أسبوع لاكتمال خطة الضاحية.. وإجهاض مخطط إرهابي لخلايا الأسير
عون: ليصمت الفاسد .. والسنيورة: فخور بما فعلته
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الأربعين بعد الثلاثمئة على التوالي.
برغم الشغور في موقع الرئاسة، وبرغم أن الأمن يكاد يكون معدوما في الاقليم المتفجّر، من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق وليبيا.. فإن الخطة الأمنية افتتحت فرعاً لها أمس في الضاحية الجنوبية، بتعاون من «حزب الله» و«حركة أمل».
أما الأمن السياسي فبقي مهزوزاً، مع استمرار ترنّح الجلسة التشريعية المفترضة التي باتت في مهبّ «عواصف الحزم» اللبنانية، فيما اشتعلت جبهة الرابية ـ بلس، بعدما ردّ أمس العماد ميشال عون بقسوة على استبعاد الرئيس فؤاد السينورة له من السباق الرئاسي، متهما إياه بنهب المال العام، من دون ان يفوته توجيه رسائل الى الحلفاء والخصوم بأن التمديد للقادة الامنين غير قابل للبحث.
وقال السنيورة ليلا لـ«السفير» إنه فخور بكل ما فعله في مواقع المسؤولية التي شغلها، «ولو عاد بي الزمن الى الوراء لكررته».
خطة الضاحية
وعلى وقع التوتر السياسي، انطلقت في الضاحية الجنوبية، أمس، الخطة الامنية المنتظرة بزخم، وانتشرت قوى الجيش والامن الداخلي في العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية، بحثا عن المطلوبين في جرائم مختلفة، وذلك في إطار تعزيز فعالية القوى المنتشرة سابقا.
وعلمت «السفير» ان الانتشار الامني أمس ليس سوى أول الغيث، وأن الخطة ستسلك منحى تصاعديا، وبشكل متدرج، خلال الايام المقبلة، بحيث يُفترض ان يكون قد اكتمل تنفيذها بعد أسبوع، وهي تشمل ملاحقة المطلوبين، وتفكيك شبكات التزوير وترويج المخدرات، وازالة المخالفات على الطرقات، وتطبيق قانون السير الجديد.
ومن المقرر ان يجول اليوم وزير الداخلية نهاد المشنوق في أحياء الضاحية لتفقد الاجراءات الامنية المتخذة، حيث يُتوقع ان يكون في استقباله مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، وسط ترحيب من الحزب بالزيارة.
ويبدو واضحا ان المباشرة في تنفيذ الخطة الامنية في هذا التوقيت يفيد كلا من «حزب الله» ووزير الداخلية في هذه المرحلة، ذلك ان تنظيف بيئة المقاومة من مرتكبي الجرائم ومروّجي المخدرات سيؤدي الى إراحة هذه البيئة وإنعاشها، وصولا الى تخفيف الضغوط الجانبية على الحزب الذي تشغله في أمكنة أخرى تحديات استراتيجية.
أما بالنسبة الى المشنوق، فإن تمدد الخطة الى الضاحية، تحت اشرافه، سيعزز موقعه في مواجهة من يطلق عليه «النيران الصديقة» من داخل تيار المستقبل بحجة انه يتشدد ضد ابناء طائفته في طرابلس وغيرها، ويتساهل في المقابل مع المناطق التي تخضع لنفوذ «حزب الله»، وبالتالي فإن دخول المشنوق الى الضاحية اليوم سيكون رسالة الى الأقربين قبل الخصوم بانه يؤدي دوره الامني بتوازن.
ولعل خطة الضاحية سترفد الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» بجرعة مقويات، هو في اشد الحاجة اليها، على مقربة من الجلسة المقبلة في الرابع من الشهر المقبل، لاسيما ان القرار السياسي بالخطة كان قد نضج خلال جلسات الحوار.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس انه يدعم الخطة الامنية في الضاحية، مشيرا الى انها تحظى بغطاء كامل من «حركة أمل» و «حزب الله»، على غرار خطة البقاع الشمالي وحبة مسك، لافتا الانتباه الى ان بعض المخالفات والتجاوزات في الضاحية تفاقمت الى الحد الذي يستوجب وضع حد جذري لها.
وعُلم ان «حزب الله» بدوره يمنح خطة الضاحية دعما تاما، على قاعدة ان الدولة موجودة أصلا في المنطقة، وأن وظيفة التدابير الجديدة تفعيل حضور القوى الامنية ودورها. وأكد الحزب للمعنيين انه يرفع الغطاء والحماية عن أي مخالف ومرتكب، وان أجهزة الدولة معنية وحدها بضبط الامن على الارض.
أمن صيدا
ومن صيدا، افاد مراسل «السفير» محمد صالح ان الجيش اللبناني أطبق على خلايا أمنية تابعة لأنصار الشيخ المتواري أحمد الاسير، كانت بصدد القيام بأعمال امنية في منطقة صيدا ومحيطها.
وبلغت حصيلة التوقيفات في صيدا حتى الأمس ستة أشخاص معظمهم من أنصار الأسير وأبرزهم و. ب. الذي تمّ توقيفه أمس، كما أوقفت مخابرات الجيش أمس الاول م. ع.، وح. د.، في منطقة الشرحبيل حيث تم العثور على كمية من الاسلحة في احد المنازل، اضافة الى توقيف عدد من المطلوبين والمشتبه بهم في الشرحبيل وعبرا.
وأبلغت مصادر أمنية «السفير» ان اجراءات الجيش أتت بعد توافر معلومات استخبارية تشير إلى أن بعض الخلايا النائمة التابعة للأسير تلقت أوامر للتحرّك والقيام بأعمال امنية ضد الجيش ومنشآت حيوية في المدينة ومنطقتها، موضحة ان الجيش ينفذ خطوات استباقية لتفكيك تلك المجموعات قبل قيامها بأي عمل ارهابي محتمل، ولمنع أي تواصل بينها وبين من استطاع الفرار من خلايا طرابلس وعكّار.
التشريع المعلق
سياسيا، بقي موعد الجلسة التشريعية التي حُدد جدول أعمالها معلقا، في انتظار إشارة من الكتل المسيحية المقاطعة، او بعضها، الى احتمال تعديل موقفها، لان الرئيس نبيه بري ليس مستعدا لعقد جلسة منقوصة الميثاقية.
وقال بري امام زواره أمس انه يسمع كلاما جميلا من «التيار الوطني الحر»، لكنه ينتظر ان يتحول الى موقف.
وأضاف: لقد ظهر من مواقف عدد من نواب «التيار» ان هناك ملاحظات على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وليس على مبدأ المشاركة، ومن هذه الملاحظات عدم تضمين جدول الاعمال مشروع استعادة الجنسية الذي كان قد فاتحني فيه من قبل الوزير جبران باسيل، فقلت له إنني أريد هذا المشروع أكثر مما تريدونه أنتم، لانني حريص على استعادة المغتربين جنسيتهم ودورهم، لمعرفتي انهم سيكونون إضافة نوعية للبنان وليس للطائفية او المذهبية، لكن اللجنة النيابية المختصة تأخرت في انجازه، ولما كان النظام الداخلي يسمح لرئيس المجلس في هذه الحال بإحالة المشروع الى اللجان النيابية المشتركة، فقد بادرت الى احالته حيث لا يزال موجودا، وإذا لم يُنجز من الآن وحتى انعقاد الجلسة التشريعية، ندرجه على جدول اعمال الجلسة المقبلة، مع الاشارة الى انه لا صلاحية لدي لسحبه من اللجان وإدراجه على جدول الاعمال.
وأكد بري إصراره على عقد الجلسة التشريعية، وتمسكه في الوقت ذاته بميثاقيتها، لافتا الانتباه الى ان «البعض يحاول ان يجرّني الى تجاوز هذه الميثاقية، لكنني وكما طبقتها عندما تغيّب النواب السنة، سأطبّقها مع المسيحيين إذا غابوا، علما ان النصاب القانوني لعقد الجلسة متوافر وحبة مسك، وهناك أطراف حتى في داخل «تكتل التغيير والاصلاح» أبدت استعدادها للحضور، ومع ذلك ارفض المضي في الجلسة إذا كانت شريحة أساسية من النواب المسيحيين ستقاطعها، لاني أرفض ان تكون الميثاقية منقوصة، مراعاة للحساسيات والتوازنات الداخلية».
وردا على اعتبار البعض ان تشريع الضرورة لا ينطبق على جدول أعمال الجلسة التشريعية المفترضة، قال بري: لا أحد يحدد لي ما هو تشريع الضرورة، مشددا على ان بنود جدول الاعمال كلها ضرورية وملحة، ومنها ما يتعلق باتفاقيات القروض، كاشفا عن ان رئيس البنك الدولي أبلغه ان هناك قرارا بمضاعفة القرض المقدم للبنان من مليار و300 مليون دولار الى مليارين و600 مليون دولار، إلا ان المسؤول الدولي استدرك مضيفا: ان استمرار التأخير في تنفيذ جزء من القرض والمقدر بـ600 مليون دولار لجرّ المياه الى بيروت يهدد بتجميد القرض كله.
عون يُصعّد
في هذه الاثناء، حذّر العماد ميشال عون من ان السيل بلغ الزبى والكيل طفح. وقال بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح»: يقولون إنّ العماد عون يريد أن يأتي بصهره قائداً للجيش، ولكنني لم أقل يوماً ذلك، إنّما طالبت بتعيين قائد للجيش وفقاً للدستور والقوانين، بالإضافة إلى إعفاء من هم غير شرعيين من مناصبهم. هل تعلمون أنّه من الممكن الطّعن بكلّ تواقيع قائد الجيش لأنّ تعيينه غير شرعي؟
وشدد على ان «التمديد ممنوع، أمّا ما هي الإجراءات التي سنتّخذها، فكلّ الإجراءات متاحة من دون أن نعددها».
وحول موقف الحلفاء من قراره قال: هذا هو قرار «تكتّل التغيير والإصلاح»، ولم آخذه بالتّشاور مع أحد، وكما يمكن أن تتركني الناس، أستطيع أنا أيضاً أن أتركها.
ودعا الى انتخاب رئيس قوي له صفة تمثيليّة، ويستطيع أن يكون مرجعيّة للطائفة التي يمثّلها، مؤكدا ان الأيّام التي كان يأتي فيها «خيال» رئيساً للجمهوريّة ممنوعة. وتابع: نحن أسّسنا لبنان، لسنا «عياري» ومراكزنا ليست «شحادة».
وفي رد ضمني على السنيورة الذي كان قد اعتبر انه لا نصيب لعون في الرئاسة، قال عون: بتنا اليوم في زمنٍ يعطي فيه من نهبوا أموال الدّولة، آراءهم حول من يصلح ليكون رئيساً للبلاد. فليتوجّهوا إلى القضاء أولاً وليبرّروا أنفسهم أمامه. لا يجوز لمن نهب المال العام أن يعطينا آراءه بالأشخاص أو بمواضيع تتعلق بالشأن العام، ومن المؤكّد أنّ الفاسد لا يحبّذ وصول اصحاب الأكفّ النظيفة إلى السلطة.