توقيف مفتي «داعش».. وأحد رموز «النصرة» في الشمال
نصرالله ـ عون: تثبيت التفاهمات.. وصيغة «التعيينات»
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والأربعين بعد الثلاثمئة على التوالي.
يستأنف «حزب الله» و «تيار المستقبل» حوارهما مساء اليوم، غداة المباشرة في تنفيذ الخطة الأمنية للضاحية الجنوبية، والتي مدته ببعض «المصل» الذي يحتاج إليه بإلحاح، في مواجهة ما يتعرض له من ضغوط محلية يغلب عليها الطابع الانتخابي والشعبوي.
وأبعد من الضاحية، تمكن الأمن العام من إلقاء القبض على مطلوب خطير، تم تصنيفه بأنه «مفتي» تنظيم «داعش» في الشمال، هو إبراهيم بركات الذي تم توقيفه فجر أمس في مرفأ طرابلس، بينما كان يحاول المغادرة عبر إحدى السفن بجواز سفر مزور، في طريقه إلى تركيا ومنها إلى الرقة، وهو المسؤول عن كل الأمور المالية واللوجستية المتصلة بهذا التنظيم الإرهابي، وعلى تواصل مباشر مع قيادته في كل من سوريا والعراق.
كما نجحت مخابرات الجيش اللبناني في توقيف مطلوب آخر هو المصري إبراهيم محمد عبد الله (الملقب «أبو خليل سويد»)، وهو كان الذراع الأيمن لأسامة منصور وبايع معه «جبهة النصرة»، وسبق له أن استهدف العديد من العسكريين ومواقع الجيش، بصفته أحد أبرز «خبراء المتفجرات».
أما جلسة الحوار المطولة التي عقدت بين الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، مساء يوم الخميس الماضي، فقد «كانت صريحة وعميقة»، وطالت كل القضايا الإقليمية والمحلية الساخنة، وهي خلصت «إلى تعزيز التحالف بينهما على قاعدة تثبيت التفاهمات السابقة، ومحاولة اجتراح مخارج لبعض الملفات الداخلية، وأبرزها التعيينات الأمنية» حسب مصادر الجانبين.
وفي المقابل، لا يزال «الأمن التشريعي» مفقودا، بسبب الخلاف على تعريف «تشريع الضرورة»، فيما نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله: «انتظرنا من التيار الوطني الحر أن يأتي بالقوات اللبنانية نحوه عبر الحوار بينهما، فإذا بالعكس يحصل».
نصرالله ـ عون
وسط هذا المناخ، التقى السيد نصرالله العماد عون، بحضور وزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
وأكدت مصادر مطلعة لـ «السفير» أن اللقاء بين نصرالله وعون كان جيدا وإيجابيا، وتمت خلاله مقاربة الأوضاع في سوريا والعراق واليمن، حيث عرض نصرالله تفاصيل ميدانية تتعلق بالمواجهات التي تحصل في هذه الدول، وتناول المعطيات التي أملت على «حزب الله» اتخاذ موقف حاسم من السعودية وحربها على اليمن.
وفي المشهد الداخلي، تطرق الجانبان إلى الاستحقاق الرئاسي، وكان تأكيد متكرر من نصرالله على دعم وصول عون إلى رئاسة الجمهورية.
أما بالنسبة إلى ملف التعيينات الأمنية، فقد قدم عون شرحا مفصلا لموقفه المتمسك بالتعيين والرافض للتمديد، مؤكدا إصراره على المضي في خياره حتى النهاية.
وقال عون لنصرالله: لقد أعطيناهم الكثير على مستوى التعيينات الأخرى، وهم في المقابل لم يعطونا شيئا. وبعد الآن لن نعطي المزيد.
وأوضح نصرالله لضيفه أنه في حال عُرض الأمر على مجلس الوزراء، فإن «حزب الله» سيقف إلى جانب عون وسيدعم تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش. لكن النقطة المركزية في هذا السياق، هي أي موقف سيتخذه الحزب في حال أقدم «الجنرال» على اتخاذ خطوة من نوع الاستقالة من الحكومة، احتجاجا على التمديد لهذا المسؤول الأمني أو ذاك.
وفيما رفض الحزب الخوض في هذه النقطة، قالت أوساط عونية لـ «السفير» إن «حزب الله» التزم بالتضامن عبر اتخاذ الموقف نفسه الذي سيتخذه العماد عون.
وعُلم أن صيغة ما لمعالجة مشكلة التعيينات الأمنية قد تم البحث فيها خلال الاجتماع، ويتكتم الطرفان على مضمونها.
وفي المعلومات، ان نصرالله وعون أكدا أن العلاقة بينهما راسخة وستظل كذلك، في كل الأحوال، ولن تهتز تحت أي اعتبار.
وبالنسبة إلى مصير الجلسة التشريعية لمجلس النواب، فقد أبلغ عون نصرالله أنه لا مانع في التشريع إذا كان مدخله قانون استعادة الجنسية الذي يصر «الجنرال» على إدراجه ضمن جدول الأعمال، حتى يحضر نواب «تكتل التغيير» الجلسة.
وفيما أبلغت مصادر مطلعة «السفير»، أن نصرالله وعون اتفقا على مقاربة الملفات الداخلية العالقة بصمت وهدوء، حرصا منهما على تحسين فرص معالجتها، أوضحت مصادر في «التيار الوطني الحر»، أن نصرالله أكد المواقف السابقة للحزب الداعمة للعماد عون وكتلته النيابية والوزارية في كل القضايا التي يثيرها، وتأييده لأي خطوة سيتخذها التيار ورئيسه في مقاربة القضايا الداخلية.
ونفت مصادر عونية أن يكون «الجنرال» قد تبلغ موافقة الرئيس سعد الحريري على تعيين شامل روكز قائدا للجيش مقابل تعيين العميد عماد عثمان مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي.
وقال البيان الصادر عن اجتماع قيادتي «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» أن المجتمعين «عرضوا الأوضاع التي يمر فيها لبنان والمنطقة، لا سيما خطر الإرهاب التكفيري الذي بات يهدد كل المنطقة، حيث شددوا على ضرورة مواجهته بالوسائل كافةً، حمايةً للبنان واستقراره. وبحث المجتمعون في الاستحقاقات الداخلية وفي مقدمها الرئاسة الأولى، كما تناولوا مختلف الشؤون المحلية».
بري.. والتشريع
وعشية جلسة الحوار الجديدة بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، أكد الرئيس بري أمام زواره أمس أهمية الاستمرار في هذا الحوار، الذي قد لا يكون مثاليا، لكنه نجح حتى الآن في تحقيق العديد من الإنجازات التي تكتسب أهمية خاصة، نسبة إلى الظروف التي يمر فيها لبنان والمحيط العربي، ومن أهمها: استعادة السيطرة على سجن رومية بعدما كان يضم غرفة قيادة للإرهاب بحماية من داخل الدولة، وإزالة اللافتات والأعلام الحزبية، وتطبيق الخطط الأمنية في طرابلس والبقاع وبيروت والضاحية.
وتطرق بري إلى حالة الشلل التي تعطل معظم المؤسسات الدستورية، قائلا: لولا حرص المواطنين اللبنانيين على التمسك بالحد الأدنى من الاستقرار، وسط منطقة ملتهبة، لكانوا قد ثاروا على هذه الطبقة السياسية كلها، إذ ليس طبيعيا أن تكون الدولة من دون رئيس للجمهورية، ومن دون مجلس نواب وحكومة منتجين.
وعما إذا كان هناك جديد حول الجلسة التشريعية، أوضح أنه لا يجري أي اتصالات في هذا الشأن بعدما قام بواجبه، وعلى الآخرين أن يقوموا بواجباتهم.
وردا على سؤال عما إذا كانت هناك إمكانية لإدراج قانون الجنسية على جدول أعمال الجلسة التشريعية، أجاب: إدراج هذا المشروع يتوقف على إقراره في اللجان المشتركة التي لم تنجزه بعد.. أنا لا أعمل عند أحد ولا أشرّع على ذوق أحد، فالمجلس ليس مطحنة، تعمل غب الطلب.
وأشار إلى أنه طلب، بعد تلقيه كتابا من «تكتل التغيير والإصلاح» (قدمه النائبان عباس هاشم ونبيل نقولا)، أن يعمد رؤساء الكتل النيابية المعنية إلى الإسراع في إنجاز درس المشاريع المتأخرة، لأنه يوجد بالفعل تأخير غير مبرر.
وفي ما خص التعيينات الأمنية، أكد بري أنه لا يزال عند موقفه الداعي إلى التعيين أولا وثانيا وعاشرا، «فإذا تعذر ذلك نعتمد التمديد، لأنه لا يجوز أن نسمح بحدوث فراغ في قيادتي المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي».
وكشف أنه اتفق مع الرئيس تمام سلام على الإسراع في درس مشروع قانون الموازنة، عبر جلسات متلاحقة يعقدها مجلس الوزراء لهذا الغرض. وأوضح في ما خص ملف الـ11 مليار دولار، واستنادا إلى معطيات وزارة المال، فإن تدقيقا يجري من قبل فريق يضم قرابة 50 خبيرا في أوجه صرفها وبنوده.
وحول معركة القلمون المحتملة، قال: لدينا أراض محتلة في القلمون من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، وأنا مع أي عمل لتحريرها واستعادتها إلى السيادة اللبنانية.