بري لجعجع: أتريد صاروخاً من «حزب الله» في رؤوسنا؟
«ديبلوماسية الهاتف»: عون يستدرك.. والحريري يعاند
فرضت العاصفة «تالاسا» إيقاعها على مختلف أوجه الحياة في لبنان، مع انهمار الأمطار والثلوج، وانخفاض درجات الحرارة، وتكوّن طبقات من الجليد في المناطق المرتفعة، ما دفع وزير التربية الى إقفال المدارس اليوم، وسط توقعات باستمرار العاصفة، خصوصاً في جانبها الجليدي، خلال اليومين المقبلين.
وفي خضم هذا الطقس العاصف، يواجه آلاف النازحين السوريين الى لبنان ظروفاً صعبة، نتيجة النقص الحاد في أبسط مقوّمات الصمود أمام الضغوط المناخية التي تحاصرهم في خيم هشة، يتسرب المطر والصقيع اليها، في انتظار استفاقة «الضمير الافتراضي» للمجتمع الدولي.
ومن المقرر أن يناقش مؤتمر «مساعدة سوريا والمنطقة»، الذي تستضيفه لندن في 4 شباط، واقع النزوح السوري، بمشاركة لبنان الذي كان قد تُرك شبه وحيد في مواجهة تحديات النزوح ومتطلباته. ويبدو أنّ الجهات الدولية المانحة قررت الانتقال من مرحلة تقديم المساعدات العينية والفورية الى تمويل يرتبط بمشاريع إنمائية طويلة الأمد، وهي ستحاول إقناع لبنان والأردن بهذا «التبديل الإستراتيجي»، عبر سلّة تقديمات تفيد منها المجتمعات المضيفة.
ويثير التأسيس لمشاريع جديدة «نقزة» جهات عدة في لبنان، حيث ترفض وزارة الخارجية الاشتراط على الدولة القيام بمشاريع إنمائية طويلة الأمد، في وقت تعدّ الدوائر المختصة في «الخارجية» ورئاسة الحكومة ورقة عمل حول الموضوع ترتكز على خطّة الاستجابة لسنة 2016. وعلمت «السفير» أنه من المتوقع أن يتم التوقيع على اتفاق بين المانحين ولبنان والأردن، من شأنه أن يحدّد بوضوح ودقة واجبات كلّ طرف في مسألة النزوح، وهو حالياً قيد المناقشة.
وفي ظل موجة الصقيع المناخي، لا يزال اللبنانيون ينتظرون بعض الدفء السياسي الذي يبدو أنه سيبقى «بعيد المنال»، حتى إشعار آخر، بفعل المنخفض الجوي الرئاسي المستمر، على الرغم من مبادرتي سعد الحريري وسمير جعجع اللتين تحولتا من حل مفترض الى أزمة جديدة.
وعلى وقع أصداء تفاهم معراب الرئاسي، تنعقد اليوم جلسة حوار جديدة بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» في عين التينة، وتليها بعد غد الاربعاء جلسة لهيئة الحوار الوطني، فيما ينعقد مجلس الوزراء الخميس المقبل، حيث سيتم إقرار التعيينات في المواقع الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري (أرثوذكسي وكاثوليكي وشيعي) بعدما تولى الرئيس نبيه بري رعاية التوافق عليها، إيذاناً بعودة الانتظام الى عمل الحكومة.
وعلم أن تفاهماً جرى مع عون على عودة وزراء «التيار الحر» ومعهم وزراء «حزب الله» الى مجلس الوزراء مع إقرار التعيينات التي راعت مطالب الجنرال، من دون ربط هذه العودة بمصير قيادة الجيش في ايلول المقبل، حيث تنتهي الولاية الممددة للعماد جان قهوجي، علماً أن بري رفض خلال النقاش مع عون البحث في هذه النقطة منذ الآن، مشدداً في المقابل على استعداده لبذل كل الجهود من أجل حسم التعيينات، بطريقة ترضيه، وهذا ما حصل.
رسائل هاتفية
وكانت لافتة للانتباه في نهاية الاسبوع الحرارة التي سرت في عروق «ديبلوماسية الهاتف»، مع الاتصال «الاستدراكي» من قبل العماد عون بالرئيس سعد الحريري الذي بادر بدوره الى الاتصال بالنائب سليمان فرنجية.
وإذا كان المكتب الإعلامي للحريري قد أوضح أنه كرر لعون ترحيب «تيار المستقبل» بالمصالحة بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر»، مؤكداً ضرورة النزول الى المجلس النيابي لإنهاء الشغور في موقع الرئاسة، فإن بعض المعلومات أفادت بأن عون أبلغ الحريري ما معناه أن المعطيات تغيرت بعد ترشيح جعجع له، لافتاً انتباهه الى أن تفاهم معراب يندرج في إطار ما كان قد طرحه الحريري عليه خلال لقاءاتهما السابقة حول ضرورة أن يحظى ترشيحه الى الرئاسة بموافقة مسيحية، كتوطئة ضرورية لموافقة «المستقبل».
أما اتصال الحريري بفرنجية، فإن أهميته ودلالته تتمثلان بالدرجة الاولى في تعمد الحريري الإعلان عنه، ذلك أن المعلومات تفيد بأن المشاورات الهاتفية لم تنقطع بين الرجلين طيلة الفترة الماضية، لكن من دون تظهيرها إعلامياً، وبالتالي فإن تقصد رئيس «تيار المستقبل» الإعلان عن اتصاله الأخير برئيس «تيار المردة»، بعد لقاء معراب واتصال عون به، إنما ينطوي، وفق العارفين، على رسالة واضحة بأنه ماض في ترشيح فرنجية وملتزم به، على الرغم من ترشيح جعجع لعون.
وأبلغت مصادر مسيحية «السفير» أن أبواب منزل فرنجية في بنشعي مفتوحة أمام عون أو الوزير جبران باسيل، في أي وقت، لكن أي زيارة من هذا النوع لن تغير في موقف فرنجية المتمسك بترشحه الى رئاسة الجمهورية، إلا إذا أبدى عون قبولاً علنياً بالخطة «ب» التي تقضي بأن ينسحب لفرنجية إذا لم يتمكن من الحصول على الأكثرية المطلوبة للوصول الى الرئاسة.
بري يرد على جعجع
وفي سياق متصل، أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 8 شباط المقبل لن تختلف عن سابقاتها، من حيث آليتها، فإذا توافر النصاب النيابي تنعقد، وإذا لم يتوافر تتأجل الى موعد آخر، مستبعداً وفق المعطيات الحالية أن يولد الرئيس في الجلسة المقبلة، وإن تكن الاتصالات والمشاورات ستستمر حتى ذلك الحين.
ولاحظ بري أن اللبنانيين لم يحسنوا الاستفادة من فرصة انشغال الفرقاء الإقليميين بعضهم ببعض لاقتناص لحظة انتخاب رئيس الجمهورية، لافتاً الانتباه الى أن الفرصة لا تزال قائمة، لكنها مؤجلة في الوقت ذاته، ويصح القول فيها إنها لا معلقة ولا مطلقة بسبب استمرار الخلاف الداخلي حول الاستحقاق الرئاسي.
وعن تعليقه على موقف رئيس «القوات» سمير جعجع الذي يعتبر أن الكرة أصبحت في ملعب «حزب الله» وأن الحزب قادر، إذا كان صادقاً في ترشيح عون، على إلزام حلفائه بالنزول الى المجلس النيابي والتصويت له، قال بري: ما المطلوب من «حزب الله» أن يفعله؟ هل يريدونه أن يضع مسدساً أو بندقية أو صاروخاً في رأس سعد الحريري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية ونبيه بري، لينتخبوا مرشحاً بعينه. القصة ليست هكذا.. والعلاقة بيننا كحلفاء ليست على هذا النحو.
ورداً على سؤال عما إذا كان بإمكان «حزب الله» الضغط على فرنجية لإقناعه بالانسحاب ودعم عون، أجاب: ولماذا يقبل فرنجية بالانسحاب ما دام ترشيحه هو الأقوى حتى الآن..
وعندما قيل لبري إنه سبق له أن أكد استعداده للقبول بما يتفق عليه المسيحيون رئاسياً، رد متسائلاً: هل اتفاق عون وجعجع يكفي؟ وماذا عن القطبين الاثنين الآخرين. لقد أكد لقاء بكركي، وليس أنا، أن الأقطاب المسيحيين الأقوياء هم أربعة وأنه يجب أن يكون هناك توافق بينهم حول الرئيس المقبل. وأضاف: عندما زارني مؤخرا الوزيران جبران باسيل والياس بوصعب، نصحتهما بأن يزورا فرنجية ويتفاهما معه، ولا أزال عند رأيي.
وكرر بأن لقاء معراب يشكل نقلة نوعية على صعيد المصالحة المسيحية، لكنه لا يغيّر الكثير في المأزق الرئاسي.