعد محاولة البعض تكريس معادلة جديدة وهي وقف التشريع في حال استقالة رئيس الحكومة أو شغور موقع رئاسة الجمهورية. وفي حين يُفترض أن تنطلق الجلسة التشريعية قبل ظهر اليوم من سلسلة الرتب والرواتب، بعد «هندسة» تفاهم شبه تام عليها بين بري وحلفائه، وتيار المستقبل، والقوات اللبنانية، بدا أن الاعتراضات التي صدرت عن الجهات النقابية، أزعجت رئيس المجلس الذي حذر ليل أمس، من أن استمرار هذا المناخ السلبي سيدفعه الى سحب بند السلسلة من جدول اعمال الجلسة، ناصحاً المعنيين بألا يجرّبوه.
سلام: نفاوض بسرية
أما على خط قضية المخطوفين العسكريين، فإن جهود الوسيط القطري الموجود في لبنان، أثمرت ليل أمس، بالتعاون مع الامن العام، إفراجاً عن المعاون أول في الجيش كمال الحجيري الذي كانت قد اختطفته «جبهة النصرة» منذ قرابة أسبوعين في جرود عرسال.
وقال الرئيس تمام سلام لـ«السفير» إن التفاوض بدأ يسلك مجراه، كما أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ«السفير» إن إطلاق سراح العسكري «هي بداية وضع الملف على السكة الصحيحة، على أن يلي ذلك ما يليه».
وكانت قد سُجلت أمس مواجهة هي الاولى من نوعها بين أهالي المخطوفين والقوى الأمنية التي استخدمت القوة لإجبار المعتصمين على إخلاء طريق المصنع الدولية، بعد إقفالها لبعض الوقت، في حين بقيت طريق ضهر البيدر مقطوعة.
وتعليقاً على هذه الأجواء، قال سلام لـ«السفير»: إذا أراد الاهالي والقوى السياسية إخضاعنا لهذا الإرهاب فلن تنتهي مشكلة العسكريين، وسيتحول العسكريون الأبطال الى سلع رخيصة في بازار المزايدات والخلافات والترهيب. واعتبر انه من المأساوي أن يتحول الخاطفون الى ضمانة للأهالي وتصبح الدولة هي المتهمة والقاتلة فتشنّ عليها الحملات، تحت وطأة تهديد الخاطفين بقتل الرهائن.
واكد سلام «ان الحكومة تفاوض بسرية تامة ولا يجوز في تفاوض حساس ودقيق كهذا ان يعلم العالم كله بتفاصيله، وان يتحول الى بازار بين مقايضة من هنا او قمع من هناك او حسم من هنالك».
وقال: هناك آلية طويلة ستأخذ مجراها في التفاوض، والجانب التركي وعدنا بعد لقائي مع الرئيس رجب طيب اردوغان ببذل الجهود، وكذلك الجانب القطري، وقد وصل المفاوض القطري الى لبنان منذ يومين، كما باشر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم تحركه.
«السلسلة»: مخاض اللحظة الأخيرة
وعشية انعقاد الجلسة التشريعية، أعلنت «نقابة المعلمين في المدارس الخاصة» عن الإضراب العام المفتوح «حفاظاً على وحدة التشريع» اعتباراً من اليوم، وتنفيذ اعتصام عند العاشرة صباحاً أمام مجلس النواب أثناء انعقاد الجلسة التشريعية، احتجاجاً على عدم شمول معلمي القطاع الخاص بالدرجات الست التي مُنحت لـ«الرسمي».
وتوجهت «هيئة التنسيق النقابية» بعد اجتماع طارئ ليل أمس الى «الرئيس بري الذي بذل جهوداً مقدرة لعقد الجلسة المخصصة لإقرار «السلسلة»، والى جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين»، آملة منهم إقرار السلسلة التي تضمن حقوق القطاعات الوظيفية كافة بإعطاء جميع هذه القطاعات نسبة زيادة واحدة (75% المتبقية من اصل 121%)، محملة «مسؤولية ضرب الحقوق لكل نائب يصوّت ضدها». وأكدت ضرورة الحفاظ على الفارق بين الفئة الثالثة للأستاذ الثانوي والفئة الرابعة للمعلم في التعليم الاساسي (6 درجات) وفق الاتفاقات، معلنة عن المشاركة في اعتصام معلمي القطاع الخاص اليوم والوقوف الى جانب نقابتهم ودعم مطالبهم.
واعلنت «الهيئات الاقتصادية» رفضها مشروع سلسلة الرتب والرواتب «بصيغته الراهنة».
بري يحذر
في المقابل، قال الرئيس بري أمام زواره أمس: بلغتني ردود فعل سلبية من بعض أطراف «هيئة التنسيق» على صيغة السلسلة، كما سُجلت اعتراضات من الأسلاك العسكرية، برغم أن طبخ هذه «السلســــلة» استغرق وقتاً طويلاً وتطلب مني جهداً مضنياً، حتى كدنا نستوي نحن قبل أن تستوي هي.
أضاف: برغم اننا أخذنا بعين الاعتبار حقوق الجميع، وصلتني رسالة من رابطة التعليم الثانوي الرسمي تحتج فيها على منح معلمي الابتدائي الدرجات الست التي حصل عليها الثانويون. واشار الى انه يحق لأحدهم أن يعترض على ما يخصه، لكن ليس على ما يقرره مجلس النواب لسواه، فهذا أمر يعود تقديره للدولة المسؤولة عن القطاع العام، مبدياً تفهمه حصراً لموقف معلمي القطاع الخاص.
وتابع: اقولها بالفم الملآن انه في حال استمرت الاعتراضات غير المسؤولة حتى موعد انعقاد الجلسة التشريعية، فأنا سأسحب بند السلسلة من جدول الاعمال ولو انه أصبح يحظى بتوافق الاكثرية النيابية، وسأحيله مجدداً الى اللجان النيابية المختصة، لإعادة درسه، وعندها ليتدبر المعترضون أمرهم معها.
ولفت الانتباه الى ان «الرئيس فؤاد السنيورة وصديقي وليد جنبلاط ألحّا علي كثيراً كي أؤجل مناقشة «السلسلة» إلا أنني تمسكت بموقفي وهو أنها ممر إلزامي للتشريع، تحسساً مني بحقوق هيئة التنسيق والاسلاك العسكرية، كما ان حلفائي اعترضوا على زيادة 1 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة، لكنني وافقت عليها.. كل ذلك حتى نحسم هذا الملف وننصف أصحاب الحقوق، فهل هكذا أكافأ؟ وإذا كنا سنحمّل خزينة الدولة أعباء إضافية من دون أن يكون هناك تقدير او تفهّم لما نفعله، فلماذا نستمر في عملنا؟». وختم بري متوجهاً الى من يعنيه الامر: أنصحهم بألا يجربونني غداً (اليوم).
وفي سياق متصل، قال وزير المال علي حسن خليل لـ«السفير» إن السلسلة المقترحة هي بأقل تداعيات سلبية سواء على الموظفين المستفيدين منها، أو على الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى انه تم القبول بزيادة الـ1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة لتصبح 11 في المئة، «ونحن نعلم أن هذا الخيار ليس مثالياً ولا شعبياً، في مقابل إلغاء خفض كامل السلسلة 10 في المئة».