IMLebanon

من يموّل سلاح الفتنة.. والانشقاق عن الجيش؟

الحكومة: حتى الآن.. لا نعرف بالضبط ماذا يريد الخاطفون!

من يموّل سلاح الفتنة.. والانشقاق عن الجيش؟

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والأربعين بعد المئة على التوالي.

بعد سبعين يوماً على شرارة عرسال وما أفضت إليه من وقائع وتداعيات، أبرزها أسر 27 عنصراً من الجيش وقوى الأمن الداخلي، ما زال الأداء الرسمي اللبناني قاصراً عن مواجهة المخاطر التي تتهدد لبنان، في ظل تصاعد المخاوف من احتمال قيام المجموعات المسلحة بـ«غزوات» جديدة، بذرائع سياسية ـ ميدانية.

واللافت للانتباه أنه مع تصاعد الاعتداءات على الجيش اللبناني، وبروز حالات انشقاق محدودة، ولكنها متتالية، لبعض العسكريين في الجيش والتحاقهم بمجموعات إرهابية، طُرحت علامات استفهام حول ما اذا كانت هذه الأعمال تحظى بتغطية داخلية أو خارجية ما، وما هي الأهداف من وراء هذه الانشقاقات؟

يأتي ذلك في ظل استمرار هدير الحرب الدولية ضد «داعش» في المنطقة، ليتبين أن ما يجري على الأرض لا يوازي قرع الطبول، فيما تتعامل بعض دول الخليج ومعها تركيا، مع ملف «داعش» على قاعدة الشيء ونقيضه، وهذا الأمر جعل بعض المراجع اللبنانية تبدي خشيتها من استخدام لبنان ساحة لتصفية بعض الحسابات الإقليمية، بدليل «الزخم المتجدد» الذي يميز حركة مجموعات من لون إقليمي معين، فضلا عن إلقاء القبض على شخصين اثنين، في مكانين مختلفين، تبين أن بحوزتهما نحو نصف مليون دولار أميركي كانت مخصصة لشراء أسلحة وعبوات تستخدم ضد الجيش اللبناني!

أما على صعيد قضية العسكرييّن المخطوفين، فقد قررت خلية الأزمة المعنية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، أمس الأول، تركيز اسس التفاوض بحيث توضع كل المعطيات اللبنانية في عهدة رئيس الحكومة تمام سلام والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في انتظار أن تحدد كل من «داعش» و«النصرة»، بشكل حاسم، من يتفاوض باسم كل منهما، على أن يتحرك الوسيط القطري وفق خريطة طريق واضحة المعالم والمرجعيات والمطالب.

وقد استغرب سلام التسريبات التي تحدثت عن وجود ضمانات ومعطيات جديدة في قضية العسكريين. ونقل عنه زواره، أمس، قوله «لا جديد سوى ان الموفد القطري أجرى العديد من جولات التفاوض لكن لم يرشح عنها شيء بعد، ولا نعلم تفاصيل ما يقوم به، لأنه محصور في أطر ضيقة للغاية، كما أن الخاطفين لم يقدموا أي شروط واضحة او معطيات جديدة تسهم في التقدم بالقضية الى الأمام»، وأضاف: «حتى الآن لم نعرف بالضبط ماذا يريد الخاطفون، ولم يقدموا أية ضمانات او خطوات حسن نية».

في غضون ذلك، توقف المراقبون عند مجموعة تطورات أمنية في الآونة الأخيرة ومنها:

÷ أولاً، الانشقاقات المشبوهة لبعض العسكريين في الجيش والتحاقهم بمجموعات إرهابية، بما يعزز الخشية من كمين خطير ينصب للجيش عبر محاولة خلخلة بنيته وخلق حالة من الإرباك في صفوف العسكريين.

÷ ثانياً، تزايد الخشية من وجود إرادة جدية لدى بعض الجهات الخارجية لافتعال توترات بعد تكرار ظاهرة تمويل شراء السلاح في الداخل اللبناني. وفي هذا السياق، أوقفت القوى الأمنية قبل اسابيع قليلة في طرابلس لبنانياً بحوزته مئتا ألف دولار لشراء سلاح، ثم أوقفت في مطلع تشرين الاول الحالي شخصاً (سوري الجنسية على الأرجح) وبحوزته حوالي ثلاثمئة ألف دولار، وقالت مصادر أمنية واسعة الإطلاع إن الأخير «كان ينوي شراء مواد متفجرة وأسلحة لمصلحة مجموعات متشددة».

÷ ثالثاً، ألقت مديرية المخابرات في الجيش القبض على ثلاثة أشخاص (لبنانيان وسوري) في العاصمة، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي وضلوعهم في أعمال شراء سلاح، كما ألقت القبض في سياق العملية الأمنية نفسها، على اثنين من قادة المجموعات الإرهابية (خليجيان ينتميان إلى «داعش» قدما من تركيا).

÷ رابعاً، ازدياد «النشاطات المريبة» (بحسب المصادر الأمنية) داخل بعض مخيمات النازحين السوريين في عرسال التي أعلن الجيش في اليومين الماضيين أنه تعرض لإطلاق نار من داخلها، وأبدت المصادر خشيتها من مخطط لجرّ الجيش إلى مواجهات مباشرة مع تلك المخيمات.

÷ خامساً، ورود معلومات الى القوى العسكرية والأمنية من أجهزة استخبارية أجنبية عن وجود «خلايا نائمة» مرتبطة بـ«داعش» و«النصرة» في بعض المناطق، ومن هنا تأتي المداهمات المكثفة للجيش جنوباً وبقاعاً وشمالاً وصولاً إلى زغرتا وإهدن وعكار، وآخرها دهم بلدة عيدمون العكارية ومقتل أحد السوريين بعدما شهر قنبلة يدوية على الجنود. وكشف مرجع أمني لـ«السفير» أن القوى العسكرية والأمنية ألقت القبض على عشرات المشتبه بهم كما فككت العديد من الخلايا النائمة في أكثر من منطقة، في عملية أمنية وصفتها بأنها كانت «نظيفة».

÷ سادساً، ورود تقارير غربية إلى جهات رسمية، تتقاطع مع امتلاك القوى الأمنية والعسكرية معلومات حول نشاطات مشبوهة، وتحضيرات لعمليات إرهابية في بعض المناطق، وخلال بعض المناسبات ذات الطابع الديني.

÷ سابعاً، دخول بعض السفراء الغربيين على خط التحذير، بلفت بعض المرجعيات غير المدنية الى خطورة الوضع في طرابلس وحجم النشاط الذي يقوم به كل من شادي المولوي وأسامة منصور.

÷ ثامناً، ثمة معلومات حول تحضيرات تقوم بها مجموعات إرهابية لـتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجيش ولا سيما في البقاع الشمالي، يجري التمهيد لها من خلال الاعتداءات اليومية ومحاولات التسلل المتكررة في اتجاه المراكز العسكرية في الحصن ووادي حميد.

ملف العسكريين المخطوفين

على صعيد قضية العسكريين، قالت مصادر معنية بالملف لـ«السفير» إن «الصبر» هو شعارنا في هذه المرحلة، «وكما استغرق تحرير مخطوفي أعزاز بعض الوقت، فقضية العسكريين تتطلب وقتاً أيضاً، خصوصاً أن التعقيدات كثيرة، في ظل المطالب التي تتوالى وتتكاثر بشكل شبه يومي من قبل الخاطفين».

وبحسب المصادر، فإنه في غياب الدور التركي بشكل كامل، لا جديد حول حركة الوسيط القطري، الذي يرجح أن يكون قد غادر بيروت في الساعات الثماني والأربعين الماضية، علماً أنه فاجأ المتابعين بسلة مطالب جديدة للخاطفين تشمل موقوفين في سجون النظام السوري بينهم امرأة قطرية.

وأشارت المصادر إلى أن الخاطفين وزعوا العسكريين منذ الأيام الأولى لاختطافهم على أمكنة متعددة، بينها مغاور في عمق الجرود، وذلك تحسباً لتعرض أماكن احتجازهم لعملية عسكرية أو أمنية ما.

وبحسب المصادر، فإن عملية التفاوض ما زالت مستمرة بهدوء بعد أن تلقى الوسيط القطري وعداً من الخاطفين بعدم قتل أي جندي، وإن كان لا يمكن الركون الى وعود من هذا النوع في ضوء الوعود السابقة التي لم يحترمها الخاطفون.

مساران في المفاوضات

وأشارت المصادر إلى أن التفاوض سلك في الآونة الأخيرة مسارين:

الأول، في اتجاه «داعش» بغية إطلاق سراح الجنود العشرة لدى هذا التنظيم، حيث تردد طرح من قبل الخاطفين يقوم على «الإفراج الممرحل» عن العسكريين، وفق الآتي:

÷ مسارعة الدولة اللبنانية إلى إعادة بناء مخيم النازحين السوريين في عرسال الذي تم تدميره وإحراقه بشكل كامل، تخفيف الإجراءات ووقف الملاحقات والمداهمات والتوقيفات في المخيمات (في البقاع الشمالي).. على أن تطلق «داعش» مقابل ذلك عدداً من العسكريين.

÷ إطلاق موقوفين من سجن رومية، تخفيف الإجراءات ما بين عرسال والجرد (فتح المعبر مجدداً بين البلدة وجرودها)، وضع سيارات إسعاف مجهزة بين عرسال والجرد لنقل الجرحى والمرضى والمصابين، على أن تتنقل تلك السيارات بحرية تامة ومن دون أن تعترضها أية قوى أمنية أو عسكرية.. على أن تطلق «داعش» مقابل ذلك عدداً من العسكريين.

÷ إطلاق سراح الموقوفين التابعين لزعيم «فجر الإسلام» الذي بايع تنظيم «داعش» عماد جمعة وكل الذين تم توقيفهم بعد هجوم المجموعات الإرهابية على مراكز الجيش في عرسال في 2 آب الماضي، على أن تطلق «داعش» مقابل ذلك عدداً من العسكريين.

÷ إطلاق سراح عماد جمعة، على اعتبار أنه لم يتم توقيفه خلال معركة عسكرية بل أثناء مروره على أحد الحواجز، على أن يستند الإفراج على أنه لم يقم بأي عمل أمني ضد الجيش اللبناني، وفي المقابل، يتم الإفراج عن آخر الجنود المتبقين لدى «داعش».

وكشفت المصادر أنه تم مؤخراً تسهيل التواصل بين جمعة وبين «داعش»، فنجح الأمر بإطلاق سراح المعاون أول في الجيش اللبناني كمال الحجيري الذي خطف من مزرعته في عرسال، وتبيّن أن الخاطفين ينتمون الى مجموعة عماد جمعة التي بايعت «داعش».

أما المسار الثاني، ففي اتجاه «جبهة النصرة»، وبحسب المصادر المواكبة فإن الوسيط القطري سبق له أن تعهد بأنه سيبذل جهداً إضافياً لحل قضية العسكريين المخطوفين، لكن هذا الوسيط لم يظهر في الصورة منذ أكثر من 72 ساعة، وثمة من يعتقد أنه غادر، وهو أمر لم تؤكده أو تنفه المراجع اللبنانية المعنية.