من جدة إلى «أندروز».. واشنطن «تبتز» لبنان سياسياً بالتسليح
قهوجي شريكاً لـ«جيوش التحالف».. خطوة محسوبة؟
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والأربعين بعد المئة على التوالي…
يطوي العسكريون الأسرى يومهم الخامس والسبعين في مغاور المجموعات الإرهابية، وفي حسبان المتابعين للملف أن الوساطة القطرية «لا يمكن أن تثمر سريعاً، لأسباب تتعلق بطبيعة المجموعات الخاطفة، والجهات التي ترعاها خارجياً، وأين تكمن مصلحتها في توفير مخارج لقضية يمكن أن «تستثمرها» جهات أخرى هي في خضم اشتباك إقليمي معلن معها»؟
ومع استمرار الاتصالات التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع القطريين لتفعيل وساطتهم، قرر أهالي العسكريين تصعيد تحرّكهم بالتوازي مع جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم، ملوّحين بالعودة الى اقفال الطرق الرئيسية في العاصمة، لاسيما المؤدية الى بعض المرافق الحيوية، ما لم يصدر عن مجلس الوزراء ما يساهم في استرداد العسكريين وعودتهم الى ذويهم سالمين.
وينتظر أن يستحوذ الوضع الأمني في البقاع الشمالي على حيّز بارز من مناقشات جلسة مجلس الوزراء، في ضوء التطورات الأمنية التي سلكت منحى خطيراً في الأيام الأخيرة، وأبرزها سعي المجموعات الإرهابية الى تحقيق خرق في الجدار الدفاعي الذي يشكله الجيش اللبناني و«حزب الله» حول العديد من التلال والقرى في محيط عرسال وجردها، نزولا نحو بريتال ومجدل عنجر، وهو أمر تضعه المراجع الأمنية في الحسبان، ما أدى الى رفع مستوى جهوزية الجيش في ظل محاولات التسلل المتكررة التي تنفذها المجموعات الإرهابية وآخرها ليل أمس، في جرود منطقة «اجر الحرف» الحدودية.
وقد نفت مصادر أمنية ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية ووسائل اﻻعلام، ليل أمس، عن سقوط موقع لـ«حزب الله» في «راس الحرف» في جرود بريتال بيد «جبهة النصرة» بعد اشتباكات عنيفة دارت هناك. وقالت المصادر لـ«السفير» إن مجموعة مسلحة من «النصرة» وقعت ليلا في كمين ناري على بعد ١٢٠٠ متر من الموقع المذكور «ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين». وأشارت المصادر الى ان مقاتلي «حزب الله» في جهوزية كاملة للتصدي لاي هجوم محتمل.
قهوجي في واشنطن… التباسات وأسئلة
واذا كان الجيش يحتاج الى ما يحصّن عسكرييه في مواقعهم الأمامية، فإن زيارة قائده العماد جان قهوجي الى واشنطن بعنوان «الزيارة الدورية السنوية» المخصصة عادة لمراجعة التعاون العسكري بين البلدين وبرنامج المساعدات للجيش، انحرفت فجأة عن مسارها، وبدت أنها بتوقيتها منسجمة مع المشاركة في اجتماع قادة جيوش التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة.
وقد أحدثت هذه المشاركة التباسات لعل الجيش وقائده بغنى عنها في هذه اللحظة السياسية والأمنية لبنانياً، الا اذا كان اغراء الصورة مع رئيس الولايات المتحدة الاميركية باراك اوباما مترئسا المجتمعين في قاعدة «اندروز»، لا يمكن أن يقاوم.
ولعل فضيلة قهوجي أنه تساوى في ذلك مع وزير خارجية لبنان جبران باسيل الذي كان «سبّاقا» بالفوز بصورة جمعته في جدة مع زملائه وزراء الخارجية «المؤسسين» لـ«التحالف الدولي» في أيلول الماضي، قبل أن يتلعثم ويؤكد عدم عضوية لبنان في هذا التحالف وعدم انتمائه الى محور ضد محور، وحرصه على احترام سيادة الدول والبقاء تحت مظلة القرارات الدولية!
والجدير ذكره ان تلك المشاركة حظيت بثناء اميركي عبّرت عنه الادارة الأميركية في أكثر من مناسبة وخصوصا في الاجتماع الأخير الذي جمع باسيل بنظيره الأميركي جون كيري في باريس.
ولحلفاء باسيل أن يلتزموا الصمت ازاء مشاركة قهوجي، تلبية لدعوة رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي، كما التزموا الصمت حيال مشاركة وزير الخارجية، ولو أن ما جرى في بعض الأروقة المغلقة، كان يشي بغير ذلك، علما أن المسؤولية أكبر على قيادة المؤسسة العسكرية، خصوصا في ظل ما يجسده ملف العسكريين المخطوفين من حساسية في هذه اللحظة، وما يمكن أن يترتب على مشاركة كهذه من مسؤوليات.
ما هو دور لبنان في «التحالف»؟
وهنا ينبري السؤال: كيف صيغت عضوية لبنان في هذا التحالف؟ وهل تقررت في مجلس الوزراء أم تسللا؟ وهل يمكن أن تترتب التزامات لبنانية معينة على مشاركة كهذه؟ ولماذا يستدرج لبنان نفسه الى حيث يريد الأميركيون من خلال ابتزازه بقضية تسليح جيشه، فيصبح لزاما عليه أن يتقبل ما يحدده له الأميركيون من جدة الى قاعدة أندروز، ولو على حساب مصلحته وكرامته وتوازناته؟
تقول مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«السفير» إن العماد قهوجي، عندما تلقى الدعوة (من ديمبسي)، عرضها على وزير الدفاع سمير مقبل، ثم على رئيس الحكومة وأخذ الاذن منهما، على اعتبار ان هذا الامر لا يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء. وأشارت الى ان التوجه اللبناني في المؤتمر «يقتصر على طلب دعم الجيش اللبناني في مواجهة الارهاب والاطلاع من قادة الجيوش على خططهم وتوجهاتهم في مجال مكافحة الارهاب والتداول في ما يمكن تقديمه من مساعدات للبنان في هذا المجال».
وأوضحت ان لبنان «لن يصل الى مرحلة طلب دعم دول التحالف بشكل عسكري مباشر، لا بقصف جوي ولا بغيره، انطلاقا من ان سياسة الحكومة تقوم على الدفاع وليس الهجوم، كما أن لبنان لن يكون عضوا في غرفة العمليات»، وأشارت الى ان الدعم الاكبر للجيش اللبناني يأتي من الجانب الاميركي، وأملت ان تحذو بقية الدول حذو اميركا.
وفي السياق ذاته، توضح مصادر معنية ان الدعوة التي وجهها الجنرال ديمبسي الى قائد الجيش، «هي في الأصل دعوة الى زيارة سنوية للاطلاع على حاجات الجيش اللبناني من العتاد العسكري الأميركي»، مشيرة الى ان قهوجي اطلع رئيس الحكومة على أهداف الزيارة، لافتة الانتباه الى ان «لبنان لا يعد عضوا في التحالف الدولي كما انه ليس عضوا في الجيوش المنضوية فيه، بل انه يعمل في إطار الحرب على الإرهاب كونه مهددا منه».
ومن المقرر أن يجتمع قهوجي بنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي المسؤول عن ملف لبنان لاري سيلفرمان، كما سيلتقي عددا من أعضاء الكونغرس الأميركي.