IMLebanon

الحكم على سماحة يُشعل اشتباكاً داخلياً

الحكم على سماحة يُشعل اشتباكاً داخلياً

سقوط «تلة موسى»: معركة القلمون تقترب من نهايتها

بعد أيام على بدء معركة القلمون، وتلاحق عمليات القضم لمواقع المسلحين في جرود عسال الورد وبريتال والطفيل، نجح «حزب الله» في تحقيق إنجاز نوعي، من شأنه ان يشكل نقطة تحول في مسار المواجهة مع الجماعات المسلحة، وتمثل في إحكام السيطرة على تلة موسى التي ترتفع قرابة 2850 مترا عن سطح البحر، وتسمح لمن يستحوذ عليها بأن يصبح صاحب اليد الطولى في جرود القلمون.

ولعل مشهد أحد مقاتلي الحزب وهو يرفع العلم على أعلى التلة بعد طرد المسلحين منها، يحمل معاني رمزية واضحة، ويعيد الى الأذهان الإنجازات التي كانت تحققها المقاومة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب.

وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» ان السيطرة على تلة موسى المفصلية تعني ان معركة القلمون الإجمالية حُسمت الى حد كبير واقتربت من نهايتها، وان ما تبقى هو تنظيف بعض البؤر المتفرقة، وتثبيت المواقع الجديدة للمقاومة والجيش السوري وتحصينها.

وأشارت المصادر الى ان العملية الواسعة في جرود القلمون حققت الهدف الأساسي منها، والذي كانت قد حددته قيادة «حزب الله» مسبقا، بأن المطلوب تحصين أمن الداخل اللبناني وتحسين مواقع المقاومة والجيش السوري في السلسلة الشرقية، لافتة الانتباه الى ان معادلة «التحصين والتحسين» باتت شبه منجزة وان المقاومة تمكنت من حماية نفسها وأهلها، كما كانت تخطط.

ويمكن القول ان ما جرى امس في جرود القلمون، يحمل الدلالات الآتية:

– تأكيد جهوزية الحزب العسكرية وقدرته على الحسم في التوقيت المناسب، برغم صعوبة المنطقة الجردية وتضاريسها المعقدة.

– الادارة المحترفة للمواجهة واستخدام التكتيكات المناسبة التي تتلاءم مع طبيعة المكان والعدو، ما سمح للمقاومة بانتزاع تلة موسى بأقل الخسائر، قياسا الى أهميتها الاستراتيجية، وهي أعلى قمة شرقي طريق المصنع الدولية بين بيروت ودمشق، وتقع ضمن الاراضي السورية، لكنها قريبة حوالي كيلومتر واحد من الحدود اللبنانية.

-إعادة تصحيح موازين القوى بعد نجاح الفصائل المسلحة مؤخرا في تحقيق تقدم على الارض في شمال سوريا، خصوصا في إدلب وجسر الشغور.

– تأمين مظلة أمنية للمناطق اللبنانية المجاورة لجرود القلمون وصولا الى العمق اللبناني، وحماية ظهر مدينة دمشق.

– السيطرة النارية على مساحات واسعة من الأرض، في الاتجاهين اللبناني والسوري، وتمزيق شرايين الامداد للمجموعات الارهابية، والتحكم بالمعابر التي تشكل خطرا على لبنان، وكان يتم عبرها تهريب السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة.

– تضييق مساحة انتشار المجموعات الارهابية وتقليص قدرتها على الحركة، وبالتالي حصر خيارات المسلحين الذين سيجدون أنفسهم متأرجحين بين احتمال الفرار الى جرود عرسال أو الى الرقة في الداخل السوري، وبين الاستسلام أو الموت (ناهيك عن ظاهرة تصادم «داعش» و «النصرة» بالتزامن مع بدء المعركة).

– إعطاء إشارة الى إمكانية تغيير المعادلة الميدانية المستجدة في مدينة إدلب وجسر الشغور، اللذين قد تلفحهما «عاصفة الجرود»، وما ترتب عليها من قوة دفع وزخم.

– توجيه رسالة الى اسرائيل مفادها ان المقاومة في أفضل أوضاعها وان الحرب في سوريا لم تستنزفها بل عززت خبرتها وقوتها.

وبهذا المعنى، ربما تنطوي عمليات «حزب الله» في جرود القلمون، على محاكاة لسيناريو مماثل قد يكون مسرحه الجليل الاعلى المحتل في أية حرب مقبلة، إذا وقعت.

قضية سماحة

في هذه الاثناء، تفاعل أمس حكم المحكمة العسكرية الذي قضى بسجن الوزير الاسبق ميشال سماحة اربع سنوات ونصف السنة مع تجريده من حقوقه المدنيّة، ما يعني أنّ سماحة سيكون طليقاً في بداية العام 2016، باعتبار أنّه سيكمل سنته السجنيّة الرابعة في آب 2015، تضاف إليها ستة اشهر، تساوي عمليا اربعة أشهر سجنية ونصف الشهر.

وربما يخرج سماحة الى الحرية قبل ذلك، إذ إنّ وكلاء الدفاع عنه سيلجأون إلى محكمة التمييز في «العسكريّة» لتمييز القرار من ناحية المدّة والتجريد من الحقوق.

وكان لافتا للانتباه الرد الحاد على الحكم من وزير العدل أشرف ريفي وعدد من شخصيات «تيار المستقبل»، والذي بلغ حد نعي المحكمة العسكرية والدعوة الى إقفالها بالشمع الاحمر.

وأبلغ مصدر بارز في تيار المستقبل «السفير» ان قرار المحكمة العسكرية ولّد حالة من الغليان في الشارع، مشيرا الى انه تسبب باحتقان واسع في صفوف قاعدة «المستقبل» لا بل أوسع منها.

ورأى المصدر ان الحكم المخفف الصادر بحق سماحة شكل صدمة، ومن شأنه ان يقود الى فتح ملف المحكمة العسكرية ككل. وأكد انه سيتم في المرحلة الحالية اللجوء الى الخيار القضائي لاستئناف الحكم وإسقاطه.

وبالفعل، فإنّ الإجراءات القانونيّة لإعادة النظر بالحكم قد صدرت من مكتب النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، الذي طلب من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر التقدّم باستدعاء لتمييز الحكم الصادر عن «العسكريّة»، فيما أكد ريفي انه سيتم العمل بكل الوسائل القانونية لتمييز هذا الحكم الذي يدين كل من شارك به.

وأشارت مصادر قضائية الى أن وزير العدل ومعه المرجعيّة القانونيّة الوحيدة التي يمكنها التقدّم بهذا الطلب (حمود)، سجّلا سابقة لم تعهدها المحكمة العسكريّة منذ تأسيسها، إذ إنّه لا يحقّ للنيابة العامة التمييزيّة تمييز حكم في حالة الإدانة (كحالة ميشال سماحة)، بل هذا الحقّ لا يعطى إلا في حالتين لا ثالث لهما، عندما تصدر المحكمة حكمها بـ: إعلان براءة المتّهم أو إبطال التعقبات بحقّه.

وقال مصدر وزاري معني بالملف ان وزير العدل سيبادر الى تقديم مشروع قانون الى مجلس الوزراء في أقرب فرصة ممكنة يطلب فيه تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية وصولا الى منع تكرار ما حصل في قضية سماحة.

في المقابل، اتهمت أوساط في «8 آذار» تيار «المستقبل» بممارسة ضغط سياسي على القضاء، وقالت لـ «السفير» ان الحكم على سماحة «جاء أقسى مما كان متوقعا، وبالتالي فإن الحملة على المحكمة العسكرية مستهجنة»، معتبرة ان مواقف وزير العدل وبعض شخصيات «المستقبل» (في اشارة الى الاتصالات التي أجراها الرئيس سعد الحريري من موسكو مع وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي) «تعكس تدخلا فجا وفظا في القضاء الذي يفترض تحييده عن أي اعتبارات سياسية»(ص4).