IMLebanon

خاطفو العسكريين لـ«معبر آمن» بين عرسال وجرودها!

خاطفو العسكريين لـ«معبر آمن» بين عرسال وجرودها!

الأمن الاجتماعي مهدّد.. بتطيير «السلسلة»

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث والثلاثين بعد المئة على التوالي.

كل الدروب إلى التسويات الداخلية مقفلة، وبرغم ذلك، ينعم لبنان بحد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني، لا يشبه أبدا صورة المنطقة من حوله، وخصوصا صورة الحروب العالمية الجارية على أرض سوريا والعراق.

ولعل السؤال الذي يجب طرحه في أيام «الأضحى»، وفي خضم أزمة العسكريين المخطوفين: اذا كان الفضل في استمرار الاستقرار السياسي هو للخارج، القريب والبعيد، فمن هو الضامن للاستقرار الاجتماعي غير اللبنانيين أنفسهم؟

حتى الآن، كل المعطيات تشير الى أن سلسلة الرتب والرواتب أصبحت في خبر كان. قد يكون هذا الاستنتاج أجمل خبر لا بل بمثابة «عيدية» عند «الهيئات الاقتصادية»، وخصوصا المصارف والشركات المالية والعقارية، لكن من يجيب عن سؤال الغد، في ظل وجود قطاعات اجتماعية واسعة تقارب عتبة الربع مليون أستاذ ومعلم وموظف وعسكري، تتعرض تعرّضاً ممنهجاً للتهميش الى حد سحق ما تبقى من طبقة وسطى، ومنع أي توازن يساعد في إعادة إحياء هذه الفئة الضامنة للاستقرار الاجتماعي؟

نام الاساتذة الجامعيون والقضاة على «سلسلتهم» وها هم العسكريون يطالبون ايضاً بـ«سلسلتهم» وبدل أن تتصرف السلطة، حكومة ومجلسا، بما يمنع التوغل في الخطأ اذا كان قد وقع في السنوات الماضية، تصر على ممارسة العجز، ويصبح رمي «السلسلة» في أدراج اللجان النيابية المشتركة هو المخرج.

عمليا، يصح القول إن «السلسلة» قد طارت. هذا هو الانطباع السائد عند أهل الحل والربط (كل قادة أحزاب «8 و14 آذار» من دون اي استثناء)، والعوامل التي أدت الى ذلك موجودة عند المصارف، بما تملكه من ثقل وازن عند معظم الطبقة السياسية، لا بل عند بعض «مرابط خيلها» في عدد من المؤسسات غير المدنية، لتكتمل بذلك الأدوار، من دون أن يدري هؤلاء جميعا أية مسؤولية تترتب عليهم اذا انفرط عقد الاستقرار الاجتماعي، وهل سيكون مستغربا مشهد معلمين وإداريين وغيرهم يوجهون احتجاجهم الى حيث تبيض الدجاجة ذهباً 365 يوماً في السنة؟

لقد سقطت «السلسلة» بالضربة القاضية على حلبة الهيئة العامة لمجلس النواب، وبدل إعلان وفاتها وتحديد مراسم دفنها نهائيا، نُقل جثمانها الى اللجان النيابية المشتركة، ولكن من دون تحديد موعد لانعقاد تلك اللجان في المدى المنظور، خاصة أن المجلس النيابي صار أمام أولوية وحيدة في المرحلة المقبلة، وهي تمديد ولايته قبل أي شيء آخر.

لذلك، لا مبالغة أو مجازفة في القول ان السلسلة صارت من الماضي، بعدما طارت فرصة تاريخية لإقرارها الاربعاء الماضي، بفعل المزايدات، وخصوصا من قبل «الغيارى الجدد» على العسكريين، ممن كانوا يهمسون في السر أن الأسلاك العسكرية «تأكل البيضة والتقشيرة»، ولكن عند «المواجهة»، بلع الكل ألسنتهم.

نعم، كانت هناك فرصة تاريخية قد لا تتكرر في المدى المنظور أو البعيد، وأما الخاسر بالدرجة الاولى فهم الموظفون والمعلمون والعسكر، ما يعني ان فتيل المطالب الموجود في الشارع منذ ثلاث سنوات ونيف (50 يوم إضراب حتى الآن) سيبقى مشتعلا حتى إشعار آخر.

فهل ان يدا خفية صاغت «السلسلة»، بنسختها الأخيرة، لتفخخها برزمة ألغام قابلة لتفجيرها، ولا سيما في ما خص الاساتذة والفوارق بالدرجات وقضية معلمي الخاص، وكذلك لغم العسكريين بما يستفز المؤسسة العسكرية على نحو ما حصل بالفعل، وبالتالي يتخذ اعتراض الجيش ذريعة لسحب السلسلة؟

العسكريون والأهالي.. والوسطاء

من جهة ثانية، اختارت المجموعات الإرهابية التي تخطف العسكريين منذ 62 يوما الاحتفال بعيد الاضحى، على طريقتها، فأرسلت أمس «عيدية دموية» عبارة عن برميل مموّه ومليء بالمتفجرات المعدة للتفجير بإحدى دوريات الجيش في منطقة عرسال، قبل أن يتم كشفه وتعطيله، في عملية هي الثانية بعد عبوة المئة كيلوغرام التي ضُبطت بالقرب من حاجز تابع للجيش في محلة عين الشعب في المنطقة ذاتها.

وفي الوقت نفسه، واصل أهالي العسكريين اعتصامهم وقطعهم لطريق ضهر البيدر، في انتظار حصولهم على ضمانات بالإفراج عن أبنائهم العسكريين، وهو ما «لم يتأمن بعد» على حد تعبير الوزير وائل ابو فاعور الذي كشف ان موضوع المقايضة لم يبت في مجلس الوزراء «لا سلبا ولا ايجابا».

وفي غياب أيّ جديد على خط المساعي التي يجريها الوسيط القطري مع الخاطفين، قال رئيس الحكومة تمام سلام إنه منذ بداية الأزمة لم يلتزم بوعود غير قادر على ضمانها، وانه حرص على اعتماد الشفافية في مواجهة هذا الملف المعقد والشائك والخطير، وتمنى على الجميع «ضبط النفس والاعتناء بالمواقف والتصريحات رأفة بحياة العسكريين وحرصا على التقدم في المفاوضات التي تتطلب درجة عالية من التكتم والسرية».

وأعرب سلام عن تفهمه الكامل للمواقف التي يتخذها أهالي العسكريين، وأوصاهم منذ البداية بأن يبقوا على أصواتهم مرتفعة، ويستمروا في المطالبة بالإفراج عن أبنائهم، متضامنين مع الدولة حكومة وجيشاً ومؤسسات أمنية في مواجهة أعداء الوطن في جبهة داخلية متراصة موحدة.

الى ذلك، تحدثت مصادر مواكبة للمساعي الهادفة لإطلاق العسكريين عن شروط تعجيزية يطرحها الإرهابيون، ليس فقط لناحية إطلاق سراح الموقوفين بعد الهجوم على مراكز الجيش في عرسال في الثاني من آب الماضي، أو وقف الإجراءات بحق مخيمات النازحين السوريين، أو الإفراج عن سجناء معينين في سجن رومية، بل ان بيت القصيد الذي يسعى اليه الخاطفون هو إيجاد «معبر آمن» بين عرسال وجردها، ما يعني انسحاب الجيش اللبناني من بعض المناطق التي بسط سيطرته عليها، ولا سيما في التلال المشرفة على عرسال وعلى المعابر بينها وبين الجرود.

وقال مرجع أمني لـ«السفير» ان الجيش أحكم الطوق على المنطقة وفصل عرسال عن الجرد بالكامل، «وما العبوات الناسفة التي نراها من وقت الى آخر سوى عينة من محاولات تلك المجموعات فك الطوق وتسهيل مرورها الى عرسال، وهذا دليل على فعالية الحصار الذي يفرضه الجيش، علما ان الموافقة على فتح «المعبر الآمن» ما بين عرسال والجرود، معناها فتح الطريق أمام تلك المجموعات لاحتلال عرسال مجددا، ووضع المنطقة كلها فوق برميل بارود».