IMLebanon

نصرالله: «حروبنا» دفاعية .. من صنعاء إلى القلمون

الحريري يهاجم «حزب الله» و«يشارك» في القمة الخليجية الفرنسية!

نصرالله: «حروبنا» دفاعية .. من صنعاء إلى القلمون

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والأربعين بعد الثلاثمئة على التوالي.

بعد ثلاثة أسابيع «يحتفل» اللبنانيون بمرور سنة على شغورهم الرئاسي والتشريعي الكامل، ولن ينقضي شهر حتى يبدأ شبح الفراغ بمداهمة المؤسسات العسكرية والأمنية، في ظل حالة من «التسليم الوطني» بأن الأمر يتجاوز قدرة اللبنانيين على ابتداع مخارج لهذا الموقع أو ذاك.

في غضون ذلك، تتقدم التحديات الأمنية، في الداخل أو عبر الحدود، على ما عداها، ولو اختلف اللبنانيون في كيفية مقاربتها أو مواجهتها. فالجيش اللبناني يسعى ومعه باقي المؤسسات الأمنية إلى توفير ما يمكن من مناعة، بالإجراءات الوقائية، ولا سيما الجهد الاستخباري وملاحقة المجموعات الإرهابية ومحاولة تجفيف مصادر تمويلها وأسلحتها، والسهر على الأمن عند الحدود الشرقية والشمالية وإبقاء العين مفتوحة على الداخل، ذلك أن الوقائع شبه اليومية، تثبت أن بعض المجموعات الإرهابية، تسنى لها على مدى السنوات الأربع من عمر الأزمة السورية، «الاستثمار» وإنشاء شبكات للقتل والتفجير والاغتيال في بعض المناطق اللبنانية.

من جهته، اختار «حزب الله» إستراتيجية للمواجهة، على قاعدة أن المنطقة تواجه المخاطر والتحديات والمصائر نفسها، وهذا ما حاول عكسه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، في خطابه السياسي المكثف والهادئ، أمس، عندما ربط ما يجري في اليمن والعراق وسوريا بما يهدد لبنان من مخاطر وتحديات، سياسة وأمنا وجبهات.. وفيدراليات.

واذا كانت واقعية «السيد» قد جعلته يقارب الميدان السوري بحقيقته، ولا سيما لجهة الاقرار ببعض الانتكاسات، وبالتالي الدعوة الى عدم البناء على جولة من جولات حرب كونية مفتوحة على مصراعيها، بل تقييم الأسباب التي جعلت النظام وحلفاءه يخسرون جولة هنا أو هناك، وعدم الركون للحرب النفسية التي تخاض في الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فان معطيات السلسلة الشرقية فرضت نفسها على الواقع السياسي اللبناني.

وما أوضحه نصرالله في خطابه، كان قد عرضه معاونه السياسي الحاج حسين خليل أمام المشاركين في الجلسة الحادية عشرة للحوار الوطني، أمس الأول، في عين التينة، كما ناقشه الحزب مع عدد من قادة المؤسسات العسكرية والأمنية، ومفاده أن «تحدي القلمون» هو استحقاق دفاعي كان الحزب سباقا في التحذير منه قبل أربعة أشهر، أي أن الأمر سابق لتطورات اليمن أو ادلب وجسر الشغور، وذلك استنادا الى معلومات استخبارية تشي بأن المجموعات الارهابية تريد الاستفادة من انتهاء موسم الثلوج، من أجل محاولة فرض معادلات ووقائع ميدانية في الاتجاهين اللبناني والسوري.

صد هجمات المجموعات الارهابية

وقبل أن يطل «السيد» كانت المجموعات الارهابية تحاول تنفيذ تهديداتها، عبر محاولة اختراق مثلث الزبداني ـ جرود الطفيل ـ جرود بريتال، بسلسلة هجمات استخدمت فيها أسلحة نوعية وآليات وغزارة نيران، لكن مواقع الجيش اللبناني في البقاعين الشرقي والشمالي، كانت في أعلى حالة من الجهوزية والاستنفار، وفي الوقت نفسه، كان مقاتلو «حزب الله» والمتطوعون من ابناء المنطقة يصدون الهجوم، ويوقعون خسائر فادحة في صفوف المجموعات المسلحة، قدرت بما يزيد عن 16 قتيلا وأكثر من ثلاثين جريحا، فضلا عن تدمير آليات.. وصولا الى السيطرة على بعض المواقع والتلال الاستراتيجية بعد انكفاء المسلحين الى العمق السوري.

وحاولت «جبهة النصرة» استخدام ملف العسكريين لابتزاز الجانب اللبناني، فأوعزت عبر الجانب القطري إلى المفاوض اللبناني المركزي، بأن أية محاولة سواء من جانب الجيش أو «حزب الله» لتعديل موازين القوى في القلمون سترتد سلبا على ملف المفاوضات الذي كان قد وصل تقريبا إلى خواتيمه في الايام الأخيرة، وكان جواب المفاوض اللبناني اللواء عباس إبراهيم أن لبنان هو في موقع الدفاع عن نفسه، ولا يمكن أن يخضع للابتزاز في هذا الملف أو غيره، مبديا تمسكه بالصيغة الأخيرة للتبادل بوساطة القطريين.

رسائل نصرالله

ويمكن رصد رسائل مترابطة في خطاب السيد نصرالله، أولاها أنه لو تسنى للسعوديين أن يفرضوا معادلات سياسية في اليمن بالقوة العسكرية لتثبيت هيمنتهم بعنوان مواجهة الحوثيين وايران وغير ذلك من الشعارات، لكان تسنى لهم أن يفرضوا المعادلات نفسها وبالطريقة ذاتها في سوريا والعراق وحتى لبنان، وبالتالي، عندما يرفع «حزب الله» صوته هناك يدافع عن نفسه هنا في لبنان.

ثانية الرسائل، أن نجاح الأميركيين بفرض مشروع الفيدرالية والتقسيم في العراق، سيؤدي لتمدد المشروع الى سوريا واليمن ولبنان وحتى السعودية ودول الخليج نفسها، وصولا الى استنساخ حرب المئة عام مجددا بين دويلات المنطقة على اسس عرقية وطائفية ومذهبية.

ثالثة الرسائل، أن المواجهة التي يقوم بها «حزب الله» في قلب سوريا وانتقاله الى ميادين جديدة هناك، انما هي مواجهة دفاعية عن لبنان والمنطقة بأسرها، بدليل أن الخطر الارهابي بات يزنر الحدود الشرقية من دون ان تسقط سوريا، فماذا اذا سقطت وسيطرت عليها المجموعات التكفيرية؟

رابعة الرسائل، تطمين الداخل السوري أن المقاومة وحليفيها الروسي والايراني لم ولن يتخلوا عن سوريا بل كانوا وسيبقون متمسكين بخيارهم السوري.

خامسة الرسائل، أن جبهات المنطقة مترابطة ومصيرها ومستقبلها.. واحد، ولا يجوز تحت أية ذريعة أو مبرر جعل خيار هنا أو هناك خيارا قطريا أو مذهبيا، على طريقة «لبنان أولا» أو «فلسطين أولا».

سادسة الرسائل، للمجموعات الإرهابية أن تشن حربا استباقية بوسائل مختلفة، وللإعلام أن يحدد ساعة صفر لهذه المعركة أو تلك، لكن «حزب الله» لم يعلن موقفا رسميا من معركة القلمون لا بموعدها ولا مداها الزماني والمكاني ولا سقفها وأهدافها ومراحلها، برغم التحضيرات العلنية (الاستنفار والحشد وغيرهما)، لأن العملية عندما ستبدأ ستتحدث عن نفسها وستفرض نفسها بنتائجها التي ستترك حكما تداعيات ايجابية على باقي «الجبهات».

سابعة الرسائل وآخرها، انه لا بد من وضع الأحقاد والحسابات الفئوية جانبا والتطلع الى سبل حماية البلد، وهذه الرسالة موجهة بالدرجة الأولى الى تيار «المستقبل» وزعيمه الرئيس سعد الحريري، «فهذا البلد لا يواجه تهديدات افتراضية بل عدوانا يوميا عسكريا وأمنيا، ومن واجب الجميع التكاتف لتحصين لبنان وحدوده وصيغته».

الحريري يلتقي هولاند

في المقابل، كان الرئيس سعد الحريري يشارك في القمة الخليجية ـ الفرنسية، على طريقته، وذلك باجتماع عقده مع الرئيس الفرنسي هناك، في خطوة بدت متعمدة برمزيتها السياسية، وللتدليل على أن لبنان «الرسمي» هو جزء من تحالف دولي ـ اقليمي، في اليمن وسوريا والعراق!

واعتبر الحريري في بيان عالي السقف، وزعه مكتبه الاعلامي قبيل اجتماعه بفرنسوا هولاند ان «حزب الله» شريك مباشر «في الجريمة التي يحشد في القلمون لاستقدامها الى لبنان والعمل على زج القرى البقاعية الحدودية بها، الامر الذي نحذر منه وندعو كل الجهات المؤتمنة على سلامة اللبنانيين والعسكريين الى المجاهرة برفضها وعدم تغطيتها».

بعد أقل من ساعتين من خطاب نصرالله، بادر الحريري للرد عليه، في تقليد صار مألوفا منذ خوض السعودية «عاصفة الحزم» قبل أربعين يوما، واتهم «السيد» بأنه يتناول الموضوع اليمني «كما لو كان يتحدث عن الضاحية او النبطية ويتصرف كما لو انه القائد الفعلي للحركة الحوثية». ورأى أن «مصلحة لبنان باتت في آخر السطر» وان الدولة اللبنانية «مشطوبة من عقله، فلا مكان للجيش والحكومة والمؤسسات، وحزب الله هو البديل عنها وسيقوم مقامها في الذهاب الى الحرب في القلمون».

وخاطب الحريري نصرالله بالقول: «انت تكلف نفسك بمهمة لا اخلاقية ولا وطنية ولا دينية. انت تتلاعب بمصير لبنان على حافة الهاوية».

وختم الرئيس الحريري قائلا: «اذا كان نصرالله يخشى من مخطط أميركي لتقسيم البلدان العربية، فليعلن الانسحاب من الحروب الأهلية العربية ومن النزاعات في اليمن والعراق وسوريا».