لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والعشرين بعد الثلاثمئة على التوالي.
برغم الحملات السياسية المحتدمة بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» فوق الصفيح اليمني الساخن، فإن جلسة الحوار العاشرة بين الطرفين ستُعقد الخميس المقبل حتما في عين التينة حسب تأكيد الرئيس نبيه بري، برغم خشيته من أبعاد التصعيد الإعلامي المتزايد.
ومن المُتوقع ان تخضع العلاقة الثنائية الى عملية «صيانة» مجددا، بعد هبوب «عاصفة الحزم»، ليُتابع بعد ذلك النقاش حول سبل تخفيف الاحتقان والاستعدادات لتوسيع الخطة الامنية في اتجاه بيروت والضاحية الجنوبية، فضلا عن المضي بملف الاستحقاق الرئاسي.
وفي انتظار تحصين الامن السياسي المشرّع على رياح المنطقة و «عواصفها»، تستمر العيون مفتوحة على الواقع الأمني، والتي كان من أبرز نتائجها، الإنجاز النوعي الذي حققه فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي بإلقاء القبض على المطلوب الشيخ خالد حبلص في «كمين المئتين»، أمس الأول، والذي أدى الى مقتل اسامة منصور أحد أخطر المطلوبين شمالا، وهو «توأم شادي المولوي» المتواري في عين الحلوة.
وأظهر توقيف حبلص في الشمال و«ابو سياف» (نبيل الصديق) في البقاع، وجود محاولة متزامنة لتحريك «خلايا نائمة» في المنطقتين، اذ ان الاجتماع الذي كان حبلص يعقده كان يصب في هذا الاتجاه، بينما كان «ابو سياف» يستعد لتحريك عشرات الشبان المبايعين لتنظيم «داعش» في منطقة البقاع!
وفيما سجل دخول مستجد لتنظيم «القاعدة» ربطا بهذا الانجاز، عبر الناطق باسم «كتائب عبدالله عزام» الشيخ سراج الدين زريقات، بتوجيهه تهديدات الى القوى والاجهزة الامنية والعسكرية، كشف مرجع أمني كبير لـ «السفير» أن الشخص الثالث الذي كان يرافق حبلص وتمكن من الفرار تم توقيفه أمس ليصبح عدد الموقوفين ثلاثة.
ولقد فرض هذا الإنجاز إيقاعه على المشهد الداخلي، وتتركز الأنظار على ما ستفضي اليه التحقيقات مع حبلص، وسط تعويل من قبل المحققين على سبر أغواره وانتزاع ما يكتنزه من أسرار من شأنها ان تميط اللثام عن كثير من الأعمال الارهابية في طرابلس وفي بحنين التي ارتكبت فيها المجموعات التابعة لحبلص مجزرة بحق عناصر الجيش اللبناني.
وقالت مصادر امنية واسعة الاطلاع لـ «السفير» انه لم يتم التأكد من هوية حبلص إلا بعد وصوله الى مقر توقيفه في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، اذ إنه قال للعسكريين الذين ألقوا القبض عليه في طرابلس: «لست خالد حبلص. أنا شقيقه وشبيهه»، قبل أن يتبين لاحقا أنه زوّر أوراقه الثبوتية وغيّر في مظهره الخارجي، تحسبا لاحتمالات كهذه.
وأشارت المصادر الى ان التحقيق معه ما يزال في مراحله الاولية ولن يكون سهلا، «خصوصا ان المحققين يضعون في الحسبان انهم يواجهون شخصا مدربا على مواجهة المحققين».
ورجحت المصادر إمكان نقل حبلص من فرع المعلومات الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني في مرحلة تالية، نظرا لوجود ملف كامل له يحتوي على مختلف التفاصيل التي تحيط بنشاطه الارهابي في منطقة الشمال وصولا الى عرسال.
المشنوق يرد على «العلماء المسلمين»
وفيما أصدرت «هيئة العلماء المسلمين» بيانا للتشكيك بالعملية الأمنية في الشمال، أطلق سراج الدين زريقات سلسلة تغريدات على حسابه على «تويتر» اتهم فيها الاجهزة الأمنية باستباحة طرابلس وملاحقة من سماهم «أبناء أهل السنة والجماعة»، وحماية من سماهم «أتباع حزب إيران قتلة الوزراء والنواب وقادة الدولة اللبنانية».
وانتقد الخطط الامنية «في مناطق أهل السنة» فقط، وتوجه الى ضباط فرع المعلومات ومخابرات الجيش قائلا مهددا: «تخافون نهاية كنهاية وسام عيد فيقتلكم «حزب الله»، استمروا بسياستكم فلن تحصدوا والله إلا زرعكم. مشكلتكم ليست مع أسامة منصور أو شادي مولوي أو الشيخ (احمد) الأسير. مشكلتكم مع أهل السنة في لبنان، وإن غدا لناظره قريب»!
وسارع وزير الداخلية نهاد المشنوق للرد على بيان «هيئة العلماء المسلمين» بقوله بعد تفقده العسكريين الجريحين في أحد مستشفيات العاصمة: «هناك آية في القرآن الكريم تقول «اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، وطالب العلماء بأن يتبينوا الأمور قبل إصدار أي بيان، وأشار إلى أن عناصر شعبة المعلومات «لم يطلقوا النار اولا إلا بعدما أطلقت عليهم وأصيبوا».
وختم: «لن نترك أي متهم أو مطلوب للقضاء في كل الأراضي اللبنانية، وتحديدا في الجنوب أو الضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي، وهذه مهمة لن نتوقف عنها، وليس نهاد المشنوق من يترك مهمة من هذا النوع، ولا يترك أي مطلوب للقضاء أيا كانت طائفته أو منطقته أو أيا كان انتماؤه السياسي».
وكانت «هيئة العلماء المسلمين» قد حذرت «من سياسة الكيل بمكيالين والسماح لبعض المطلوبين بالفرار كما حصل في البقاع وبريتال تحديداً ومحاصرة الآخرين بحسب الانتماء الطائفي والمذهبي والحزبي، وكتم التحقيقات وانتهاكات حقوق الإنسان»، واعتبرت أن هذه الممارسات «لن تؤدي إلى حفظ السلم الأهلي الذي نحرص عليه بل قد تؤدي إلى ضده».
وفي سياق أمني متصل، أكدت مصادر امنية موثوقة لـ «السفير» ان الاجهزة الامنية تراقب تحركات مريبة لمجموعات إرهابية في العديد من المناطق، ولا سيما الشمال والبقاع. وكشفت عن وجود مخاوف من تحريك «مجموعات نائمة»، وتحديدا في منطقة البقاع الغربي، مشيرة الى ان تمكن مخابرات الجيش من إلقاء القبض على القيادي في تنظيم «داعش» نبيل الصديق ابو صالح (سوري) الملقب بـ «ابو سيّاف»، واللبناني علي احمد ايوب، أحبط مخططا خطيرا كان يُعد للمنطقة، اذ ان الصديق حضر اليها بهدف مشاركة احد قادة «داعش» بإعلان مبايعة العشرات من الشبان اللبنانيين والسوريين لهذا التنظيم.
وفي المعطيات المتوافرة ان «أبو سيّاف» هو القاضي الشرعي لـ «داعش» في عرسال، كما شارك ميدانياً في المعارك التي شهدتها الجبهة الشرقية، من عرسال الى رأس بعلبك.